تنطلق زوال اليوم بالمحكمة الابتدائية بالرباط محاكمة الصحافية هاجر الريسوني ومن معها، وسط تضامن حقوقيونسائي واسع، أجمع على وجود استهداف أمني ترصد هاجر وخطيبها، ما دفع منتدى الكرامة لحقوق الإنسان إلىالتساؤل، في بيان، حول “مدى احترام الحق في حماية الحياة الخاصة، وسرية الاتصالات الشخصية المكفولةبمقتضى الدستور والقانون“. وانضم عشرات المحامين إلى هيئة دفاع هاجر ومن معها، فيما دعا مواطنون ومواطنات، بينهم فنانون ورياضيونوسياسيون، إلى وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة، بالتزامن مع انطلاق جلسة المحاكمة المقررة في الساعة الثانيةبعد الزوال. وتسعى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط إلى إثبات واقعة الإجهاض من قبل هاجر وطبيبها، إلا أن دفاعالريسوني ينفي بشدة أن يكون قد حصل ذلك من قبل موكلته، وهو ما يؤكده محضر الاستماع للريسوني الذي أعدتهالشرطة القضائية ووقعت عليه المتهمة، على خلاف محضر المعاينة والتفتيش الذي ينسب إلى الريسوني تصريحاتتقول هذه الأخيرة إنها “ملفقة“. ونفى المحامي سعد السهلي بشدة أن تكون موكلته قد قامت بالإجهاض، منتقداحملات التشهير التي تستهدف موكلته من قبل بعض وسائل الإعلام المعروفة بقربها من جهات في السلطة. ويبدو أن القضية بقدر ما خلّفت تضامنا واسعا من قبل هيئات حقوقية ونسائية وشبابية وطنية، بقدر ما أثارتالاستغراب الواسع لدى منظمات حقوقية دولية ترى أن اعتقال هاجر يعد “انتهاكا شديدا لخصوصيتها” على حد قولمنظمة العفو الدولية (أمنستي). في هذا السياق، طالبت منظمة “أمنستي” بإطلاق سراح الريسوني ومن معها“فورا“، وإسقاط كل التهم الموجهة إليهم، وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيمنظمة العفو الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “إن إلقاء القبض على هاجر الريسوني وأربعة آخرينظلم كبير، وهذه الادعاءات تمثل انتهاكاً شنيعًا لخصوصياتها“. واعتبرت المسؤولة الحقوقية أن رسالة الريسوني إلىجريدتها بشأن استجوابها حول كتاباتها السياسية، واثنين من أعمامها “يثير بواعث قلق من احتمال استهدافها منقبل السلطات فيما يتعلق بعملها الصحفي“. من جهته، طالب منتدى الكرامة لحقوق الإنسان بإسقاط المتابعة في حق هاجر الريسوني ومن معها، وأثار عددا منالأسئلة بشأن ما اعتبره خروقات محتملة في الملف، مؤكدا أن “توقيف الصحافية هاجر الريسوني قد تم من أمامعمارة بالشارع العام بحي أكدال بالرباط، من طرف رئيس فرقة الأخلاق العامة الذي كان مرفوقا بعناصر من فرقةمحاربة العصابات، وذلك بطريقة تطرح تساؤلات جدية حول مدى احترام الحق في حماية الحياة الخاصة، وسريةالاتصالات الشخصية المكفولة بمقتضى الدستور والقانون“. ويبدو أن المنتدى يشير إلى بلاغ النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط الذي ادعى أن توقيف الريسوني جاء بناءعلى معلومات توصلت بها الشرطة القضائية، بناء على مراقبة أمنية لعيادة الطبيب، غير أن وصول الفرقة الأمنية التيقامت بالاعتقال متأخرة إلى مقر العيادة الطبية، حيث وجدت الطبيب والممرض قد غادر كل نحو وجهته، في حين تمتوقيف الريسوني وخطيبها أمام مدخل العمارة في طريقهما نحو الشارع العام، يرجح وجود مراقبة أمنية وتنصتعلى اتصالات جرت بين هاجر الريسوني وخطيبها، وليس على الطبيب أو عيادته. وانتقد المنتدى إجبار الشرطة القضائية لهاجر الريسوني على إجراء خبرة طبية بغير موافقتها، مؤكدا أن ما قامت به“يعد معاملة قاسية ومهينة وحاطة بالكرامة الإنسانية، مما يستدعي فتح تحقيق فوري فيما تعرضت له من انتهاكاتلحرمة جسدها، طبقا لمقتضيات اتفاقية مناهضة التعذيب، التي صادق عليها المغرب“. وبناء على ذلك، يرى المنتدىأن التقرير الطبي الذي ورد ذكره في بلاغ النيابة العامة، دون أن يكون ضمن وثائق الملف الموجود لدى المحكمة، والذينسب إلى الصحافية هاجر الريسوني تصريحات بقبول القيام بالإجهاض، “يفتقر إلى المشروعية القانونية، لأنه ناتجعن معاملة قاسية ومهينة وحاطة بالكرامة الإنسانية“. وتوقف المنتدى عند تجاوزات بعض الأطباء “الذين أخلوابأخلاقيات مهنتهم الشريفة“، مؤكدا أن المنتدى قرر مراسلة الهيئة الوطنية للأطباء حول “تفاصيل الخروقات المرتكبةفي هذا الملف“، كما دعا المجلس الوطني للصحافة إلى التدخل ضد حملات التشهير والقذف، واحترام ميثاقأخلاقيات الصحافة، و“اتخاذ القرارات الزجرية اللازمة في حق المخالفين“. وانضمت الجمعية الديمقراطية لنساءالمغرب، المعروفة بمواقفها الرافضة لتجريم الإجهاض، إلى الهيئات الرافضة لاعتقال هاجر الريسوني، ونددت فيبيان باعتقال الريسوني و“بما تعرضت له من مس بكرامتها وإهانة لشخصها وتشهير بحياتها الخاصة“، وطالبب“إطلاق سراحها، وسراح باقي الأشخاص“، مؤكدة أن “الترسانة التشريعية التي تحاكم بها هي الجديرةبالاعتقال، والحكم عليها “بالإعدام” باعتبارها ترجعنا إلى عهود مراقبة الأفراد في حركاتهم وسكناتهم، والتحكم فيخصوصياتهم، وهي من سمات أزمنة العبودية“.