بعد أيام من نشر “الميثاق الوطني لأخلاقيات المهنة” في الجريدة الرسمية ودخوله حيز التنفيذ، وجه مهنيون انتقادات لاذعة للميثاق، معتبرين أنه يفرد جانبا واسعا للحديث عن التزامات الصحافيين مع تقزيم حجم الحديث عن حقوقهم، بالإضافة إلى انتقادات حول طريقة إخراج هذا الميثاق الذي لم يعتمد مقاربة تشرك المهنيين والفاعلين الحقوقيين. وفي ذات السياق، عبر “المنتدى المغربي للصحافيين الشباب”، في بلاغ له أصدره اليوم الجمعة، عن خيبة أمله إزاء مسار إعداد وصياغة “الميثاق الوطني لأخلاقيات مهنة الصحافة”، بسبب اقتضاب الميثاق في باب حقوق الصحافي واستفاضته في باب الواجبات والأحكام، وعدم أخذ الميثاق بعين الاعتبار لعدد من التطورات الرقمية والتكنولوجية والاجتهادات الدولية ذات الصلة بحرية وأخلاقيات مهنة الصحافة، بالإضافة إلى عدم تنظيم لقاءات وأيام دراسية تستدعى إليها التنظيمات المهنية والحقوقية لمناقشة الميثاق والتداول بشأنه قبل نشره. ويقول المنتدى إن الميثاق أفرد 30 مادة للحديث عن “واجبات” الصحافي، في حين لم يخصص سوى 3 مواد لحقوق الصحافي في القسم الرابع، وهو ما لا يتناسب وحجم المسؤولية الجسيمة للصحافي إزاء المجتمع، التي تفترض توفير الحماية الشاملة له على عدة مستويات، والتي لا تقتصر فقط على البنود الواردة في الميثاق، معتبرا أن “واجبات” الصحافيين في هذا الميثاق، صيغت بطريقة تجعلها “أحكاما زجرية”، أكثر منها ضوابط أخلاقية يجب أن يتقيد بها الصحافي، لاسيما وأنها كتبت بشكل فضفاض يقبل تأويلات متعددة. ويرى المنتدى أن الثورة التكنولوجية خلقت جيلا جديدا من الحقوق بالنسبة إلى الصحافيات والصحافيين، والتي لا يوجد لها أثر في “الميثاق الوطني لأخلاقيات المهنة”، ومن أبرزها الحق في “الأمن الرقمي” بما يعنيه من ضمانات بعدم تتبع تنقلاتهم الإلكترونية أو محاولة معرفة روابط مصادرهم، والحق في حماية أجهزتهم وحساباتهم على البريد الإلكتروني وفي شبكات التواصل الاجتماعية من التنصت والاختراق. ووفقا لتقرير صادر عن المقرر الأممي المعني بحرية الرأي والتعبير سنة 2015، فإن الصحافيين أصبحوا في حاجة كبرى “للحماية والتمتع بالأمن الافتراضي، بحيث يمكنهم التماس المعلومات وتلقيها ونقلها دون تعرضهم للخطر أو القمع أو الكشف أو الرصد أو أي استخدام غير سليم آخر لآرائهم وتعبيراتهم”. وعن الإعداد لهذا الميثاق، يقول المنتدى إن المشاورات تفترض أساسا اعتماد مقاربة تشاركية حقيقية عبر تنظيم لقاءات وأيام دراسية وندوات، تتم فيها استضافة مختلف الحساسيات الإعلامية والحقوقية والجمعوية، وهو الأمر الذي كان غائبا طيلة مسار إعداد وصياغة “ميثاق أخلاقيات المهنة”.