بعد تسرب مشروع قانون يتعلق بالهيئة الوطنية للصيادلة، من مذكرة تقديمية لوزير الصحة أنس الدكالي، أثارت محتويات المذكرة غضبا في صفوف العديد من الفعاليات الصيدلانية بالمغرب، والتي رأت في المشروع، الذي لم يُستشر المهنيون بشأنه، تكريسا لإضعاف الصيدلاني والتحكم فيه من لدن رئيس المجلس الوطني الذي يسعى المشروع إلى تعزيز صلاحياته وسلطاته على حساب الجهاز ككل، وهو ما اعتُبر تقهقرا في مجال الصيدلة، خصوصا بعد قرار الوزارة تأجيل انتخابات المجالس الجهوية. وحسب مصادر «أخبار اليوم»، فإن الوزارة، مع الفاعلين في قطاع الصيدلة، كانوا بصدد تحديث القطاع عبر تفعيل جهوية المجالس، وعدم الاقتصار على مجلسي الشمال والجنوب فقط، خصوصا أن القطاع يضم 12 ألف صيدلي، حيث يشمل المجلس الوطني ممثلين عن المجالس الجهوية التي انتُخبت منذ 4 سنوات، إضافة إلى الصيادلة المصنعين، والموزعين، وأيضا مجلس الصيادلة البيولوجيين. وأفادت المصادر ذاتها بأن اجتماعات بخصوص مشروع القانون عقدت في بداية الأمر مع الأمانة العامة للحكومة، لإنجاز مشروع توافقي لإخراج الجهوية في أسرع وقت، غير أن الاجتماعات توقفت دون مبرر، إلى أن جرى إخراج مشروع من لدن وزارة الصحة، التي راسلت به المجلس الوطني بعد سنتين، لإعطاء رأيه في المشروع. وأضاف المتحدث، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن المجلس الوطني انكب على صياغة مطالبه المهنية، قبل أن يفاجأ الجميع بتعيين وزير الصحة لجنة أخرى كان يرأسها عميد كلية الصيدلة في الرباط، قصد صياغة مشروع جديد، وهو ما جعل أعضاء المجلس يتحفظون على طريقة اشتغال تلك اللجنة، لتتوقف الأمور عند ذلك الحد، مدة أربع سنوات تقريبا، دون حديث عن المشروع، مشيرا إلى أن المجلس سبق له أن أجاب عن المشروعين السابقين؛ سواء الذي أنجزته وزارة الصحة أو الأمانة العامة للحكومة، وجرى تضمين ذلك في مقترحات مهنية لهيئة الصيادلة، اشتغلت عليها المجالس الجهوية ومجلس المصنعين ومجلس الإحيائيين، وصودق عليها بالمجلس الوطني من أزيد من ستة أشهر، لكن دون رد. وفوجئ الصيادلة بتداول رسائل بين المهنيين عبر التطبيق الاجتماعي «الواتساب»، تتضمن التماس وزير الصحة من رئيس المجلس الوطني تأجيل انتخابات المجالس الجهوية التي تنقضي ولايتها في غشت الجاري، وهو ما اعتبره الصيدلانيون طلبا غير قانوني، لأن الرئيس ليست له صلاحية اتخاذ القرار الذي يعود للمجالس الجهوية نفسها وفق القوانين المعمول بها في هذا الشأن، وهو ما جعل المجالس الجهوية تراسل وزير الصحة، أنس الدكالي، لمطالبته بتوفير اللوجستيك لإجراء انتخابات المجالس الجهوية بطريقة سليمة وشفافة، عن طريق تغطية جميع المدن المغربية، عبر مكاتب في المندوبيات الإقليمية، علما أن دور المجالس الجهوية يتمثل في الحفاظ على سلامة وصحة المواطن، وعلى قيمة المهنة، والحرص على تطبيق مبادئ المهنة وحماية المواطن من أي خطأ قد يرتكبه الصيدلاني في حقه. وكشفت مصادر «أخبار اليوم» أن أنس الدكالي راسل رئيس المجلس الوطني ملتمسا منه تأجيل الانتخابات المتعلقة بالمجالس الجهوية، لأن الوزارة وضعت مشروع قانون سيودع لدى الحكومة في غشت الجاري، مطالبا إياه بالسهر على السير العادي ومباشرة المهام، وهو ما يجعل ممثلي المجالس الجهوية يفقدون الشرعية القانونية لانتهاء ولايتهم، الشيء الذي أغضب ممثلي الصيادلة الذين اتهموا الوزارة بمحاولة السيطرة على القطاع، والعمل على تقوية رئيس المجلس الوطني، وإلغاء جميع الأجهزة الأخرى، وهذا أمر خطير. وتتضمن المذكرة المتداولة بين الصيادلة مشروع القانون رقم 98.18 المتعلق بالهيئة الوطنية للصيادلة، ويهم إعادة النظر في نمط الاقتراع، مع المحافظة على المبادئ الأساسية التي تتلخص في وحدة الهيئة، والاقتراع الأحادي الاسمي المباشر السري، وإجبارية التصويت، واعتباره حقا شخصيا لا يمكن تفويضه، إضافة إلى مراجعة كيفية انتخاب الرئيس من خلال التنصيص على انتخابه مدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة عن طريق الاقتراع الاسمي المباشر، فضلا عن تغيير النظام التأديبي، والتنصيص على إجراءات خاصة لتعليق عضوية أو عزل، وإناطة سلطة اتخاذ القرارات في المجال التأديبي بمجالس قطاعات الصيدلة ابتدائيا، وبالمجلس الوطني استئنافيا.