مؤسس وقائد منظمة كارتل ميديلين لإنتاج وتصدير المخدرات، والتي تحولت فيما بعد إلى شبه “دولة موازية”، هذا الرجل، “بابلوا إسكوبار” الذي أصبحَ بدوره “أسطورة” تُعلق صوره إلى جانب صور أبرز الأدباء الكبار والزعماء التاريخيين على غرار “تشي جيفارة” و”غاندي” ظل لغزًا عصيا إلى حين وفاته، بعدما وصل إليه فريق The Search Block وهو نخبة من الشرطة الكولومبية تشكلت خصيصًا للقبض على “إسكوبار” حيًا أو ميتًا أنداك عام 1993، وفضل إنهاء حياته بإطلاق رصاصة أسفل أذنه مطبقًا قاعدته الشهيرة “نحن نفضل مقبرة في كولومبيا على السجن في الولايات المتحدة”. “اليوم24” تنقل تصريحات تُنشر لأول مرة، حينما دست المخابرات الإسبانية في إطار تعاونها الدولي للقبض على “إسكوبار” شرطيا سرّيا إلى خليته، صدقه “إسكوبار” وسعى إلى توظيفه كمستشار شخصي له، والتقى به في الدارالبيضاء بأحد القصور الفخمة، ناقش معه عمليات في المغرب، وتصدير المخدرات نحو أوروبا، يقول هذا الشرطي، قلتُ لبابلوا “عمليتنا في أوروبا من المغرب ستحتاج أيضًا للشرطة الفاسدة..حتى لا ندخل معهم في اصطدام” فرد عليه إسكوبار “سنجأ لسلاح إذن ضدهم”. وعاد الشرطي السرّي للقول لإسكوبار “ستُقيم حرب عصابات في المغرب وهذا أمر خطير علينا..”. خوسيه مانويل كامانو” الشرطي السرّي الإسباني المندس بوجه مكشوف في هذه التصريحات التي خرج بها “خوسيه مانويل كامانو” الشرطي السرّي الإسباني المندس بوجه مكشوف لراديو ” Ceuta TV” الإسباني، يقول مانويل كامانو” كان ذلك في سبتمبر 1992 عندما التقيتُ “إسكوبار” في المغرب، آنذاك كنتُ أبلغُ من العمر 38 عامًا، وكنتُ أعمل كشرطي متسلل في “الكارتلات الغاليكية” التي كانت قاعدة لعمليات منظمة “كارتل ميديلين” التي يُديرها “إسكوبار”، وكانت مهمته مراقبة تحركات عصابات المخدرات وتوفير معلومات مهمة، كثيرًا ما انتهت بعمليات اعتقال وحجز شاحنات مخدرات. لحظة مقتل بابلوا إسكوبار فوق سطح منزله يقول “مانويل كامانو” حدث أول اجتماع بيني وبين “إسكوبار” عن طريق الصدفة “عندما ارتبطتُ بهم، وجدتهم يعرفونني بالفعل، وهم يعرفونني باسمي ولكن ليس كشرطي، لذلك ليس لدي خيار التصرف كعامل سري باستخدام اسم مزيف، كانوا يعلمون أنني أعمل في القنصلية، والخطير في الأمر أنهم تمكنوا من التعرف علي من خلال بعض رجال الشرطة الذين تم شراؤهم..كان كل ذلك مجرد تمويه في أصله”. يخبرنا الشرطي السابق أنه قبل أن يجتمع مع إسكوبار، كان قد تسلل إلى عشيرة دي لوس تشارلينز، إحدى أهم عائلات تهريب المخدرات في غاليسيا، التي بدأت في عام 1990 بنقل قوارب الكوكايين. ومع عصابات “لوس تشارلينز” تم تقديم “كامانوا” باستخدام اسمه الحقيقي، ولكن مع مبرر كان يعمل مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي في الحفريات الأثرية على الحدود مع الجزائر، وهي الدولة التي كان عندها صراع سياسي عسكري مع المغرب. وهذا ما يبرر سيارته الدبلوماسية، وتوقف عمله عندما أصبح الوضع على الحدود حادًا بسبب “صراع المغرب والجزائر على الحدود”. عصابات Charlines، جعلت “مافيا” إسكوبار يعتقدون أنه كان أيضا من “مافيا غاليسيا”، وبالتالي بدأ كسب ثقتهم، في علاقاتهم به وبفضل اتصالاته الدبلوماسية، أصبح رابطًا مهمًا لمساعدتهم في حل القضايا الجمركية لتهريب المخدرات. يروي المتحدث ذاته أن بابلو إسكوبار زعيم ميدلين كارتل سافر شخصيًا إلى المغرب للقاء زعماء من عصابات ” تشارلينز”، وهي عشيرة غاليسيان التي تتحكم في دخول الكوكايين إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، وكانت تتمتع بأوصال الثقة لدى بابلوا. “بفضل تغطيتي الدبلوماسية، كنا نخرج “أنا وإسكوبار” في سيارتي لتناول مشروب أو الذهاب في نزهة على الأقدام، وكانت سيارتي هي التي فتحت الأبواب… عندما يرونك هكذا، يبدأون في التفكير فيك كشخص يمكنه تقديم منفعة”. وفي عام 1992، يحضر “الشرطي المتسلل” اجتماعًا شارك فيه مهربي المخدرات المغاربة، إذ كانوا يتحدثون عن رفع من وتيرات العمليات وجلب المزيد من البضائع لنقلها في جميع أنحاء أوروبا، في ذلك الاجتماع، يستمع “كامانوا” إلى المترجم الشفهي للمغاربة، يقولون باللغة العربية إنه لتمرير آخر شحنة كان على عصابة Galician أن تدفعها مرتين، وسيكون ذلك التفصيل هو الذي سيؤدي ب”الشرطي السري” إلى مقابلة “بابلوا إسكوبار”. لاحقًا، سيلتقي الشرطي الإسباني “بابلوا إسكوبار” ليشرح له الخطة المغربية لشحن المخدرات والمال أيضًا، وجرى تقديم إسكوبار، في البداية باسم “دون إميليو”، وقال العميل السري لأسكوبار: “أنت كولومبيا، أنت تتعامل مع الإسبان والبضائع موجودة في المغرب، لذا يتعين عليك دفع جزء من من المال للشرطة الفاسدة”.. “سنطلق النار عليهم..إذن ..”، قال إسكوبار. بعد هذا الحديث، تمكن من إقناعه بأن الدخول في مواجهة سينتج عنه حرب مع الشرطة التي ستجذب الكثير من الاهتمام من مختلف ضباط الشرطة الذين كانوا في المغرب وخارجه، لا سيما إدارة مكافحة المخدرات التي راقبت البلاد لكونها منتجًا المخدرات لوقتٍ معين. في ذلك الاجتماع الأول، الذي انعقد في قصر فاخر جنوبالدارالبيضاء، أكد أن إسكوبار هو بشكل شخصي الصلة بين حركة المخدرات في غاليسيا وميديلين كارت، ووجوده في المغرب أعطى اهتماما أكثر لتعزيز قاعدة المعلومات الأمنية التي كانت تُساير بعض عمليات “إسكوبار” بشكل متأن. في منتصف مطاردة للشرطة بأسطح أحد أحياء ميدلين بعد أكثر من عام بقليل من لقائه مع كاماينو خلال شهر سبتمبر، ستعقد اجتماعات أخرى بين كاماينو وإسكوبار، والتي ستنتهي في نهاية المطاف، بعرض من إسكوبار للشرطي السرّي بالعمل كمستشار له. في ذلك الاجتماع الأخير، سعى بابلوا إلى تكليف الشرطي المندس بإنشاء فرع لمنظمة Medellin Cartel بالمغرب، وفي بادئ الحديث قال بابلوا للشرطي “هل تعرف من أنا؟ أنا بابلو إميليو إسكوبار غافيريا”، يتذكر كاميناو، وقُتل بابلو إسكوبار في منتصف مطاردة للشرطة من خلال أسطح أحد أحياء ميدلين بعد أكثر من عام بقليل على لقائه بكامانو. وقال كايمانيو لوسائل الإعلام الكولومبية “إذا بدأت مجموعات من الكولومبيين بالظهور في الدارالبيضاء، فسوف يُصبح التركيز بالكامل على المغرب، وإذا توقفوا عن استخدام المسار المعتاد وهو البرتغال وجاليسيا، سيفترضون وجود كوكايين وراءهم”. يقول مفوض الشرطة السابق المتقاعد اليوم إنه على الرغم من فوزه بثقة إسكوبار، إلا أن التسلل إلى كارتل الكولومبيين “كان مستحيلاً”، وهذا هو السبب في أنه كان مناسبًا له أن يظل الجاليكانيين الذين عملوا كاتصال مع كارتل دي ميديلين والكارتلات المغربية منذ أن تمكن في مؤسسته من تأسيس نفسه ولديه الكثير من المعلومات التي انتقلت لاحقًا إلى السلطات. ويصف إسكوبار كشخص لطيف معه، ولكن مع مزاج متغير جدًا، إذ يقول “شخصيته كانت لشخص متفجر تحول من كونه مباركاً إلى لعنة في الثانية. لقد شاهدت لحظات مرت من الهدوء تناول مشروبًا وألقى زجاجات كان يصرخ بشدة..”. بعد هذا الاجتماع الأخير حيث عرض إسكوبار العمل لصالحه، لم يره كاماينو مرة أخرى، لكنه قال إنه كان على وشك القبض عليه مع الحكومة الإسبانية قبل أشهر، وذلك بفضل “التسلل” الذي نجحَ فيه. على الرغم من تأكيد وجودهم وتم إطلاق عملية شارك فيها فريق العمليات الخاصة التابع للشرطة الإسبانية، إلا أن القائد الكولومبي تمكن من “السخرية منهم” والهروب في الطائرة قبل 10 دقائق من وصولهم المكان. في 1 ديسمبر 1993. قضى إسكوبار عيد ميلاده 44 في منزل يملكه مكون من طابقين، وكان لديه حارس شخصي واحد يدعى “ألفارو دي خيسوس أغوديلو” ويلقب (إل ليمون)، وكان ابن عمه “لوزميلا” طباخه الخاص. عندما أراد إسكوبار إجراء مكالمات هاتفية، ركب في سيارة أجرة صفراء للتمويه كان يقودها “إل ليمون”، وكانت تهنئة عيد ميلاده على الهاتف وكانت فترة اتصالاته مع عائلته أطول من المعتاد. قرر إسكوبار الاختباء في الغابة لإبعاد مطارديه عن طريقه، وكان يود توديع أمه أولاً، لكنه خشي الذهاب إلى شقتها في الصباح الباكر، وأخبرها بأنها المرة الأخيرة التي يراها في ميديلين. وكانت خطته تشكيل مجموعة جديدة وإنشاء دولة مستقلة يكون هو رئيسها. وفي 2 ديسمبر 1993، أرسل إسكوبار ابن عمه لشراء الإمدادات التي يحتاجها في الغابة، أجرى مكالمات هاتفية داخل سيارة الأجرة، خرج من سيارة أجرة وعاد إلى الشقة وهو لا يزال متصلا بالهاتف، واستغرق اتصاله مدة أطول من خمس دقائق، وكانت هذه غلطة فادحة. وفي تفاصيل الواقعة الشهيرة، اقتحم ستة من أعضاء كتلة البحث وأطلقوا النار على المرآب. سمعوا من المراقبين أن “إل ليمون” هرب من خلال نافذة متسلقا سطح قرميد برتقالي، أطلق أعضاء كتلة البحث عليه النار وأردوه قتيلاً. قفز إسكوبار إلى السقف، وبقي خلف جدار يحميه. كان يريد الهرب عن طريق الشارع الخلفي، وسارع على طول الجدار وكان إطلاق النار كثيفاً من جميع جهات المنزل والذي حطم الطوب والسقف، اعتقد بعض أعضاء كتلة البحث أنهم يتعرضون لهجوم من حراس إسكوبار وطلبوا المساعدة، لكن فوجئوا بسقوط إسكوبار ميتاً، وبدأت صيحات الفرح بالنصر. يقول روبرتو في كتابه (إسكوبار) عندما كانت الشرطة تقتحم المنزل في الطابق السفلي أرسل إسكوبار “إل ليمون” ليتحقق من الأمر، لكن تم قتله، حينها صعد إسكوبار إلى السطح واكتشف أنه محاط من كل الجهات، وكان قد عاهد نفسه بعدم تسليم نفسه أو أن يسمح لهم بقتله، عندها أطلق النار على نفسه في رأسه ليحرم الحكومة من ادعائها بأنهم قتلوه. تلقى إسكوبار ثلاث طلقات: في ظهره وساقه وفوق أذنه اليمنى، ويعتقد روبرتو أن التي فوق الأذن هي الطلقة الانتحارية. أما كايمانو، فاستمر لمدة 10 سنوات في المغرب، حيث عاش بين عصابات غاليسية ومغربية. وأخيراً، سيعود إلى مدريد (إسبانيا) بعد أن اضطر إلى الإدلاء بشهادته في العديد من المحاكمات ضد السفن المضبوطة، ونتيجة لذلك، فقد عانى من محاولة لقلته، على أيدي الكولومبيين الذين تم توظيفهم لقتله بسبب العصابات المغربية. اليوم تقاعد خوسيه مانويل كاماينو من الشرطة، وهو مكرس لكتابة الكتب حيث يمزج بين تجربة حياته كمتسلل في تجارة المخدرات.