خلّف قرار إلغاء الدورة الثانية من برنامج “التميز” للتلاميذ المتفوقين، الذي تنظمه مؤسسة درعة تافيلالت للخبراء والباحثين، بتعاون مع جمعيات محلية، ردود فعل غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي صفوف التلاميذ المستفيدين وعائلاتهم. القرار اتخذ بعد أسبوع من التضييقات التي مارستها السلطات العمومية في الرشيدية وامتدت إلى الرباط، حالت دون بداية طبيعية لبرنامج التكوين والتأطير كان من المقرر أن يستفيد منه 180 تلميذا متفوقا، يؤهلهم لاجتياز مباريات الولوج إلى المدارس والمعاهد العليا التي يوجد أغلبها في المدن الكبرى مثل الرباط والدار البيضاء. فلماذا واجهت السلطات العمومية المبادرة بالمنع منذ البداية؟ وهل لقرار المنع علاقة بالتهمة التي تروج حول علاقة مؤسسة درعة تافيلالت بحزب العدالة والتنمية والإسلاميين عموما؟ أم أن الخلفيات أبعد مما هو معلن من هذا الطرف أو ذاك؟ من المنع إلى الإلغاء في يوم الأحد 30 يونيو الماضي، انطلقت قافلة من 12 حافلة للنقل المدرسي تقل 180 تلميذا وتلميذة، من المتفوقين الذين حازوا على معدلات 14 من 20 فما فوق، رفقة مؤطريهم من نشطاء المجتمع المدني في أقاليم الرشيدية، نحو الرباط. خرج جزء من القافلة عبر مدينة ورزازات نحو مراكش ومنها إلى الرباط دون أي مشكل، فيما توجه الشطر الثاني من القافلة عبر طريق ميدلت، مكناس، ثم الرباط. وبينما سار الشطر الأول من القافلة نحو وجهته دون أي اعتراض، واجه الشطر الثاني عراقيل غير متوقعة. فعلى مشارف ميدلت، أوقفت القوات العمومية حافلات النقل المدرسي، بحجة أنها “لا تتوفر على رخصة للتنقل خارج الجهة، رغم أننا قمنا بنفس إجراءات السنة الماضية”، يقول مصطفى الرافي، عضو المكتب التنفيذي لمؤسسة درعة، لكن المنظمين يذكرون جيدا أن “السنة الماضية لم يطلبوا منا أي رخصة، لأن الحافلات أصلا في ملكية مجلس الجهة”. لم يستوعب المنظمون قرار السلطات، لكن “تفهمنا مبرر القرار”، يقول رئيس مؤسسة درعة تافيلالت، الطيب صديقي. أما رئيس مجلس جماعة الرشيدية، عبد الله هناوي، فقد اعتبر منذ البداية أن “قرار المنع تعسفي”، وأنه ينطوي على “خرق سافر للقانون، وذبح شنيع لحرية التنقل”، لا لشيء، من وجهة نظره، سوى أن جهات معينة “لا تريد أن يكون هناك سفر مع مؤسسة درعة تافيلالت للباحثين”. أعادت القوات العمومية حافلات النقل المدرسي من مشارف مدينة ميدلت إلى الرشيدية، وعوض أن يطلب المنظمون رخصة من السلطات، لجأوا إلى حل آخر، وهو التنقل إلى الرباط في حافلات للنقل العمومي، لكن السلطات أصدرت قرارا ثانيا بالمنع دون تفسير، وأمام احتجاج المنظمين “اتصلت بنا ولاية الرشيدية، وطلبوا منا التزاما يفيد أن مؤسسة درعة تافيلالت من ستستقبل التلاميذ في الرباط، وقد أرسلنا لهم الالتزام، ثم سمحوا لهم بالسفر بعد ذلك، لكن باستعمال سيارات أجرة كبيرة”، يؤكد الصديقي. كان مقررا أن ينطلق برنامج التكوين والتأطير في الرباط يوم فاتح يوليوز، على اعتبار أن مباريات الولوج للمدارس والمعاهد العليا ستبدأ في الأسبوع الأخير من شهر يوليوز الجاري، لكن العرقلة حالت دون استكمال الرحلة إلا يوم الاثنين فاتح يوليوز، حيث وصل أول فوج حوالي التاسعة ليلا إلى الرباط، وآخر فوج حوالي الساعة الثانية ليلا من صباح يوم الثلاثاء إلى أمام مؤسسة ثانوية “الليمون” بالرباط، حيث ستبدأ سلسلة أخرى من المضايقات. قبل وصول التلاميذ من الاثنين، “كانت اللجنة المنظمة قد زارت الثانوية، واطلعت على فضاءات الإيواء، والأكل، والتكوين، واتخذت كل الترتيبات اللازمة”، يقول الصديقي، الذي أوضح قائلا: “كنا قد طلبنا كمؤسسة من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين في الرباط تمكيننا من ثانوية الليمون، وقد وافقوا مشكورين، لكن شفويا”. وواصل “عندما وصل أول فوج حوالي التاسعة إلى أمام الثانوية المذكورة، فوجئنا أنها مغلقة، وللأسف حين سألنا قيل لنا إنها التعليمات”. في تلك الليلة تحركت هواتف أكثر من مسؤول وبرلماني، ووصل الخبر إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لكن رغم ذلك، فإن أقصى ما اقترح على المنظمين هو الانتقال إلى بوزنيقة للمبيت في إقامة سياحية خاصة هناك، “كان العياء قد أرهق التلاميذ والتلميذات، وكانوا بحاجة إلى مكان للمبيت في انتظار الصباح”. وفي اليوم الموالي، أي الثلاثاء 2 يوليوز، “دعونا إلى اجتماع، وتقرر البحث عن مؤسسة خاصة، فوقع الاختيار على إقامة جامعية خاصة بحي العرفان، وبالفعل انتقلنا إلى عين المكان، فوجدنا الترحاب من جانب المدير، واتفقنا على كل شيء، على أساس أن يبدأ استقبال التلاميذ حوالي الساعة الرابعة زوالا، وهو ما التزمنا به من جهتنا”، يقول الصديقي. حل الفوج الأول حوالي الساعة الرابعة كما هو متفق عليه، وبعد فترة وجيزة وصل الفوج الثاني، لكن حراس الأمن في الإقامة الجامعية منعوه من الولوج إلى الداخل، “قالوا لنا لدينا تعليمات بالمنع”، يقول أحمد القدوسي، فاعل جمعوي ومؤطر في برنامج “التميز”. تلاحقت أفواج التلاميذ والتلميذات نحو مقر الإقامة الجامعية الخاصة بالعرفان، وفيما كانت قوات الأمن تحيط بالمكان، انتشرت صور التلاميذ والتلميذات على وسائل التواصل الاجتماعي، وساد غضب واسع ينتقد “بهدلة” نخبة من تلاميذ الجهة الأكثر فقرا في المغرب. أحضرت السلطات المحلية في الرباط حافلات على وجه السرعة، وهكذا تم نقل التلاميذ إلى فنادق المدينة، حيث قضوا ليلتي الثلاثاء والأربعاء، وفي صباح الخميس، عادوا مرة أخرى إلى بوزنيقة. “قبل أن نقرر التوجه إلى بوزنيقة والبقاء هناك، أشعرنا السلطات المحلية بذلك، وذهبنا كمؤسسة إلى ولاية الرباط، قلنا لهم: إذا كنتم ستمنعوننا مرة أخرى، أخبرونا من الآن، لكن أقصى ما قيل لم يكن يفيد المنع بتاتا”، يؤكد الصديقي. انتقلت أفواج التلاميذ والتلميذات مرة أخرى من فنادق الرباط إلى بوزنيقة، حيث توجد إقامة في منتجع سياحي، يؤكد أحمد القدوسي، لكن المضايقات أضحت من نوع آخر، “زيارات متتالية لعناصر الدرك الملكي والسلطات المحلية، جعلت التلاميذ يتساءلون ما إذا كانوا سيتعرضون للمنع مرة أخرى”. وتحت الضغط، اجتمعت اللجنة المنظمة وقررت إلغاء الدورة الثانية من برنامج التميز، وأصدرت بلاغا رسميا يفيد أن “الظروف غير مواتية لاستكمال برنامج المصالحة”. بحسب مصادر من المكتب التنفيذي لمؤسسة درعة، فإن السبب الرئيسي وراء قرار الإلغاء أمران: الأول، يتمثل في الزيارات المتكررة لعناصر الدرك الملكي والسلطات المحلية، ما جعل الأجواء والظروف غير مناسبة للاستمرار في إنجاز البرنامج للتلاميذ، الذين أضحوا متخوفين من قرار المنع مرة أخرى، أما الثاني فهو قرب موعد امتحانات المعاهد والمدارس العليا التي لم يتبق لها سوى 10 أيام. حين اجتمعت اللجنة المنظمة وقررت إلغاء البرنامج، “حجت إلى عين المكان السلطات المحلية لمدينة بوزنيقة، تقترح إمكانية التراجع عن القرار والاستمرار دون مضايقات، كما أبلغنا مدير المنتجع السياحي نفس المقترح، لكن كنا قد اتخذنا القرار، ولا يمكننا التلاعب بمصير التلاميذ مرة أخرى”، تقول نفس المصادر من المكتب التنفيذي لمؤسسة درعة. تهمة البيجيدي والعدل والإحسان لم تعلن السلطات سبب التضييق على المبادرة، سوى في المرة الأولى حين ربطت قرار منع الرحلة بعدم حصول سيارات النقل المدرسي على رخصة من السلطات للتحرك خارج دائرة النفوذ الترابي للجهة، لكن حين تكرر المنع مرة ثانية وثالثة تبين أن السبب أبعد من ذلك. بعض وسائل الإعلام المقربة من السلطة، روّجت أن السبب يعود إلى علاقة مؤسسة درعة تافيلالت بحزب العدالة والتنمية، وذهب البعض إلى أن المبادرة تندرج ضمن حملة انتخابية سابقة لأوانها. في هذا السياق، بث عدي بوعرفة، النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، والكاتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للصحة (ODT) شريطا “لايف” على صفحته بالفايسبوك، يحتفي فيه بقرار منع التلاميذ المتفوقين من قبل السلطات العمومية في الرشيدية، لأن الحبيب الشوباني، رئيس الجهة، منح حافلات النقل المدرسي للتلاميذ في إطار “التحضير المسبق للانتخابات”. واعتبر أن القوانين “لم تحترم”، ما جعل السلطات المحلية “تتدخل لوقف المهزلة”، على حد قول بوعرفة. بل إن بعض الفاعلين اليساريين ذهب أبعد من ذلك، وأقحم جماعة العدل والإحسان في الموضوع، من خلال الادعاء بأن هناك علاقة “تبادل للمنافع” غير مكشوفة بين “البيجيدي” والعدل الإحسان، ويزعم أنه إذا كانت مؤسسة درعة تافيلالت مقربة من “البيجيدي”، فإن بعض الجمعيات المحلية التي تتعاون معها في تنظيم عملية المرافقة لها صلة بجماعة العدل والإحسان، وبالتالي فإن أغلب التلاميذ المستفيدين هم أبناء الإسلاميين في النهاية وليس غيرهم. ويلجأ بعض هؤلاء ممن يزعمون صلة مؤسسة درعة ب”البيجيدي”، إلى علاقة الدعم والمساندة التي يوفرها رئيس جهة درعة تافيلالت، الحبيب الشوباني، للمؤسسة، والذي يحرص باستمرار على الحضور لأنشطتها، بل إن بعض وسائل الإعلام تزعم أن الفكرة في أساسها تعود إلى الشوباني، خصوصا وأن تأسيس مؤسسة درعة تافيلالت كان في مارس 2016، أي أشهرا قليلة على انتخاب الشوباني رئيسا للجهة. لكن الصديقي، رئيس المؤسسة، ينفي أي صلة لمؤسسته بأي حزب سياسي، ويؤكد قائلا: “لم تكن لي أي علاقة بحزب العدالة والتنمية، ولا بأي تنظيم مقرب منه، وأول شخص التقيته من قادة هذا الحزب هو رئيس الجهة، الحبيب الشوباني، بحكم منصبه. وللإشارة بعض أفراد عائلتي ينتمون إلى حزب الاستقلال، وأنا هاجرت مباشرة بعد حصولي على البكالوريا إلى فرنسا، حيث درست واشتغلت حتى سنة 2011، حيث قررت الرجوع إلى المغرب بعد أن استدعيت للعمل في جامعة الرباط الدولية التي أسسها الملك محمد السادس في سنة 2010، لقد عدت استجابة لنداء جلالة الملك وبدافع وطني صرف”. وردّا على من يقول إن فكرة تأسيس مؤسسة درعة تافيلالت تعود إلى الحبيب الشوباني، أوضح الصديقي أن الفكرة قديمة لديه ولدى عدد من الأطر والباحثين من أبناء المنطقة، “في سنة 2011، بعد أن عدت للمغرب للعمل في جامعة الرباط الدولية، التي أنشئت بغرض استقطاب الأطر المغربية في الخارج، فكرت، رفقة زملاء وأصدقاء من داخل المغرب وخارجه، تأسيس إطار مدني يجمع أطر المنطقة التي أنحدر منها، بهدف الإسهام في تنميتها، وكان الاسم الأول الذي اقترحناه هو مؤسسة “تودغا الكبرى للأطر العليا”. ويضيف الصديقي؛ “كانت لدي مكانة ومنصب مرموق في فرنسا، حيث كنت أعمل في شركة “أريفا” للطاقة النووية، ولم أكن أفكر في العودة إلى المغرب، إلا بعدما جرى الاتصال بي للعمل في جامعة الرباط الدولية، فلبيت النداء، وحين استقر بي المقام في الرباط، كان أول ما قمت به هو المبادرة إلى تأسيس “تودغا الكبرى للأطر العليا”، ولم أكن أعرف حينها الشوباني، ولا أي حزب سياسي آخر، بدأنا النقاش حول المشروع، وفي 2013 وضعنا أول قانون أساسي لمؤسسة “تودغا الكبرى”، وقد تزامن ذلك مع شروع الدولة في الحديث عن الجهوية المتقدمة، فقررنا التريث إلى حين أن تنضج الفكرة لديها، بما يسمح لنا بتعميم فكرتنا لتشمل كل أقاليم الجهة، ولهذا السبب تأخر التأسيس إلى سنة 2016”. زار الصديقي وبعض زملائه مكتب مجلس جهة درعة تافيلالت في الرشيدية، وتم طرح الفكرة على المكتب بجميع أعضائه، فرحبوا أغلبية ومعارضة، وأكدوا استعداد مجلس الجهة إبرام اتفاقية للتعاون بمجرد الإعلان عن المؤسسة بشكل رسمي. شجع استعداد مجلس الجهة لدعم المؤسسة المنتظرة الصديقي وزملاءه على تسريع وتيرة العمل، وسرعان ما أطلقوا بوابة إلكترونية بثلاث لغات (العربية، الفرنسية، الإنجليزية)، تشرح فكرة المؤسسة وأهدافها، وتدعو إلى الالتحاق بها، وفي ظرف شهرين تسجل 1200 خبير وباحث ينحدرون من أقاليم المنطقة، ويوجدون في 39 دولة عبر العالم، في أوربا وأمريكا وآسيا، وفي 26 مارس 2016 قررنا تنظيم ملتقى علمي في أرفود، حضره أزيد من 700 خبير وباحث تحملوا نفقات السفر والإقامة، أغلبهم يقيم في أمريكاوفرنسا وكندا واليابان وبريطانيا، ليست بينهم سابق معرفة، ومنهم من لم يزر المنطقة لأزيد من 30 عاما، وخلال الملتقى تقرر عقد جمع عام وتأسيس مؤسسة درعة تافيلالت للخبراء والباحثين، ترأسه رئيس جامعة أكادير عمر حلي، وانتخب مكتب تنفيذي من 11 شخصا من بين 96 مترشحا، كما انتخب الطيب الصديقي رئيسا للمؤسسة الجديدة، وخلال كل تلك المراحل لم يكن يذكر الشوباني ولا اسم العدالة والتنمية، “بالعكس، نحن 11 في المكتب، منا اثنان ينتميان لحزب الاستقلال والحركة الشعبية، والباقي بدون انتماء سياسي”، يؤكد الصديقي. انكب مكتب المؤسسة على تأكيد الهوية العلمية والبحثية للمؤسسة بعيدا عن أي اصطفاف سياسي، فبعد أشهر من التأسيس، انعقد المؤتمر العالمي حول المناخ في مراكش (كوب 22)، وقررت المؤسسة المشاركة فيه بمشروع علمي بحثي يحمل اسم “واحدة الأنوار”، أعده 60 خبيرا وباحثا أعضاء في المؤسسة، يرمي إلى تحويل أقاليم الجهة إلى قطب استثماري من خلال غرض حقول متراصة من النخيل، تحمي البيئة من التصحر، ويتم إنشاء معامل لتثمين أنواع مختلفة من التمور، وبناء منتجعات سياحية صحراوية، ومختبرات دولية للبحث العلمي حول شجرة النخيل والتمور، وبناء طرقات وفضاءات خضراء تربط بين الأقاليم الخمس للجهة، لكن “الفكرة لم تلق الاهتمام المستحق بها لا من مجلس الجهة، ولا من الحكومة، ولا من أي جهة أخرى، ولا زالت تنتظر”. لتأكيد نفس التوجه العلمي، تنظم المؤسسة مؤتمرا علميا سنويا آخره كان سنة 2018، خصص لتناول إشكالية الماء والتغيرات المناخية، بمشاركة 300 خبير دولي من أعضاء المؤسسة والهيئات الشريكة داخل المغرب وخارجه، وخرج بعدة توصيات، بل إن فريقا من المؤسسة انكب على تفعيل بعض توصيات الندوة فيما يخص “نموذج السدود الملائمة للبيئة الصحراوية”، برئاسة الخبير المغربي في فرنسا، محمد منديش، الذي أشرف على إعداد دراسات حول الأقاليم الخمسة للجهة، وقد قدمنا الدراسات والأبحاث المنجزة إلى والي ولاية الجهة تحديدا. وفي سنة 2017، أطلقنا المشروع حول “تثمين مخلفات النخيل من أجل إنتاج الطاقات المتجددة”، بشراكة مع جامعة ألمانية ومركز البحث العلمي بفرنسا وجامعة تونس وجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، ممولا من الاتحاد الأوربي ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي المغربية، وقد أقيم المشروع في واحة “تودغا” بتنغير، ويشتغل فيه حاليا طلبة باحثين ينحدرون من الجهة، وأساتذة جامعيون وخبراء من المؤسسة. انخراط المؤسسة في بلورة مشاريع علمية للجهة، نال استحسان أكثر من جهة، وفي سنة 2018 انخرطت المؤسسة في تفعيل الهدفين 9 و10 من أهدافها، أي دعم الشباب المتميز في الجهة، خصوصا بعدما “اتصل بنا بعض الآباء، وبعض الجمعيات بالجهة تطلب إيلاء العناية للشباب أبناء المنطقة”، يقول الصديقي. أحمد القدوسي، فاعل جمعوي، واحد من هؤلاء الذين اقترح فكرة “برنامج التميز”، يؤكد “أنا من بين من اقترحوا الفكرة على مؤسسة درعة تافيلالت، اقتبستها من مؤسسة “القائد الآخر” في تنغير، لكن برؤية أخرى، وكنت من بين من أشرف على تنظيم الدورة الأولي السنة الماضية في مراكش، من البداية إلى النهاية، نتكلف نحن كجمعيات بالتنقل، وتتكلف مؤسسة درعة بالإيواء والتكوين والتأطير، ولا علاقة للفكرة بأي أجندة سياسية على الإطلاق، لأننا اتفقنا منذ اليوم الأول أن الأجندة السياسة خط أحمر بالنسبة لنا، ولهذا شارك معنا في الدورة الأولى تلاميذ وتلميذات آباؤهم رجال أمن ودرك وسلطة، لأنهم مطمئنون أن الهدف تكويني علمي محض، ونحن نساعدهم مهما كانت خلفياتهم الاجتماعية في التوجه نحو المستقبل”. في الدورة الأولى سنة 2018، استفاد من التكوين والتأطير في مراكش نحو 70 تلميذا وتلميذة فقط، وقد تمكنت نسبة 80 في المائة منهم من النجاح في مباريات الولوج إلى المعاهد والمدارس العليا، في الوقت الذي وفرت مؤسسة درعة تافيلالت نحو 200 منحة لفائدة من لم يتمكن من اجتياز مباريات المعاهد والمدراس العليا، وبلغ عدد الممنوحين 50 تلميذا وتلميذة يتابعون دراستهم في جامعات خاصة في بنكرير وفاس والرباط وغيرها. شجع نجاح الدورة الأولى المنظمين، مؤسسة وجمعيات، على الرفع من عدد المستفيدين في الدورة الثانية هذه السنة، ليبلغ حوالي 300 تلميذ وتلميذة، هم ألمع تلاميذ درعة تافيلالت الحاصلين على البكالوريا هذا العام من بين 2000 تلميذ وتلميذة حصلوا على ميزة في جهة درعة تافيلالت، ويبدو أن السبب الحقيقي وراء التضييق والمنع الذي تعرضوا له يعود إلى هذه النقطة الحساسة بالضبط، فالسلطة لا تريد من ينافسها على استقطاب نخب المستقبل، خصوصا إذا كان المنافس لا يفكر وفق هواها.