كشف أنور بنعزوز، المدير العام للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، أن الشركة كانت مهددة بالإفلاس خلال صيف 2014، ولم يكن بإمكانها أداء أجور موظفيها البالغ عددهم 600 شخص ومواصلة أنشطتها، وذلك بسبب الديون التي تراكمت عليها ووصلت حوالي 40 مليار درهم، بنسبة دين بلغت 4,9 من الرساميل الخاصة. وكشف بنعزوز أمام لجنة المراقبة المالية بمجلس النواب، الثلاثاء الماضي بمجلس النواب، بحضور عبد القادر عمارة، وزير التجهيز والنقل، أن الممولين الدوليين أبلغوا حينها الشركة أنهم سيتوقفون عن تزويد الشركة بمزيد من القروض لإنجاز مشاريعها إذا بلغت نسبة الدين 4 في المائة، وهو ما تجاوزته الشركة. وما زاد من تأزيم وضع الشركة هو عدم أداء الدولة لمبلغ 1,2 مليار درهم للشركة عبارة عن متأخرات الضريبة على القيمة المُضافة، كما أن نفقات الشركة تجاوزت مداخيلها بحيث وصلت 4,8 مليار درهم سنويا مقابل 2,5 مليار درهم من المداخيل. وأمام هذه الوضعية الصعبة، كشف بنعزوز الذي تم تعيينه على رأس الشركة في يناير 2014، خلفا لعثمان الفاسي الفهري، أن اجتماعات ماراطونية عقدت مع مصالح وزارة المالية والقطاع الوصي، لإيجاد حل للأزمة، وأن الشركة راهنت في البداية على تطبيق العقد البرنامج بين الشركة والدولة ويمتد ما بين 2016- 2030، والتي تلتزم بمقتضاه الدولة بأداء 13 مليار درهم للشركة خلال هذه الفترة، لكن تبين أن الدولة لن تقدم هذا المبلغ، بسبب الوضعية المالية لميزانية الدولة. وأشار بنعزوز إلى أنه كان ضروريا البحث عن حل آخر، يتمثل في إعادة جدولة 50 في المائة من الديون السندية والامتيازية (حوالي 20 مليار درهم)، وإصدار الشركة لسندات مضمونة يصل مداها إلى 30 سنة، مع فترة إمهال تمتد ل15 سنة. في 2018 وصلت المديونية إلى 39 مليارا و291 مليون درهم، بتراجع قدره 100 مليون درهم، ما بين 2015 و2018، وهي تتكون من 2 مليار و900 مليون درهم ديون للأبناك، و16 مليارا و41 مليون درهم عبارة عن سندات، و20 مليارا و350 مليون درهم ديون امتيازية. وهذا ما مكن الشركة من استعادة توازنها في 2017، والاستغناء عن 13 مليارا التي وعدت بها الدولة. وخلال ثلاث السنوات الأخيرة تراجعت المديونية وبلغت نسبة الدين 1,5 في المائة بدل 4,9 في المائة. ونجحت الشركة في استعادة توازنها، بل إنها حققت أرباحا لأول مرة بلغت 45 مليون درهم في 2017، وحوالي 104 مليون درهم سنة 2018. كما ارتفع رقم معاملاتها من مليار و300 مليون إلى 3 ملايير و100 مليون درهم. وبلغت نسبة حركة المرور في الطرق السيارة حوالي 25 في المائة بدل 10 في المائة. وتطورت حركة المرور عبر الطرق السيارة في المغرب، بحيث تمر عبرها 400 ألف عربة يوميا على شبكة طولها 1771 كلم (ثاني شبكة في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا)، أي ما يعادل مليون و200 ألف مسافر يوميا، و400 مليون مسافر في السنة. وتسعى الشركة إلى توسيع استعمال الأداء الإلكتروني في الطريق السيار عبر تقنية “جواز”، والتي وصل عددها إلى 500 ألف، في حين تطمح الشركة ليصل عدد مستعمليه إلى مليون مستعمل. وبلغت استثمارات الشركة في إنجاز الطرق السيارة 55 مليار درهم منذ إنشائها في أواخر الثمانيات (80 مليار إذا أخذنا تقلبات الدرهم بعين الاعتبار). ومن مشاريعها المستقبلية إنجاز الطريق السيار كرسيف الناظور بميزانية تبلغ 5 مليار درهم. وحسب وزير التجهيز والنقل عبد القادر عمارة، فإن الحكومة تبحث عن نموذج جديد لتمويل مشاريع الطرق السيارة بمشاركة القطاع الخاص، على أساس أن تعوض الدولة خسائر بعض المحاور الطرقية غير المربحة. ورغم الإصلاح التي تم اعتماده لإنقاذ الشركة، فإنها لازالت تعاني عدم استرداد الضريبة على القيمة المضافة من الدولة، والتي تراكمت لتصل إلى 4.3 مليار درهم في أواخر سنة 2018، وفي انتظار استرجاعها، عملت الشركة عل توقيع اتفاقات مع الدولة من أجل الإعفاء الضريبي لبعض المشاريع الاستثمارية.