بينما تواصل الإدارة الأمريكية التعبئة حول “صفقة القرن”، أعلن المغرب وفرنسا، أول أمس السبت، أن لا علم لهما بأي خطة سلام أمريكية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، في خطوة قد تؤثر على نجاح “ورشة المنامة” يومي 26 و27 يونيو الجاري، والمقرر أن تعرض خلالها الشق الاقتصادي من “الصفقة”. الموقف المغربي والفرنسي أعلن عنه كل من وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، ووزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، في مؤتمر صحافي مشترك بالرباط، عقب زيارة الأخير إلى المغرب ليوم واحد. وبعبارات قوية، قال لودريان للصحافيين “إذا رأى أحد منكم الخطة الأمريكية، فليطلعنا عليها مشكورا”. وتابع قائلا: “يمكنني تأكيد ذلك، خصوصا أني شاركت في لقاء يوم الخميس الماضي بين الرئيس (الفرنسي) ماكرون، والرئيس (الأمريكي) ترامب”. وكان الرئيس الأمريكي قد زار فرنسا لحضور فعاليات ذكرى إنزال الحلفاء في النورماندي شمال فرنسا إبان الحرب العالمية الثانية. بدوره، أكد بوريطة أن المغرب “لم يطلع بعد على أي خطة سلام أمريكية”، وعن الموقف منها أوضح قائلا: “سنعلن موقفنا حين نطلع على ملامح هذه الخطة ومحتواها وتفاصيلها”. وتأتي تصريحات بوريطة، أيضا، لتكشف أن مستشار الرئيس الأمريكي وصهره، جاريد كوشنر، الذي قام بزيارة إلى المغرب في نهاية شهر ماي الماضي، لم يطلع فيها المسؤولين المغاربة لا على ملامح الخطة، ولا محتواها، ولا تفاصيلها، كما عبّر عن ذلك الوزير بوريطة. وكان كوشنر قد زار المغرب في جولة قادته إلى الأردن، ثم إسرائيل، من أجل التعبئة لورشة المنامة يومي 26 و27 يونيو الجاري، حيث من المقرر أن تطرح الإدارة الأمريكية الشق الاقتصادي من الخطة، على رجال أعمال ووزراء المالية ومستثمرين تمت دعوتهم إلى الورشة. وتواجه “صفقة القرن” الأمريكية اعتراضا واسعا، منها الصين وروسيا وتركيا، كما يرفضها الفلسطينيون، علاوة على المغرب والأردنوفرنسا ودول أخرى عديدة. عباس بوغالم، أستاذ العلوم السياسية بوجدة، علق على الموقف المغربي والفرنسي قائلا: “رفض مسبق للمشاركة في ورشة البحرين التي تعبئ لها الإدارة الأمريكية”، وأضاف أن “تنسيق الموقف بين المغرب وفرنسا، وإعلان ذلك من العاصمة الرباط، يأتي من إدراك الفرنسيين أن الموقف المغربي يمثل توجها واسعا في المنطقة العربية والعالم الإسلامي”. مشيرا إلى التصريحات الأخيرة للملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، التي أشاد فيها بالموقف المغربي من قضية القدس وفلسطين. القضية الثانية التي تطرق لها كل من وزيري خارجيتي البلدين هي ليبيا، وبينما أكد المغرب على موقفه الداعم للحل السياسي، وللتفاوض، والرافض للحل العسكري، دعا الوزير الفرنسي إلى “وقف فوري لإطلاق النار”، وفسح المجال أمام “تنفيذ خارطة طريق تؤدي إلى انتخابات”. وينطوي الموقف الفرنسي على مراجعات، إذ سبق وأن اتهمت فرنسا من قبل حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا بدعم الحملة العسكرية للجنرال خليفة حفتر على العاصمة طرابلس منذ 4 أبريل الماضي، وهي الحملة التي تدعمها دول عربية مثل السعودية والإمارات ومصر. وقال عباس بوغالم إن فرنسا “كانت تلعب على الحبلين” فيما يخص الموقف من الأوضاع في ليبيا، بحيث أنها “لم تقطع كل الصلة بحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لكنها اتُّهمت بمساندة الحملة العسكرية لحفتر”، وأضاف أن “فشل الجنرال حفتر في تحقيق أهدافه خلال فترة زمنية معقولة، جعلها تراجع حساباتها، من خلال الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار”. وحمل الوزير بوريطة تدهور الوضع في ليبيا إلى “الفاعلين المحليين” الذين “لا يملكون الإرادة السياسية”، كما حمل المسؤولية في ذلك إلى “الدول المنخرطة مباشرة في الصراع الليبي”. وقال إن المغرب “يُولي أهمية كبرى للاستقرار المغاربي، ويعتبر استقرار ليبيا أولوية”، مشددا على ضرورة تحمل مختلف الأطراف لمسؤولياتهم للوصول إلى حل.