بعدما تزايدت شكاوى المقاولات الصغرى والمتوسطة بالقطاع الخاص، من تماطل مؤسسات الدولة والإدارات العمومية والجماعات الترابية، في التأخر عن تسديد مستحقاتها المترتبة عن أشغال وتجهيزات منجزة لفائدتها، لمدد متفاوتة تتراوح ما بين 3 أشهر وسنة كاملة أحيانا، تحرك مسؤولو أم الوزارات لعقد لقاءات عمل مع جميع المتدخلين المعنيين، من أجل مدارسة هذا الإشكال الذي يعيق المسار التنموي للبلد، ويؤثرا سلبا على تنافسية المقاولات، بل ويهدد وجودها واستمرارها في سوق الشغل. في هذا الصدد، كشف والي جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، محمد مهيدية، خلال اللقاء الذي انعقد صباح أول أمس الخميس بطنجة، حول تحسين مناخ الأعمال وتقليص آجال أداء مستحقات مؤسسات الدولة لفائدة المقاولات الخاصة، أن المجهودات المبذولة في مجال الاستثمار العمومي بالجهة، تجاوز 31 مليار درهم العام الماضي، ساهم في خلق بنيات اقتصادية مهمة ونسيج مقاولاتي متنوع بإمكانه تحسين مؤشرات التشغيل وخلق المقاولات، شريطة تذليل الصعاب التي تواجه الاستثمار. وأكد المسؤول الكبير في وزارة الداخلية، أنه في الوقت الذي تضاعف عدد المقاولات بجهة الشمال من سنة 2010 إلى السنة الماضية ثلاث مرات، ليصل حاليا إلى 20 ألف مقاولة، إلا أن هذه الدينامية تواجهها مصاعب كبيرة، أبرزها تمطيط آجال أداء المستحقات، مشيرا ضمن مداخلته إلى أن المعطيات المتوفرة تفيد بأن الأجل الفعلي المتوسط لأداء مستحقات المقاولات المستفيدة من الطلبيات العمومية بتراب الجهة يتراوح بين 100 و120 يوما. وأوضح امهيدية أن اللقاءات المماثلة في عدد من جهات المملكة، تهدف إلى التشاور والتفاعل مع أرباب المقاولات بالجهة والآمرين بالصرف من إدارات وقطاعات وزارية وجماعات ترابية، بغية إيجاد حلول ملائمة وعملية لتجاوز جميع الإشكالات المرتبطة بالتأخر في أداء مستحقات المقاولات، وذلك حفاظا على مصالح هذه الأخيرة للقيام بأدوارها الكبرى، المتمثلة أساسا في إنعاش الاقتصاد الوطني وخلق فرص الشغل. في تشخيص أسباب تأخر أداء مؤسسات الدولة لمستحقات المقاولات، عزا والي جهة طنجةتطوانالحسيمة، التأخير إلى بطء مسطرة ترحيل الاعتمادات المالية للسنة السابقة إلى السنة اللاحقة report des crédits، إذ أنه يتعين على المقاولين انتظار ترحيل الاعتمادات التي لا يتم التحقق من صحتها إلا في نهاية شهر مارس أو أبريل من السنة الموالية، أي بمعدل تأخير يتراوح بين 3 إلى 4 أشهر كاملة، كما أن برمجة طلبيات عمومية في آخر السنة يؤثر سلبا على وتيرة الأوامر بالأداء الصادرة عنها، مما يؤدي إلى عدم تمكين المقاولات من مستحقاتها داخل آجال معقولة. بالإضافة إلى ذلك، هناك أسباب أخرى من قبيل عدم توفر السيولة المالية الكافية لبعض الإدارات والمقاولات العمومية للوفاء بالتزاماتها التعاقدية، والتي قد تستغرق أكثر من ستة أشهر، وكذلك تأخر بعض المتدخلين أحيانا (مهندسون، مكاتب الدراسات، مكاتب المراقبة)، في المصادقة على بعض الوثائق والمستندات الضرورية للأداء، خصوصا في قطاعات البناء التجهيز والأشغال العمومية. من جهة ثانية، قال الوالي المدير العام للجماعات المحلية، خالد سفير، إن وزارة الداخلية تولي اهتماما كبيرا لتحسين مناخ الأعمال وتحسين الأجواء المحفزة على الاستثمار وخلق فرص الشغل، وتابع مبرزا بأن إضفاء الشفافية في المساطر وتقليص آجال الأداء، باعتبارهما من عوامل تحسين مناخ الأعمال وخفض مخاطر الاستثمار، صار "أولوية وطنية"، وفق توجيهات الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى ال 65 لثورة الملك والشعب، والذي دعا من خلاله إلى انخراط كافة الفاعلين في تحييد المعيقات وحل الإشكاليات المتعلقة بتأخير أداء حقوق المقاولات. وذكر والي جهة الدارالبيضاء سابقا، أن وزارة الداخلية راسلت الولاة والعمال لحث الآمرين بالصرف على أداء مستحقات المقاولات والعمل على تقليص آجال الأداء، وعلى إثر ذلك تقرر إحداث لجان إقليمية وجهوية ولجنة مركزية مكونة من ممثلي وزارة الداخلية والخزينة العامة للمملكة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والجماعات الترابية، لتتبع المستحقات المتأخرة لفائدة المقاولات ودراسة السبل الكفيلة بتفاديها مستقبلا.