في أغرب حالة من حوادث الأخطاء الطبية غير المسبوقة والتي تنتج عنها الوفاة، انطلقت أمس الجمعة، بالغرفة الجنحية لدى المحكمة الابتدائية بفاس، أول جلسة للنظر في ملف شاب في ربيعه ال 19، توفي مؤخرا داخل مصحة طبية مشهورة بمدينة فاس، بعد حقنه عن طريق الخطأ بسائل من الزيت. واستنادا للمعلومات التي حصلت عليها “أخبار اليوم” من مصدر قريب من الموضوع، مثل أمام المحكمة وفي حالة سراح، الرئيس المدير العام للمصحة المشهورة بفاس وهو طبيب، وثلاث ممرضات يعملن بالمصحة، حيث يواجه المتهمون الأربعة تهما جنحيا ثقيلة، وجهها لهم قاضي التحقيق الذي أجرى أبحاثه في هذه القضية بالمحكمة الابتدائية بفاس، وتخص جنحة “التسبب عن طريق عدم الانتباه وعدم الاحتياط والإهمال في قتل غير عمدي”، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 432 من القانون الجنائي، وهي المتابعة التي أثارت ضجة كبيرة بمدينة فاس، عقب وفاة الشاب بالمصحة، يضيف ذات المصدر، وذلك بعدما طالبت عائلته بإحالة ملف ابنها على جنايات فاس للنظر في ملابسات تدهور صحته ووفاته عقب حقنه من طرف ممرضة بسائل من الزيت، غير أن المحققين قاموا “بتجنيح” الحادث وتكييفه في النطاق الجنحي بتهمة القتل غير العمد عن طريق الخطأ، وعرضه على المحكمة الابتدائية بدلا عن محكمة الجنايات، تورد مصادر الجريدة. وفي تفاصيل هذا الحادث المأساوي، والذي كلف حياة شاب في ربيعه ال19، وخلف الحزن الكبير لدى عائلته المكلومة والتي خسرت ابنها الوحيد بسبب خطأ طبي اعتبره المتتبعون الأغرب في حوادث المستشفيات والمصحات الطبية الخاصة، (في التفاصيل) كما جاء في محاضر و أبحاث المحققين، والتي اطلعت عليها الجريدة، أن الشاب المسمى قيد حياته محمد ميماد بن أحمد، أحضره والده للمصحة المشهورة بفاس، بسبب مشاكل صحية على مستوى جهازه التناسلي، حيث خضع الشاب لعملية جراحية لتقويم خصيته، أجراها طبيب جراح مختص في المسالك البولية والجهاز التناسلي، كللت بالنجاح، تقول محاضر المحققين. بعد أن استفاق الشاب من حالة التخدير التي أعقبت العملية الجراحية، شعر بآلام حادة على مستوى البطن وارتفاع حاد في درجة حرارة جسمه، وهو ما عجل باتصال الممرضات المكلفات بمراقبة المرضى بالمصحة، بالطبيب الجراح، جرى إخباره بحالة المريض، حيث طلب منهن الطبيب، تضيف نفس المصادر، حقن المريض بمادة “الباراسيتامول”، وهو مهدئ معروف للآلام ومخفض لدرجة حرارة الجسم، إذ تكلفت إحدى الممرضات بالعملية، بعدما قامت بجلب الدواء من الخزانة الخاصة بالأدوية، قبل إيصال قنينة ‘الباراسيتامول' بالأنبوب البلاستيكي الذي يسهل عملية مناولة الدواء للمريض عبر الوريد لتسهيل وتسريع تجاوب جسمه مع العلاج، غير أن حالة المريض كما جاء في محاضر المحققين، ساءت وتدهورت بشكل لافت وسريع، مما خلق حالة استنفار وسط المصحة، قبل أن يكتشف أحد الأطباء الذي استعانت به الممرضات للكشف عن التطور المفاجئ في حالة الشاب، أن الدواء الذي جرى حقن ذراعه به، هو مادة من الزيت وليس مهدئ “الباراسيتامول”، حيث نقل على إثرها المريض إلى قسم الإنعاش بالمصحة، غير أن تدخلات الأطباء لم تنجح في إنقاذ حياته، بعدما أسلم الروح لبارئها. هذا وأثبت تقرير التشريح الطبي، الذي أجري على جثة الشاب بمصلحة التشريح الطبي الشرعي بالمستشفى الإقليمي “الغساني” بفاس، أن الوفاة ناتجة عن خطأ طبي بعدما تم حقن جسم المريض بمادة من زيت “البرافين”، والتي تستعمل طبيا في ترطيب الجلد وتعالج آلام العظام وتيبّس المفاصل. فيما أظهرت أبحاث المحققين، بخصوص وجود هذا السائل في القنينة الخاصة بدواء “الباراسيتامول”، والتي تم حقن جسم الشاب بمحتواها عن طريق الخطأ، أن إحدى الممرضات اللواتي يشتغلن بالمصحة، قامت بوضع زيت “البرافين” في قنينة فارغة من مهدئ “الباراسيتامول”، واحتفظت بالقنينة داخل الخزانة الخاصة بالأدوية، على أن تأخذها معها بعد انتهاء حصة مداومتها، وذلك بغرض استعمال هذه الزيت في معالجة شعر رأسها، بعدما نصحتها إحدى صديقاتها بنتائج مبهرة لزيت “البارافين” في تقويم الشعر والحفاظ على نعومته، غير أنه ومع تدهور الحالة الصحية للمريض الذي خضع لعملية جراحية في جهازه التناسلي، توجهت ممرضة كلفت بمراقبة حالته الصحية، لخزانة الأدوية بالمصحة، ولم تقع يدها إلا على قنينة مهدئ الآلام المحشوة بزيت “البرافين”، وقامت بحقن جسم المريض، فكانت الكارثة التي لم ينتظرها الجميع، والتي كلفت شابا في مقتبل العمر حياته، تورد وقائع القضية المعروضة على القضاء.