يبدو أن التضييق الذي تمارسه السلطة ضد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يدفع مكوناتها إلى الالتحام أكثر فيما بينهم، دل على ذلك التصويت بالإجماع تقريبا على التقريرين الأدبي والمالي، لكن الموقف من الإسلاميين لايزال يفرقهم، خصوصا موقف بعض الأعضاء المنتسبين إلى حزب الاشتراكي الموحد. المؤتمرون أيدوا بكثافة ما ورد في التقرير الأدبي حول أداء الجمعية طيلة السنوات الثلاث الماضية، وهو التقرير الذي ركز ضمن قضايا أخرى، على التضييقات التي تمارسها السلطة، التي ترفض تسلم ملفات تجديد فروعها، في نحو 60 فرعا على امتداد التراب الوطني، كما ترفض تسلم ملفات تأسيس فروع جديدة، وهي التضييقات التي توجت مؤخرا بمحاولة عرقلة التحضير للمؤتمر المنعقد حاليا في بوزنيقة، حيث لم تتوصل الجمعية بترخيص من السلطة سوى في آخر لحظة، ما أثر سلبا على التحضير للمؤتمر. وتجلى المؤشر الثاني في التحام أعضاء الجمعية حول بعضهم البعض في تشكيل لجنة الترشيحات داخل المؤتمر، والتي تتلقى الترشيحات لعضوية اللجنة الإدارية، وتفرز الأعضاء المؤهلين من بينهم للعضوية فيها، حيث إن تشكيلها جاء بالتوافق وبشكل متوازن بين الحساسيات المكونة لها، وهم ممثلو حزب النهج الديمقراطي، وممثلو أحزاب فيدرالية اليسار، خصوصا حزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ثم ممثلو المستقلين عن أي انتماء حزبي. ومن بين أعضائها: يوسف الريسوني، ومصطفى الشافعي، وبنحماني سعيد، وفاروق المهداوي، وصادقو محمد، وآخرون. وعلى خلاف المؤتمر السابق الذي شهد اصطداما بين مكوناتها، جرت النقاشات بشكل أقل حدة اتجاه مختلف القضايا، باستثناء الموقف من الإسلاميين، حيث عبّر بعض أعضاء الجمعية من المنتمين إلى حزب الاشتراكي الموحد، أساسا، عن رفضهم للتقارب بين الجمعية والإسلاميين، خصوصا جماعة العدل والإحسان بعض الحساسيات داخل حزب العدالة والتنمية، لكن آخرين من حساسيات أخرى انتقدوا “ارتباك الجمعية” في التعاطي مع قضيتين؛ قضية الصحافي توفيق بوعشرين، وقضية عبدالعلي حامي الدين. وفي ردّه على ذلك، قال أحمد الهايج، الرئيس المنتهية ولايته، إن الجمعية عاشت بالفعل “أزمة موقف” في التعاطي مع محاكمة كل من الصحافي توفيق بوعشرين، مؤسس جريدة “أخبار اليوم”، وقضية عبدالعلي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية ورئيس منتدى كرامة لحقوق الإنسان. وأكد الهايج أن “القصف الذي كان في هذين الملفين لم يسمح لنا بتقييم الوضع بشكل حقوقي”، مؤكدا أن الخلاف داخل الجمعية حول “وضع وحدتها على المحك”. وأضاف “موقفنا واضح في مقتل آيت الجيد بنعيسى، لكن لا يمكن أن نسمح بتوظيف الجمعية في ملف كهذا”. بدورها، ردّت خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية، ضمنا على منتقديها كونها فاعلة نشيطة في الدفاع عن حقوق الإسلاميين، وأيضا في الدفاع عن الصحافي توفيق بوعشرين، وقالت إن “قضية بوعشرين لدينا فيها قرار أممي يؤكد أنه معتقل اعتقالا تعسفيا، ويجب إطلاق سراحه فورا، والمطلوب أن تعمل الجمعية على النضال من أجل تفعيل القرار الأممي من قبل السلطات”. وقالت مصادر نشيطة في الجمعية إن “الذين يرفضون التقارب بين الجمعية والإسلاميين أقلية داخل المؤتمر، أغلبهم ينتسبون إلى حزب الاشتراكي الموحد، لكن باقي المكونات “تقاسمهم تلك القناعة، وترفضها”. وكان المؤتمر قد شهد السبت مناقشة التقريرين الأدبي والمالي والمصادقة عليهما بشبه الإجماع، كما أعلن عن لجنة الترشيحات التي تلقت الترشيحات من أعضاء المؤتمر للعضوية في اللجنة الإدارية، التي يكون أعضاؤها في حدود 95 عضوا فقط، وكان لافتا أن بعض الأسماء التي راج اسمها في بعض وسائل الإعلام لرئاسة الجمعية لم تترشح أصلا للعضوية في اللجنة الإدارية، منها عبدالإله بنعبدالسلام، وعبدالحميد أمين، ومصطفى الشافعي. ومن المتوقع أن تكون لجنة الترشيحات قد عرضت الأسماء المتوافق حولها للعضوية في اللجنة الإدارية على المؤتمر للمصادقة عليها أو تعديلها، على أن تجتمع اللجنة الإدارية المنتخبة من قبل المؤتمر خلال اليوم نفسه، لانتخاب المكتب المركزي من بين أعضائها، الذي سيجتمع بدوره لانتخاب رئيس من بين أعضائه، وتوزيع المهام فيما بين أعضائه..