النهج الديمقراطي يسعى إلى بسط هيمنته على الجمعية من خلال هدم فيدرالية اليسار القيادة النهجاوية للجمعية تتكرس بفرض الكوطا على المؤتمرين هل تبرر الجمعية في تقريرها المالي مصدر ومصير ثقب المليار و350 مليون سنتيم ؟ تعقد الجمعية المغربية لحقوق الانسان أيام 22 إلى 24 أبريل مؤتمرها الحادي عشر تحت ثلاثة عناوين كبرى : استمرار هيمنة النهج الديمقراطي على الجمعية وهياكلها ولجانها، وتعاظم وازدياد التمويل الأجنبي والخارجي الذي بلغ مستويات قياسية خلال السنوات الأخيرة، واستمرار المزايدة على قضية المغرب والمغاربة الأولى ‘‘ الصحراء المغربية ‘‘ في ظرفية تاريخية تعتبر حاسمة في هذا النزاع المفتعل والمزمن مع أعداء الوحدة الترابية . وكانت اللجنة الإدارية ل"الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"، قد أصدرت ما أسمته ب"التعميم رقم2″، في إطار استعداد الجمعية لتنظيم مؤتمرها الحادي عشر. وسبق للجمعية أن شكلت لجنة تحضيرية أسند إليها مهمة إعداد وثيقة تحضيرية، تمثل "مرجعا للنقاش وخلاصة للفهم والتصور المشتركين لأعضاء الجمعية حول طبيعة الظرفية، التي تمر منها أوضاع حقوق الإنسان كونيا، وما تطرحه من تحديات وما تحبل به من رهانات ستؤثر لا محالة على الفعل الحقوقي سلبا وإيجابا" تقول الجمعية. النهج : سيطرة وإقصاء منذ ست سنوات ( تحديدا 2010 تاريخ عقد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لمؤتمرها التاسع ) فإن الملاحظ هو اكتساح النهج الديمقراطي لهياكل الجمعية ولجانها، والسيطرة التدريجية على شكلها التراتبي ، مع العمل على الإقصاء الممنهج على باقي المكونات الأخرى خصوصا تلك تنضوي تحت لواء فيدرالية اليسار كحزبي اليسار الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. المؤتمر الحادي عشر لن يخرج عن هذه القاعدة، حسب الملاحظين، حيث سيتم تكريس هذه الهيمنة من خلال تقزيم دور هذين المكونين تحديدا، أو منحهما بعض الحضور الشكلي في مقابل توسيع حضور النهج في كل هياكل ولجان الجمعية. المؤتمر الحادي عشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان سيحضره هذه السنة قرابة ال527 مؤتمرا، يتوزعون على ممثلين عن فروع الجمعية المنتخبين في كل التراب الوطني والتي يفوق تعدادها التسعين فرعا، وأعضاء اللجنة الإدارية، وأعضاء اللجنة التحضيرية بالاضافة إلى 120 ملاحظا . ومن خلال تركيبة المؤتمرين يظهر بوضوح معني هذه الهيمنة ‘‘ النهجية ‘‘ بالمقارنة مع تمثيلية باقي المكونات الأخرى للجمعية المغربية لحقوق الإنسان . فالأعضاء النهجيون وممثلي انفصاليي الداخل من مساندي الأطروحة الانفصالية للبوليزاريو في الأقاليم المغربية الجنوبية، يمثلون لوحدهم 57 في المائة من المؤتمرين ( 60 في المائة من هؤلاء الانفصاليين يعيشون في الأقاليم المغربية الجنوبية ويعلنون مساندتهم الواضحة للبوليساريو كما حدث خلال المؤتمر الأخير حين تلا أعضاء منهم رسالة من عبد العزيز المراكشي رئيس جبهة البوليساريو إلى المؤتمرين ). فيما تتضائل النسبة التمثيلية في باقي المكونات حيث نجد فيدرالية اليسار ( اليسار الاشتراكي الموحد والطليعة ) ممثلين بنسبة 28 في المائة، ثم الراديكاليين والتروتسكيين ( البرنامج المرحلي ) ب 15 في المائة، والحركة الأمازيغية ب 0.03 في المائة . ‘‘ رئاسة موجهة ‘‘ ولجان مطبوخة سيطرة النهج على الجمعية المغربية لحقوق الانسان تتجلى أيضا في ظروف إجراء الانتخاب في المؤتمر الحادي عشر، حيث سيتم مرة أخرى العمل على تقزيم وحصر حضور اليسار الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي، من خلال سيناريوهين لا ثالث لهما. في المشهد الأول سيتم الدفع باتجاه تعديل القانون الأساسي للجمعية من أجل تمديد ولاية إضافية لأحمد الهايج لأن القانون الحالي لا يسمح بذلك وهو أمر يبدو مستبعدا في هذه الظرفية تحديدا . في مشهد ثاني وهو الأرجح، سيتم انتخاب خديجة العيناني رئيسة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان . نفس التوجه سيتم اعتماده في انتخاب اللجنة الإدارية، إذ سيتم الاحتفاظ بتمثيلية النهج الديمقراطي على أساس تمتيعها بأكبر عدد من المقاعد في أشخاص خديجة الرياضي وخديجة العيناني وأمين عبد الحميد وأيمن عويدي وعبد الاله بن عبد السلام، وثلاثة مقاعد لانفصاليي الداخل من الأقاليم الجنوبية، وفقط عنصر واحد من الطليعة ( القيادة النهجاوية تفضل اسم حسن الخطار ) وعنصر واحد من اليسار الاشتراكي الموحد ( نفس القيادة تفضل مصطفى الشافعي ) . هيمنة النهج الديمقراطي على مجريات المؤتمر تتواصل من خلال عملية انتخاب المكتب المركزي الجديد المنتظر أن يضم 26 عضوا، من خلال رفض الاقتراح الذي تقدمت بهم مثلية فيدرالية اليسار في الجمعية والرامي إلى اعتماد الاقتراع باللائحة من أجل تمثيلية حقيقية تمتد لكافة دواليب ولجان وهياكل الجمعية، على اعتبار تعدد مكوناتها وتشعب توجهاتها وأولوياتها . رفض مقترح الاقتراع باللائحة ثم مواجهته بالإصرار على ‘‘ الكوطا ‘‘ حيث تم اقتراح أعطاء 6 مقاعد لليسار الاشتراكي الموحد وتخيير حزب الطليعة بين قبول مبدأ الكوطا أو الانصياع لما سيترتب عن المؤتمر من نتائج في انتخابات اللجان وباقي الهياكل . غير أن المتابعين لمسار الجمعية يعتبرون أن رفض اقتراح الاقتراع باللائحة ليس سوى حلقة أخرى في مسلسل ممنهج مستمر منذ سنوات ويسعى إلى تهديم فيدرالية اليسار كتمثيلية داخل الجمعية، عبر جر عناصر اليسار الاشتراكي الموحد وتقريبها إلى دوائر القرار، مع استبعاد العناصر الطليعية تدريجيا. وعلى أمل تسريع أشغال المؤتمر وانتخاباته لفرض الأمر الواقع على المؤتمرين أولا وعلى الرأي العام الوطني ، فإنه من المنتظر أن تنهج فعاليات المؤتمر والماسكين بخيوطه نفس الخطة المعروفة، والهادفة إلى استهداف ‘‘ المخزن المغربي ‘‘ ووصفه بكل نعوت التضييق والمنع والتعسف واعتباره قد صعد من ‘‘ هجماته ‘‘ خلال الآونة الأخيرة ومع اقتراب موعد عقد المؤتمر الحادي عشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان . وهي لغة صارت معروفة لدى المتتبعين، على الرغم من أن أنشطتها ولجانها وفروعها تمارس في حرية كاملة وتعقد اجتماعاتها وانتخاباتها الفرعية في كل تراب الممكلة دون أدنى تضييق وبحضور مراقبين وطنيين ودوليين . وينتظر أن يحسم المؤتمر في الرئاسة والمكتب المركزي الجديد خلال اليوم الأول بهدف تسريع أشغاله، بما في ذلك مرور الكرام على التقريرين الأدبي والمالي للجمعية وتمرير المواقف بخصوص قضية الصحراء المغربية، وعدم الوقوف كثيرا في نقطة حساسة ومهمة تتعلق بالتمويل الأجنبي للجمعية . التمويل الأجنبي : الثقب الأسود للجمعية المغربية لحقوق الانسان والتمويل الخارجي قصة طويلة ابتدأت منذ سنوات وتتسارع في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق . فابتداء من سنة 2012 اصبح التمويل الخارجي للجمعية يشكل نسبة 94.75 في المائة من ميزانية الجمعية . ارتفاع يعزوه المتتبعون والملاحظون إلى التسامح الكبير الذي طبع تعامل الأجهزة المغربية مع الجمعية بعد الحراك الشعبي الذي عرفه المغرب والمنطقة العربية سنة 2011 تحديدا فيما صار يعرف بالربيع العربي. سنة 2012 إذن بلغت قيمة مجموع التمويل الخارجي للجمعية المغربية لحقوق الانسان 646 مليون سنتيم، أي أن التمويل تضاعف خمس مرات خلال الفترة بين سنة 2011 و 2012، فيما تضاعف هذا التمويل ب 21 مرة من سنة 2012 إلى اليوم. ‘‘ رزق مالي ‘‘ يفسر تشبث الأوصياء على الجمعية بمواقعهم وهيمنتهم على هياكلها، من خلال التمويل الدائم والمستمر للأنشطة الاحتجاجية التي تقام بشكل يومي تقريبا في كل ربوع المملكة. ‘‘تمويل سخي‘‘ ايضا يمكن من عقد المؤتمرات وجلب المؤتمرين مع ضمان مصاريف الإقامة الكاملة والأكل والتنقل للطلبة والتلاميذ والعاطلين ودوي الدخل المحدودو الذين يؤثتون الأنشطة المختلفة للجمعية ويشاركون في الوقفات وغيرها . في نفس السياق من المنتظر أن يتم التسريع بعرض التقرير المالي للجمعية والمصادقة عليه خلال المؤتمر الحادي عشر دون الوقوف عند نقطة الثقب المالي الأسود الذي لم تستطع الجمعية تبريره، كما لم تستطع الجهات الرسمية إيجاد أي تفسير له، كالأمانة العامة للحكومة أو المجلس الأعلى للحسابات، والمتعلق بمبلغ المليار و 350 مليون سنتيم . وتظل الأسئلة ذاتها حول المستفيد من هذا المبلغ الذي لا يبدو أحد قادرا على رسم خطيته القانونية، متوزعة على ثلاثة سيناريوهات، إذ يرى الملاحظون أنه من الوارد جدا أن تكون جهة داخل الجمعية قد استحوذت على المبلغ دون علم باقي المكونات، أو أن الاستفادة تمت بين أشخاص معينين في سرية تامة أيضا، أو ان المبلغ قد صرف في تمويل أنشطة أخرى لا علاقة لها البتة بالعمل الجمعوي أو الحقوقي . الصحراء المغربية : الاستثناء ‘‘ الحقوقي ‘‘ ولأن الاستثناء الخاص جدا بالجمعية المغربية لحقوق الانسان فيما يتعلق بالوحدة الترابية للمملكة، تقليد كلاسيكي فيها ومتجذر في أعضائها، فإن الجمعية بطبيعة الحال لن تنحى على نهج المغاربة قاطبة في التنديد بتجاوزات بان كي مون الأخيرة التي استفزت المغاربة من مختلف الأطياف والشرائح الاجتماعية والتلاوين السياسية والمرجعية . ففي ظل الظرفية الحالية التي تتسم بتصعيد الموقف المغربي الرسمي إقليميا ودوليا بشأن الصحراء المغربية ونزاعها المفتعل، ينتظر في البيان الختامي للمؤتمر الحادي عشر للجمعية المغربية لحقوق الانسان أن يستعيد نفس الاسطوانة المشروخة حول حق ‘‘ الصحراويين في تقرير المصير ‘‘ وضرورة وضع ‘‘ حد للانتهاكات الانسانية أيا كان مصدرها ‘‘ ، هذا إذا لم يفاجئنا البيان أو المؤتمرون بتلاوة رسالة أخرى من زعيم البوليساريو، محمد عبد العزيز، كما حدث في المؤتمر السابق، هنا على أرضنا وبين مواطنينا .