قضت المحكمة الإدارية بمراكش، مؤخرا، بعدم قبول الطعن الذي تقدم به مستشارون من حزب العدالة والتنمية بجماعة “آيت سيدي داود”، بإقليم الحوز ، لإقالة الرئيس الجديد للمجلس، الذي يعتبرونه “فاقدا للأهلية الانتخابية”، على خلفية إدانته استئنافيا بجنحة “محاولة الحصول على أصوات الناخبين بواسطة تبرعات نقدية قصد التأثير على تصويتهم”، وهو الحكم الصادر بتاريخ 13 أبريل من السنة الماضية، والذي يؤكد رافعو الدعوى بأنه أصبح نهائيا وثابتا في حقه، على اعتبار بأنه لم يطعن فيه بالنقض. كمال الميموني، مستشار بالجماعة نفسها، اعتبر بأن صيغة “عدم قبول الطعن” الواردة في منطوق الحكم القضائي، لا تعني بأن الدعوى رُفضت، موضحا بأن هناك فرقا بين عدم قبول الدعوى ورفضها، فعدم القبول يعنى عدم نظر المحكمة لموضوع الدعوى من الأساس، نظرا لعيب في الشكل، أما رفضها فيعني أن المحكمة بحثت في موضوع الدعوى وتبين عدم أحقية المدعي في ادعائه، أي أنه لم يثبت حقه في الدعوى. وخلص إلى أن الطاعنين يثقون في القضاء، ومتيقنين من شرعية مطلبهم، مضيفا بأنه لا توجد جهة لحد الساعة تقول خلاف ذلك، بما في ذلك القضاء، متعهدا بأنهم سيواصلون سلك جميع السبل المشروعة لتحقيق ذلك، وأنهم سيفصحون عن الخطوة القادمة بعد الاطلاع على نص الحكم. وقد أوضحت مذكرة الطعن بأن رئيس المجلس الجماعي، لحسن السرغيني، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، قضي ضده بشهرين حبسا موقوف التنفيذ، بمقتضى حكم استئنافي، تحت عدد 346/2602/2018، بعد إدانته بجنحة “محاولة الحصول على أصوات ناخبين بواسطة تبرعات نقدية قصد التأثير على تصويتهم”، وهي الأفعال التي تعتبر من موانع الترشيح، المنصوص عليها في المواد من 65 إلى 68 من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية. واستند المدّعون إلى المادة السادسة من القانون نفسه، التي تنص على أنه “لا يؤهل للترشح (…) الأشخاص المحكوم عليهم بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بعقوبة حبس نافذة أو عقوبة حبس مع إيقاف التنفيذ كيفما كانت مدتهما، من أجل أحد الأفعال المنصوص عليها في المواد من 65 إلى 68 من هذا القانون التنظيمي…”. كما استندوا إلى المادة 142 من القانون التنظيمي نفسه، التي تنص على أن “كل عضو في مجلس جماعة أو مقاطعة تقلد بعد انتخابه وظيفة أو مهمة من الوظائف أو المهام المنصوص عليها في المادتين 6 و132 من هذا القانون التنظيمي، أو طرأ عليه ما يحرمه من أن يكون ناخبا أو منتخبا يعتبر مستقيلا، وتعاين استقالته بقرار من الوالي أو عامل العمالة أو الإقليم أو عمالات المقاطعات التابعة له حسب الحالة، الجماعة أو المقاطعة المنتخب فيها”. أما الرئيس، فقد اعتبر، في مذكرته الجوابية، بأن الحكم الاستئنافي النهائي الصادر في حقه يحرمه من الترشح لولايتين متتاليتين، ولا يحرمه من الاستمرار كعضو في المجلس خلال الولاية الحالية. وسبق لفريق “المصباح” بمجلس الجماعة المذكورة، أن وجّه رسالة إلى عامل الحوز السابق، يطالبون فيها بتطبيق مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، خاصة المادتين 20 و21 منه، واعتبار الرئيس مقالا بحكم القانون، وحلّ المكتب، واستدعاء أعضاء المجلس لانتخاب رئيس جديد وباقي أعضاء المكتب (نواب الرئيس)، موضحين بأن الرئيس الحالي أصبح في وضعية انقطاع عن مزاولة مهامه، على إثر إدانة الرئيس بحكم قضائي نهائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، نتج عنه فقدنه للأهلية الانتخابية. من جهته، ردّ الرئيس بتوجيه رسالة إلى كل من النائب البرلماني، مراد الكورش، والمستشارة الجماعية، نورة وايحمان، المنتميين إلى فريق “البيجيدي”، يستفسرهما عن “غيابهما المتكرّر عن دورات المجلس”، مبرزا بأنه وبعد أن اطلع على محاضر الدورات، خلال الثلاث سنوات الأخيرة، تبين له بأنهما تغيبا بدون عذر عن عشر دورات، مطالبا إيّاهما بالإدلاء بمبررات هذه الغيابات في أقرب الآجال. وقد اعتبر الكورش بأن جميع غياباته مبرّرة، موضحا بأنه غالبا ما كان يتقدم بإخبار بتغيبه، عبر الاتصال الهاتفي، في ظل عدم إشارة النظام الداخلي للمجلس لأي مسطرة في الموضوع، داعيا الإدارة الترابية إلى إجراء تدقيق في مسألة الغياب، وفق منهجية قانونية، بعيدة عمّا وصفه ب”أهواء ونزوات وحسابات رؤساء الجماعات، حتى لا يتم استغلالها في تكميم أفواه المستشارين الجماعيين المعارضين”. وكانت الجماعة المذكورة شهدت مواجهة بين “البيجيدي” و”البام” بسبب رفض الرئيس تسليم مستشارين جماعيين اثنين من الحزب الأول نسخا من محضر دورة استثنائية، معللا قراره، في رسالة وجّهها إليهما، بأن النظام الداخلي للمجلس لا يحدد مسطرة تسليم محاضر الدورات للأعضاء، ومشددا على أنه لن يسلمهما أية محاضر إلى حين تعديل النظام الداخلي بتضمينه المسطرة المذكورة. في المقابل، اعتبر المستشاران المنتميان للمعارضة قرار الرئيس ضربا لمبدأ الحق في الحصول على المعلومة، وللشفافية المفترض إعمالها في تدبير الشأن المحلي، موضحين بأنهما تقدما بطلب للحصول على نسخ من المحضر، وفقا للمادة 273 من القانون التنظيمي للجماعات.