اتهام الملك الراحل الحسن الثاني ببيع اليهود المغاربة لإسرائيل وحب هذه الأخيرة من طرف مسؤولين مغاربة أثار جدلا في مهرجان سينما الذاكرة المشتركة فجر المؤرخ الإسرائيلي، يغال بن نون، جدلا قويا داخل المهرجان الثالث لسينما الذاكرة المشتركة المنعقد حاليا بالناظور، بسبب تصريحات اتهم فيها الملك الحسن الثاني ببيع اليهود ب 50 دولارا للرأس، وأن زعماء سياسيين مغاربة «يحبون إسرائيل». يغال بن نون، الذي يتحدر من مدينة الصويرة ويعمل في جامعة «بار إيلان»، قال إن الملك الحسن الثاني باع اليهود المغاربة للحركة الصهيونية ب50 و250 دولارا للرأس، وكشف عن دور «الموساد» الإسرائيلي في ذلك، والذي عمد إلى إغراق سفينة للمهاجرين لتأليب الرأي العام العالمي ضد المغرب وإجبار الملك على السماح لهم بالهجرة نحو إسرائيل. يغال أضاف كذلك أن رموز الحركة الوطنية المغربية، أمثال المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد، وكذلك الجنرال محمد أوفقير وأحمد الدليمي كانوا يحبون إسرائيل، داعيا في سياق ذلك جميع الدول العربية إلى التطبيع مع إسرائيل. موجها شكره لمنظمي المهرجان على «استجماع القوة والذكاء في استضافة إسرائيليين في خطوة لها رمزيتها السياسية». ليست هذه الاتهامات التي تقدم بها يغال بن نون بجديدة، إذ سبق أن كتبها وصرح بها، لكنه لأول مرة يقولها في مهرجان فني كبير، وبحضور سياسيين وباحثين ومثقفين مغاربة، لذلك أثارت تصريحاته ردود فعل سريعة من قبل صلاح الوديع، الذي رفض هذه الاتهامات التي وجهها المؤرخ الاسرائيلي إلى الملك الراحل الحسن الثاني، ورموز الحركة الوطنية المغربية. أما المثقفون العرب، من تونس والجزائر خاصة، فقد هددوا بالانسحاب من المهرجان، أبرزهم فيصل الشريف وخالد عبيد وغيرهم من الذين رفضوا أطروحات يغال حول ديمقراطية إسرائيل، والدعوة العامة إلى التطبيع معها، مؤكدين في المقابل أن قرار الانسحاب «نابع عن إيمان راسخ بعدالة قضية الشعب الفلسطيني، وبالمظلمة التي تعرض لها ولازال جراء استعمار الكيان الصهيوني لأرضه»، حسب بلاغ لهم. وفي محاولة لترميم آثار الصفعة القوية التي وجهها يغال إلى منظمي المهرجان، أعلن مركز الذاكرة المشتركة للديمقراطية والسلم براءته من تصريحات يغال بن نون، لأنها «لا تمثل بأي شكل من الأشكال القيم التي يؤمن بها». وأضاف أن موقفه «يتناغم مع موقف الإخوة التونسيين والجزائريين الرافضين للتطبيع والتطاول على رموز النضال الوطني»، في محاولة منه لامتصاص الغضب الذي خلفته تلك التصريحات، ناهيك عن محاولة لملمة آثار تلك التصريحات على مستوى أجهزة الدولة. المركز الذي يترأسه عبد السلام بوطيب أرجع تصريحات يغال بن نون إلى كونه استغل صفته الأكاديمية وجو الانفتاح السائد في مغرب ما بعد هيئة الإنصاف والمصالحة، وبالتالي فهو يعلن «إدانته القاطعة لهذه التصريحات وشجبه التام لهذا السلوك». وعلمت «أخبار اليوم» أن منظمي المهرجان منعوا يغال بن نون بعد ذلك من حضور بقية فقرات المهرجان، وخيروه بين البقاء في الفندق فقط، أو العودة من حيث أتى. وتأتي هذه الحادثة لتمنح ورقة جديدة لمناهضي التطبيع، الذين احتجوا أكثر من مرة ضد استضافة الإسرائيليين إلى المهرجان. عزيز هناوي، الكاتب العام للمرصد المغربي ضد التطبيع، وجه شكره إلى يغال بن نون على مواقفه، إذ قال «من داخل موقف مناهضة التطبيع، أحيي هذا الصهيوني على صفعته لأحبائه المطبعين البلهاء».