عندما يتساءل بطل عالمي وأولمبي كبير، اسمه سعيد عويطة، باستنكار، عن حال الرياضيين العاديين إذا كان حال الأبطال غير مريح، فاعلم بالضرورة أن الرياضة المغربية، بما عليها من هواية، وغياب للحكامة، وانعدام للهيكلة، تنتج الفقر. ولن تحتاج إلى القصص التي تحكي لك عن أيام سوداء يعيشها أبطال رياضيون، في رياضات مختلفة، لأنهم “وثقوا” بحلم الصبى، الذي يجعل من الرياضة بوابة نحو فراديس المستقبل، على اعتبار أنها تفتح الطريق إلى النعيم. فتلك القصص كثيرة جدا، تحكي المرار، وتصوره لك بالألوان، وبكل الأشكال. المشكلة واضحة بالنسبة إلى الأستاذ منصف اليازغي، دكتور مختص في القانون الرياضي، وهو المتمثل في الفصل غير الحكيم بين الرياضة والتعليم، على اعتبار أن الرياضي الذي لا يتعلم، أو الرياضي الذي ينفصل عن المدرسة، يكون معرضا بالضرورة لمستقبل مجهول، سيقوده لا محالة، نحو الفقر، والحاجة إلى الآخرين، في الأوقات العصيبة. وهذا صحيح، ذلك أن هناك أبطالا رياضيين استطاعوا أن يضمنوا لأنفسهم معيشا جيدا، غير أن إلقاء الضوء على مساراتهم يجعل المهتم يتيقن بأن الرياضة كانت “من ضمن” ما جعلهم في بحبوحة العيش، وليس “الأصل” فيه، إذ أصروا على أن يبقوا على صلتهم بقاعة الدرس، إلى أن حصلوا على دبلومات عالية المستوى، مكنتهم من تجنب الضنك في العيش، مثلما وقع مع نظراء لهم، فضلوا التريض على الدرس، وإذا بهم يقعون فريسة للواقع المر. السؤال الآن “إلى متى سيظل هذا الواقع حيا ويفرض نفسه على كل من يحبون الرياضة ويمتهنونها؟”. الجواب الوحيد هو إيجاد صيغ للتكوين الرياضي المرتبط بالدراسة، على أساس أن يتسنى لمن امتهنوا الرياضة، ولم يتمكنوا من التفوق فيها، كي يصبحوا مكونين، أو إداريين، أو ممتهنين لمهنة ذات صلة بالرياضة، ولكنها لا تتعلق بالتنافس الرياضي؛ وهي مهن كثيرة للغاية، ويدور الرياضي في فلكها كل ساعة، ودونها لا تكون أي رياضة. ليس هذا وحسب، بل يتعين توجيه عناية عشاق الرياضة، من البداية، إلى أنه لن يكون مسموحا لهم أن يمارسوا أي نوع رياضي بمعزل عن الدراسة، على اعتبار أن أي تصرف مجانب للصواب، من هذا القبيل، سيشكل خطرا على مستقبل المعني بالأمر، مثلما سيشكل عبئا على كاهل المجتمع ككل، لأن الدولة تكون مجبرة، في هاته الحالة، كي تتكفل بمصاريف كان ممكنا تجنبها. وفي حال أصبحت الرياضة المغربية، التي تدور في فلك الملايير من السنتيمات، منتجة لأجيال من الرياضيين المتعلمين، الذين يعيشون بأمان في المجتمع، وهم يدركون أن لديهم سلاح الدبلوم التعليمي، فضلا عن سلاح الضمان الاجتماعي، والتأمين على المرض، وعلى مخاطر أخرى محتملة، فإنها ستصبح في تلك الأثناء عبارة عن رياضة “توزع الثراء بالعدل” بين ممتهنيها. لن يمنع ذلك، بكل حال، من وجود حالات لرياضيين، أو لأشخاص امتهنوا الرياضة، أو درسوا وتريضوا، في حالات اجتماعية سيئة، غير أنها لن تكون طاغية، ولن تكون مأساوية، وسيكون ممكنا، والحالة هاته، التحكم فيها، وفي درئها بما يلزم من تدخل من جانب المؤسسات المنشأة لهذا الغرض بالذات، من قبيل “مؤسسة محمد السادس لقدماء اللاعبين والرياضيين”، والتي تملك ميزانية محدودة، لا تستطيع بموجبها أن تتحمل كل الحالات في وضعية عوز مالي، أو تحتاج إلى وقفة تضامن مستعجلة.