بعد إعفاء عدد من خطباء المساجد السنة الماضية بسبب خطبهم التي تكون لها حمولة سياسية، قام وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق مرة أخرى، بعزل خطيب مسجد الشهداء بالرباط، وهو من أشهر المساجد في العاصمة، وذلك بسبب خطبة تتحدث عن الاحتفال بأعياد الميلاد ألقاها يوم 28 دجنبر 2018، حيث قال إن الاحتفال بهذا العيد غير جائز، وقد حرمه عدد من الفقهاء، وإن هناك عيدين عند المسلمين، عيد الفطر وعيد الأضحى. قرار الإعفاء جاء فيه أن سبب الإعفاء كان بسبب “مضمون الخطبة الذي كان بعيدا عن الضوابط الموضوعية وإصدار أحكام بعيدة كل البعد عن روح التسامح والإخاء، مما يعتبر إخلالا بالمادتين 7 و8 من الظهير الشريف رقم 1.14.104 الصادر في 20 من رجب 1435 (20ماي2014) في شأن تنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم، ودليل الإمام والخطيب والواعظ، وذلك قبل يوم 4 يناير 2019 على أبعد تقدير”. محمد العمراني، الخطيب في مسجد الشهداء منذ سنة 2010، قال في حديثه ل”أخبار اليوم”، إنه بعد الخطبة تلقى اتصالا من مندوب الأوقاف يستفسره عن فحوى الخطبة، بعدها جاءه استفسارا طلبوا منه إرفاقه بنص الخطبة وهو ما تم فعلا، إلى أن يتفاجأ بقرار عزله، مشيرا إلى أن المندوب أخبره أن القرار اتخذه وزير الأوقاف. العمراني أكد أنه سبق وأن ألقى ذات الخطبة في مثل تلك المناسبة، لكن لم يتعرض للاستفسار، لكنه أشار إلى أنه قال في الخطبة عبارة غير مكتوبة، مفادها أن “الذين يذهبون للاحتفال في باريس مدينة الأنوار فتلك مدينة المنكر والفجور”.الخطيب المعزول قال إنه التحق بالخطابة سنة 1984، واعتلى منابر عدد من المساجد وكان دائما متشبثا بالثوابت الوطنية مدافعا عن الأحكام الشرعية، مضيفا أنه يرجح سبب إعفائه لتدخل أحد موظفي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي كان يصلي خلفه أثناء إلقائه الخطبة، موضحا أنه سبق لهذا الأخير وأن تقدم ضده بشكاية عندما خصص إحدى خطبه للتحذير من التبرج. قرار العزل يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه خطوة لإقرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالاحتفال بأعياد الميلاد، حيث اعتبر أحمد عصيد، الناشط الحقوقي، أن رأس السنة الميلادية معترف به من طرف الدولة، حيث تعتبره يوم عطلة رسمية، مشيرا إلى أن “معاقبة وزارة الأوقاف للخطيب هو بسبب تعبيره عن موقف مضاد لما هو رسمي، ويثير النعرات المؤدية إلى الكراهية والفتنة”، مشددا على أنه “يعتبر قرار العزل في محله، لأن الخطيب لا شأن له واحتفالات الناس، يمكنه شخصيا أن يقاطع احتفالات رأس السنة إذا أراد، ولكن أن يدعو الغير إلى ذلك دون أن يكون هناك ضرر ما من هذه الاحتفالات، فهذا ترامي على حياة الناس وتدخل غير مقبول في اختيارات الغير”. وجاء في خطبة العمراني: “أذكر من اختلط عليهم الأمر ويظنون أنه أمر عاد وغير مرتبط بأي شعائر دينية أن يحتفلوا مع أهل الباطل وغيرهم بأعياد الميلاد وعيد رأس السنة، وقد أعلنوا عنوة حربا كونية على العالم الإسلامي وعلى تعاليمه السامية من بعد ما تبين لهم الحق الساطع الواضح، ويزورون الحقائق ويقولون غير الذي يعلمون عن الرسول خاتم النبيئين”، مضيفا “ربما احتفلوا بسعادة ونشوة أكبر من الاحتفال بالسنة الهجرية باسم الرقي والتقدم والحضارة والتطور، وتحت شعارات التعايش السلمي والأخوة الإنسانية، فأي تعايش سلمي مع من لم يكفوا أيديهم طرفة عين من البطش الشديد والتنكيل الرهيب بإخوتنا في العقيدة الإنسانية”. وزاد؛ “إجابة المسلم لدعوتهم بهذه المناسبة للاحتفال حراما لأن هذا أعظم من تهنئتهم بهذه المناسبة، وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الاحتفالات بهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى، أو أطباق الطعام أو تعطيل الأعمال”.