فتحت الفرقة الجهوية لجرائم الأموال، التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمراكش، تحقيقا موسعا في مدى صحة الوثائق التي تُظهر استفادة بنسودة، المدير الحالي للخزينة بوزارة المالية، من “تفويت أرض للدولة بمراكش” بثمن زهيد. وهي التحقيقات التي باشرتها الفرقة الجهوية لجرائم الأموال، بتعليمات من الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش، من أجل التدقيق في مضامين الشكاية ضد مجهول التي تقدمت الجمعية المغربية لحماية المال العام، في وقت سابق لدى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، مطالبة من خلالها بفتح بحث معمق بخصوص وجود “شبهة تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ، والغدر وتضارب المصالح”، مطالبة بالاستماع لمدير الخزينة العامة، نور الدين بنسودة، والمدير الجهوي للأملاك المخزنية بمراكش، من أجل إجراء بحث قضائي يهم “تفويت عقار مخزني، يقع بمنطقة تاركة بمراكش، مساحته هكتارين و280 مترا مربعا، يهدف إنجاز مشروع عقاري كبير عبارة عن مركب سياحي بالمنطقة المذكورة، لفائدة شركة ذات المسؤولية المحدودة تسمى “سليم سكن” بسعر 300 درهم للمتر مربع. التحقيقات دامت حوالي 6 ساعات ونصف، استمعت خلالها الفرقة الجهوية لجرائم الأموال إلى مسؤول فرع الجمعية المغربية لحماية المال العام بمراكش، البدالي صافي الدين، واستمرت بشكل متواصل منذ الساعة العاشرة صباحا إلى الخامسة مساء، فيما لم تتجاوز التحقيقات في ملف شكاية مماثلة تقدمت بها الجمعية ضد مجهول من أجل تبديد ونهب أموال عمومية والفساد بالجماعة القروية سيد ازوين، نصف ساعة. وهمت التحقيقات التي باشرتها الشرطة القضائية لمكافحة الجرائم، في ملف بنسودة الاستماع ودراسة الوثائق الجديدة لرئيس الفرع التي أدلى بها تعزيزا لما ورد في شكاية جمعية حماية المال العام، كما تم البحث في الاتهامات ودواعي “التهمة” التي أشارت إليها الشكاية، وهو الاستماع الأمني الذي شهد نقاشا طويلا استهدف الحصول على توضيحات أكبر من مسؤول الجمعية، والإدلاء بتوضيحات أخرى تكشف العلاقة ما بين الشركة التي حازت العقار وبنسودة، من خلال الأبحاث والتحقيقات التي قامت بها جمعية حماية المال العام. وهو الملف الذي عرف تدقيقات في الأسئلة والبحث من أجل تحديد الشبهة المحيطة بعملية تفويت القطعة الأرضية لبنسودة. ودققت التحقيقات في القيمة المالية لتفويت الأرض التي حددت في 300 درهم للمتر المربع، في حين تؤكد الجمعية في شكايتها أن قيمتها المالية هي أكبر من ذلك، وحاولت التحقيقات أن تجيب هل الثمن الذي فوتت به الأرض هو ثمن قانوني أو تفضيلي؟ وهو ما أصرت جمعية المال العام على كشف إمكانية “شبهة” التواطؤ من أجل الحصول على الأرض من أملاك الدولة بثمن زهيد، وبالتالي، حرمان الخزينة العامة من 40 مليار سنتيم. كما وقفت التحقيقات على الإجراءات التي تفيد بأن تفويت العقار للشركة المملوكة لأطفال بنسودة وزوجته، تم بطريقة غير سليمة، والتي كانت تفرض على إدارة الأملاك المخزنية إعلان بيعه للعموم وإجراء سمسرة عمومية. تحقيقات الفرقة الجهوية لجرائم الأموال، كانت تستهدف الحصول على توضيحات أكثر بخصوص مضمون الشكاية، والبحث في الأدلة ومدى صحة الاتهامات التي وردت فيها، ليتم بعدها الوقوف على تفاصيل الشكاية، ومنها العلاقة ما بين بنسودة والشركة، وهي التحقيقات التي حصلت من خلالها الشرطة القضائية على القانون الأساسي للشركة الذي يظهر اسم بنسودة وأطفاله، ودفتر التحملات الموقع بين الشركة والأملاك المخزنية الذي يلزم الشركة بإنجاز المشروع في ظرف ثلاث سنوات، وهو المشروع الذي لم يتم الانتهاء من أشغاله، تؤكد الجمعية في شكايتها، كما تم الإدلاء بمحاضر اجتماعات الشركة، وهي الوثائق التي تم البحث في مدى صحتها للتأكد من الطريقة التي فوت بها العقار المذكور. وكانت “أخبار اليوم” حصلت على وثائق تظهر استفادة بنسودة، المدير الحالي للخزينة بوزارة المالية، من تفويت أرض للدولة بمراكش، لإنجاز مشروع عقاري كبير يُدرّ الملايير. وكشفت في مقال سابق، أن الأمر يتعلق بأرض مساحتها 20280 مترا مربعا بمراكش، ثم تفويتها سنة 2007، بمبلغ لا يتعدى 6 ملايين و84 ألف درهم، أي 300 درهم للمتر المربع. لا أحد حينها كان يعلم أن بنسودة وعائلته ضمن المستفيدين لأن اسمه كان مختفيا وراء اسم شركة حصلت على تفويت الأرض، على أساس إنجاز مشروع استثماري عقاري. لكن تبين بعد البحث أن اسم بنسودة يوجد ضمن المساهمين في الشركة نيابة عن أبنائه القاصرين، قبل أن تعين زوجته مديرة للشركة، وهو الأمر الذي أكدته شكاية جمعية المال العام التي تقدمت بها إلى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف، تطالب فيها بفتح بحث معمق بخصوص وجود شبهة تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والغدر وتضارب المصالح.