أزمة صامتة داخل الحكومة بسبب موقف حزب العدالة والتنمية من قضية عبدالعلي حامي. إذ علمت “أخبار اليوم” أن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب تقدم بسؤال شفوي يوم الاثنين الماضي موجه إلى وزير العدل ينتقد فيه تدخل الحكومة في استقلالية القضاء، مستندا في ذلك على تصريحات رئيس الحكومة، ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، ضد قرار قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس متابعة وإحالة حامي الدين على غرفة الاسئنناف في ملف آيت الجيد بنعيسى، الذي يعود إلى سنة 1993. مصادر أكدت أن البرلماني، سعيد باعزيز، من الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، كان قد تقدم زوال الاثنين الماضي بسؤال شفوي ينتقد فيه تدخل الحكومة في مؤسسة القضاء، في إشارة إلى ثلاث وقائع اعتبرها “خطيرة” وتمس باستقلالية مؤسسة دستورية: الأولى موقف مصطفى الرميد بصفته وزير الدولة مكلف بحقوق الإنسان على حسابه في “فايسبوك”، حيث انتقد قرار قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس متابعة حامي في قضية سبق البت فيها قبل 25 سنة، والثانية بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي انتقدت فيه القرار القضائي نفسه، وهو البلاغ الذي وقعه، على خلاف العادة، سعد الدين العثماني بصفته الأمين العام للحزب، والثالثة تصريحات العثماني، أيضا، في افتتاح ندوة الحوار الداخلي للحزب بمراكش نهاية الأسبوع الماضي، حيث أكد على “تضامن الحزب المطلق مع حامي الدين”. المبادرة الاتحادية دفعت فريق حزب العدالة والتنمية إلى الاحتجاج بقوة، معتبرا أن الخطوة “تمس في العمق” الاستقرار الحكومي، وهو الموقف الذي عبّر عنه إدريس الأزمي، رئيس الفريق، في اتصال بينه وبين رئيس الفريق الاشتراكي شقران إمام، وعد على إثره إمام بسحب السؤال بحجة أنه لم يطلع ولم يؤشر عليه. وبحسب مصدر برلماني وقيادي في الاتحاد الاشتراكي، فإن الحزب قرّر البقاء على الحياد في قضية حامي الدين، رغم أنه لا يتفق مع خطوة الرميد توجيه انتقاد مباشر وصريح لقرار قاضي التحقيق، وأضاف المصدر “لم نناقش قضية حامي الدين لا في المكتب السياسي ولا في مكتب الفريق، ليس لنا صلة بالقضية، ونعتبر أن مبادرة النائب باعزيز تبقى انفرادية، بحيث لم يؤشّر عليها رئيس الفريق، لذلك تقرر سحب السؤال حفاظا على الانسجام الحكومي”. وكان عبداللطيف وهبي، برلماني حزب الأصالة والمعاصرة، قد وجه سؤالا شفويا إلى وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان حول قضية حامي الدين، مشيرا في نص السؤال إلى وجود تأثيرات على قرارات القضاء ما يهدد استقلاليته، وكان متوقعا أن يبرمج السؤال في جلسة الاثنين الماضي، لكن ذلك لم يحدث. وبحسب مصدر مطلع، فإن الرميد رفض التفاعل مع سؤال وهبي، على اعتبار أن السؤال لا يجب أن يوجّه إليه في الأصل، بل إلى وزير العدل المعني الأول بقطاع العدالة داخل الحكومة. وكان الرميد قد انتقد بقوة، في تدوينة على حسابه “فايسبوك” قرار قاضي التحقيق متابعة حامي بتهمة جديدة، بحيث عبر عن اندهاشه من القرار في قضية سبق البت فيها بقرار نهائي وبعدما برأته المحكمة من تهمة المساهمة في القتل العمد و”أعادت التكييف على أساس أنها مساهمة في مشاجرة أدت إلى القتل”. واعتبر حامي أن قاضي التحقيق بفاس خرق “قاعدة تعتبر من النواة الصلبة لقواعد المحاكمة العادلة ومبدأ أصيلا من مبادئ دولة الحق والقانون، والتي يعتبر خرقها خرقا خطيرا لقاعدة قانونية أساسية يوجب المساءلة، طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة”. وتبنى محامون وسياسيون آخرون الموقف الرافض نفسه لقرار قاضي التحقيق استنادا إلى مبدأ سبقية البت، وانتصارا للأمن القضائي ومصداقية الأحكام القضائية.