ملف مثير أصدر في شأنه قاضي التحقيق باستئنافية مراكش، مؤخرا، أمرا بإيداع أربعة أشخاص سجن “الأوداية”، بضواحي المدينة، على ذمة التحقيق الإعدادي، الذي يجريه في هذه القضية، بعد أن التمس منه الوكيل العام للملك لدى المحكمة نفسها إجراء أبحاث قضائية في شأن اتهامهم ب”استخراج مواد معدنية بدون ترخيص”، مع متابعتهم في حالة اعتقال. وقد تفجّر الملف على إثر عملية مراقبة روتينية كان يقوم بها الدرك الملكي، فجر يوم السبت المنصرم، في سد أمني عند مدخل مركز الجماعة القروية “عين تزيتونت”، بإقليم شيشاوة، أوقف خلالها سيارة لنقل البضائع، من نوع “بيكوب”، قادمة من جماعة “آيت حدّو يوسف” ومتجهة إلى “جماعة “انفيفة”، ومحمّلة بحوالي طن من الأتربة الممزوجة بمعدن خام، قبل أن يتم اقتياد سائقها إلى مقر المركز الترابي للدرك الملكي بمدينة إيمنتانوت، و يدلى، خلال الاستماع الأولى إليه، بأنه يقوم باستخراج الذهب الخام من كهوف تتواجد بالقرب من دوار “آيت زملال”، التابع لجماعة “آيت حدو يوسف”، ويبيعها إلى شخص بمدينة الدارالبيضاء، ليتقرّر وضعه تحت الحراسة النظرية، على ذمة البحث القضائي التمهيدي، الذي أمرت به النيابة العامة المختصة، ممثلة في الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش. استهلت الضابطة القضائية أبحاثها الأمنية بإعادة الاستماع إلى الشخص الموقوف، الذي كشف عن هوية مجموعة من الأشخاص الذين يتعامل معهم في جميع المراحل، بدءا من عملية استخراج المادة الخام للمعدن من المنجم العشوائي، وفصلها عن الشوائب، وصولا إلى مرحلة تسويقها، ليتم الانتقال إلى مقر سكنه بجماعة “انفيفة”، بضواحي إمنتانوت، الذي ضبط فيه الدرك الملكي معدات تقليدية يستعملها في فصل المعدن الخام عن الرواسب، وهي المعدات التي تم حجزها في إطار البحث التمهيدي الجاري، كما تم توقيف شخصين وردت أسماؤهما في التصريحات التمهيدية لسائق سيارة “البيكوب”، على إثر مداهمتين أمنيتين لمقري سكنهما. فقد وضع الدرك الملكي كمينا، في العملية الأولى، انتهى بتوقيف شخص ثان، بعد أن تمّت مداهمة منزله بدوار “اسكيكيمة”، بالجماعة الترابية نفسها، وبداخله معمل تقليدي تجري فيه عملية المعالجة الأولى للمعدن قبل نقله إلى الدارالبيضاء لبيعه، أما التدخل الأمني الثاني، فقد أسفر عن توقيف مشتبه فيه ثالث، يعمل معالجا تقليديا للكسور “جبار”، على إثر مداهمة أمنية لمسكنه بدوار “الزنادة”، بجماعة “ادويران” المجاورة، حجز منه الدرك، أيضا، معدات تقليدية تستعمل في تحويل المعدن الخام إلى معدن بدون شوائب، فيما لازال البحث جاريا عن مشتبه فيهم آخرين، وردت أسماؤهم في البحث التمهيدي. مشتبه فيه رابع، يعمل بائعا للذهب بمراكش، استمع إليه الدرك الملكي، على خلفية الاشتباه في اقتناء المعدن من الأشخاص الموقوفين، وقد أجريت له مسطرة التقديم، يوم الثلاثاء المنصرم، أمام أحد نواب الوكيل العام للملك، في حالة سراح، قبل أن يتقرّر متابعته في حالة اعتقال، وتتم إحالته على قاضي التحقيق، إلى جانب المشتبه فيهم الثلاثة الآخرين، الذين استنطقهم ابتدائيا، قبل أن يقرّر تأييد ملتمس النيابة العامة بمتابعتهم جميعا في حالة اعتقال، محرّرا أمرا مكتوبا بإيداعهم السجن، في انتظار إجراء جلسة استنطاقهم التفصيلي. يذكر بأن أربعة أشخاص لقوا مصرعهم وأصيب ثلاثة آخرون بجروح، قبل حوالي سنة، في انهيار منجم عشوائي للنحاس عليهم بدوار “أورار” بالجماعة الترابية “آيت حدّو يوسف”، بإقليم شيشاوة، واستنادا إلى مصدر محلي، فقد دأب العديد من أبناء المنطقة، بينهم الضحايا السبعة، الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و32 سنة، على استخراج النحاس الخام، بشكل سري وبطريقة عشوائية، من المنجم، الذي توقف به الإنتاج من طرف الشركة المستغلة، منذ حوالي سنتين، وبيعه في السوق السوداء، وقد فتح المركز القضائي، التابع لسرية الدرك الملكي بشيشاوة، بحثا قضائيا تمهيديا في شأن الحادث المذكور.