تعيش مدينة تازة منذ يوم الثلاثاء الماضي، حالة من الرعب بسبب غازات سامة مجهولة المصدر، أدت إلى حالات اختناق جماعي لتلاميذ مدرسة بني مرين الابتدائية بحي القدس 2، والقريبة من الحي الصناعي بالمدينة، حيث أغمي على أزيد من أربعين تلميذا وتلميذة عقب استنشاقهم للهواء الملوث بحجرات الدرس المعرضة للغازات المجهولة، إذ نقلوا في حالة صحية حرجة إلى المستشفى الإقليمي ابن باجةبتازة، وخضعوا هناك لتدخلات طبية عاجلة أنهت قلق عائلاتهم والذين باتوا يترددون في إرسال فلذات أكبادهم للمدرسة التي تواجه خطورة الغازات السامة المجهولة المصدر، تورد مصادر “أخبار اليوم”. واستنادا إلى مصدر قريب من الموضوع، علمت الجريدة بأن سلطات تازة والنيابة الإقليمية لوزارة التربية والتكوين، سارعا إلى إيفاد لجنة خاصة للتقصي في مصدر هذه الغازات السامة المجهولة، والتي سبق لها أن تسببت في شهر فبراير الماضي في اختناق 87 تلميذا وتلميذة بنفس المدرسة الابتدائية القريبة من الحي الصناعي بمدينة تازة، فيما زار يوم السبت الأخير عامل الإقليم مصطفى المعزة، المدرسة الابتدائية “بني مرين” القريبة من الحي الصناعي، حيث عقد لقاء مع الأطر الإدارية والتربوية وممثلي جمعية الآباء والأمهات بالمدرسة، واستمع إلى تخوفاتهم وقلقهم على صحة أبنائهم بعد أن تكررت حالات الاختناق الجماعي بسبب الغازات المجهولة. هذا وأسفر اجتماع العامل بجمعية ممثلي جمعية الآباء والأمهات، عن اتخاذ أربعة تدابير عاجلة، همت بحسب ما كشفت عنه مصالح العمالة، إيفاد لجنة مختلطة تتشكل من مختلف المصالح المعنية (الطاقة والمعادن – الصحة – مصالح العمالة – السلطة المحلية – المصالح الأمنية)، للوقوف على تدابير السلامة بمحطة “سلام غاز” الكائنة بالحي الصناعي، حيث يشتبه المحققون في تسرب الغازات منها، كما كلف المسؤول الأول عن الإقليم فريقا علميا وتقنيا تابع لمصالح الدرك لأخذ عينات من الهواء داخل المؤسسة ومحيطها لإخضاعه للخبرة التقنية بالمختبر الوطني للدرك الملكي بالرباط، فيما قام خبراء بمختبر متنقل، يوم أول أمس الأحد، بعمليات قياس دقيق لمكونات الهواء داخل وخارج المدرسة الابتدائية، أما الإجراء الثالث الاستعجالي فهم أخذ عينات من دم التلاميذ وإرسالها إلى مختبرات المركز المغربي لمحاربة التسمم بالرباط، لإجراء الفحوصات المخبرية والتي قد تفيد المحققين في فك لغز الغازات السامة التي استنشقها تلاميذ مدرسة تازة، وتسببت لهم في آلام حادة على مستوى القفص الصدري والدوران والقيء والغثيان، كما قام أعضاء اللجنة المختلطة، بشن حملة تنقية لمجاري المياه العادمة داخل المؤسسة ومحيطها، وكذا بواد “جعونة” المحاذي للمدرسة، تقول مصادر “أخبار اليوم”. والمثير في الحادث، بحسب ما كشف عنه ل”أخبار اليوم” مصدر قريب من الموضوع بمدينة تازة، فإن السلطات المحلية واللجان التقنية، عجزت حتى الآن عن تحديد مصدر الغازات السامة والمكان الذي تتسرب منه، خصوصا أن سكان الأحياء القريبة من المدرسة الابتدائية لبني مرين، لم تسجل بينهم أية حالة اختناق أو تسمم بسبب الغازات المجهولة المصدر، ومما يزيد عمل الخبراء تعقيدا، تضيف مصادر الجريدة، هو أن اشتباههم في معمل قريب من المدرسة متخصص في تعبئة قارورات غاز البوتان، يوجد مقره بالحي الصناعي رقم 1، أظهرت نتائج أبحاثهم التي أجروها السنة الماضية، عدم وجود أي تسرب لغاز البوتان من صهاريج الغاز التي يستعملها المعمل في تعبئة القارورات من أحجام متنوعة، حيث يتوفر المعمل بحسب مصدر قريب من التحقيقات، على أجهزة إنذار متطورة مثبتة بجميع أنحاء المعمل تشعرهم عند وجود أية حالة تسرب للغاز ولو كانت خفيفة، مما جعل المحققين يستبعدون فرضية تسرب غاز “البوتان” من المعمل، خصوصا أنه لم يتم تسجيل أية حالة اختناق في صفوف ساكنة الأحياء السكنية القريبة من المعمل. وفي انتظار نتائج الأبحاث الجديدة التي أمر عامل إقليمتازة بإجرائها لفك لغز هذه الغازات السامة، تعيش مدينة تازة حالة من الرعب والذهول والترقب، بعد أن فشلت السلطات المحلية حتى الآن في تحديد مصدر تسرب هذه الغازات، والتي باتت تشكل خطرا كما تقول العائلات على صحة أبنائهم الذين يتابعون دراستهم بمدرسة بني مرين القريبة من الحي الصناعي لمدينة تازة، بعد أن تعرض 87 منهم في السنة الدراسية الماضية لتسمم جماعي، ولحق بهم 47 آخرون هذه السنة، بعد أن استنشقوا يوم الثلاثاء الأخير نفس الغازات السامة والتي تطلبت نقلهم للمستشفى في حالة صحية حرجة..