أخيرا وبعد مرور أزيد من أربع سنوات من الأبحاث والتحقيقات في ملف سوق الجملة للخضر والفواكه التابع للجماعة الحضرية لمدينة مكناس، والذي كان موضوع اختلاسات مالية رصدتها لجان تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية على عهد العمدة السابق للعاصمة الإسماعيلية أحمد هلال، والذي فاز في انتخابات 2007 باسم “البام” قبل أن يطرد من الحزب، أصدرت الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة جرائم الأموال بجلستها ليوم الثلاثاء من الأسبوع الجاري، أحكامها ضد المتهمين العشرة، وزعت على ثمانية منهم 16 سنة سجنا نافذا، فيما برأت المتهم التاسع والعاشر. وبحسب منطوق أحكام المحكمة، والتي صدرت عقب ماراطونية لدفاع المتهمين، فإن مدير سوق الجملة للخضر والفواكه والذي قضى أزيد من عشرين سنة على رأس إدارته، أدين بسنتين سجنا نافذا وغرامة مالية حددتها المحكمة في 10 آلاف درهم، وبنفس العقوبة أدين سبعة متهمين آخرين، من بينهم موظفون بالسوق تابعون للجماعة الحضرية لمدينة مكناس وخمسة وكلاء، حيث توبعوا في حالة سراح بعد أن أدوا كفالات مالية خلال فترة التحقيق معهم تراوحت ما بين 30 ألفا و5 آلاف درهم، فيما حصل اثنان من زملائهما على البراءة من التهم الثقيلة التي توبع بها المتهمون الثمانية المدانون، تخص “اختلاس وتبديد أموال عامة”، و”منح إعفاءات من الرسوم بدون إذن قانوني”، و”الارتشاء”، و”تزوير توصيلات رسمية واستعمالها”، حيث سبق لقاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال ورئيس غرفتها الجنائية الابتدائية الذي أصدر الأحكام في هذه القضية، أن واجها المتهمين بشهادة حارس بمربع "c" بسوق الجملة للخضر والفواكه لمدينة مكناس، كشف فيها قائمة بأسماء وكلاء بالسوق اتهمهم بالتورط مع المدير في اعتماد نظام "الفورفي" في عمليات استخلاص رسوم كميات الخضر والفواكه التي تلج السوق، حددها الشاهد في التصريح ب 200 صندوق فقط من أصل حمولة الشاحنة المحددة في 400 صندوق، مما يفسر بحسب الأبحاث المنجزة تراجع مداخيل السوق بناء على تقديرات المحققين من 15 مليون درهم سنويا، إلى أقل من 7 ملايين درهم، فيما كشفت أبحاث المحققين عن وجود اختلالات في مداخيل السوق وتدبيره الإداري كانت موضوع تقارير لجان للتفتيش بوزارة الداخلية، وأخرى وردت في تقارير قضاة المجلس الجهوي للحسابات بفاس برسم سنة 2013. يذكر أن فضيحة سوق الجملة للخضر والفواكه بمدينة مكناس، خرجت للعلن منتصف سنة 2014، عقب شكايات وضعها مستشارون من “البام” و”البيجدي” وحزب الاستقلال، كانوا في صف المعارضين لعمدة مكناس السابق أحمد هلال والذي نزل من “التراكتور” والتحق حينها بحزب الإتحاد الدستوري، (وضعوها) على مكتب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بقسم جرائم الأموال بفاس، يتهمون فيها إدارة السوق بتبديد أموال عامة. من جهته، سبق لعبد الله بوانو، العمدة الحالي لمكناس، أن كشف خلال التحقيقات التي أجرتها لجان للتقصي أوفدتها المفتشية العامة بوزارة الداخلية قبل الانتخابات الجماعية لشتنبر 2015، بأن حزب العدالة و التنمية سبق له خلال تدبيره لشؤون العاصمة الإسماعيلية على عهد أبو بكر بلكورة قبل عزله في 2008، أن أجاب عن اختلالات السوق في 2005، عقب تلقيه ملاحظات من لجان المجلس الأعلى للحسابات ولجان تفتيش من الداخلية، لكن الوضعية تعقدت مع المجالس اللاحقة، خصوصا المجلس الذي ترأسه سلف بوانو، أحمد هلال، وإقدامه بحسب تقارير “البيجدي” على إلغاء التدابير التي اتخذها حزب العدالة والتنمية لتصحيح الاختلالات، ومنها الشركة الخاصة لحراسة سوق الجملة لتفادي التلاعب فيه، وتغيير لائحة وكلاء السوق، والتي ظلت كما هي منذ سنة 2001، وتضم 49 وكيلا يفوق عدد وكلاء سوق الجملة للدار البيضاء، كما طالبوا بالتشطيب على الموتى منهم، وفتح تحقيق في اختفاء الميزان الإلكتروني من سوق الجملة للخضر والفواكه في مقابل الاعتماد على نظام “الفورفي”، بحسب المعطيات التي سبق أن كشف عنها عبد الله بوانو، خلال خروج اختلالات سوق الجملة إلى العلن.