أعلن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية المقبل، أن سنة 2019 ستعرف الشروع في إصلاح اختلالات نظام التغطية الصحية "راميد" الذي تم الشروع في تنفيذه في مارس 2012، ويضم حاليا حوالي 12 مليون مستفيد. هذا النظام رغم مساهمته في حل بعض الإشكاليات لدى الفئات الفقيرة، وأدى إلى إقبال العديد من الفئات على المؤسسات الاستشفافية العمومية، إلا أن مشاكل واختلالات كثيرة يعرفها تجعله على حافة الإفلاس. فالمواطنون الذين يتوفرون على التغطية الصحية "راميد"، لا يجدون الخدمات الصحية التي ينتظرونها في المستشفيات، وهناك مشكل في الولوج إلى العلاجات في وقت مناسب، وتأخر في المواعيد والحصول على الأدوية، ووقع ضغط كبير على الموارد المالية والبشرية أدى إلى تدهور في الخدمات الصحية. ومن ضمن الاختلالات التي سبق أن رصدها المرصد الوطني للتنمية البشرية من خلال تقرير نشره في 19 يوليوز الماضي، هناك الآثار السلبية لتدبير هذا النظام على جودة الرعاية الصحية، حيث أصبح جميع المرضى يعانون من تدهور الخدمات الصحية، سواء كانوا من المستفيدين أو غير المستفيدين من "راميد". وأدى ارتفاع الزيادة في الطلب على الرعاية الصحية بالمستشفيات العمومية، إلى الرفع من المجهودات المطلوبة من العاملين في هذه المستشفيات لتوفير المزيد من الخدمات، لكن بالمقابل، فإن الموارد المالية ضعيفة في المستشفيات ولم تعرف زيادات، ما انعكس على الخصاص في الأدوية والخدمات الصحية. التقرير أشار إلى الاستخدام المكثف للمعدات الطبية، مما يفضي إلى تقادم أسرع وأعطال متكررة، بل إلى عدم توفر منصات تقنية في ظل غياب نظام مناسب للصيانة. هناك أيضا إشكالية التمويل، فالمرضى القادرون على الأداء لم يعودوا يتوجهون للمستشفيات العمومية لأن خدماتها ضعفت، وهو ما جعلها تعاني من انخفاض في مواردها الخاصة في وقت ارتفع فيه نشاطها بسبب تدفق المرضى المستفيدين من نظام راميد عليها، في حين أن العبء المالي الفعلي الذي تتحمله هذه المستشفيات لا تتم تغطيته من قبل صندوق التماس الاجتماعي خاص بالنفقات المتعلقة بنظام "راميد"، ولا من خلال منحة الاستغلال المخولة للمستشفيات. حيث تجد هذه الأخيرة نفسها مضطرة لاستهلاك مواردها الخاصة، على حساب ميزانياتها الاستثمارية. من جهة أخرى، فإن المواطنين المستفيدين يعانون من إشكالات أخرى حسب شهادات استقتها "أخبار اليوم" من العاملين في القطاع، مثلا إذا كان المريض متواجدا في مدينة أخرى غير المدينة التي سجل فيها بطاقة راميد وأصيب بمرض واحتاج نقله للمستشفى، فإن عليه أن يعود إلى المدينة أو القرية التي سجل فيها، لأن مستشفى المدينة التي يوجد بها لن يقبل بطاقته "راميد"، ولو كان في حالة مستعجلة. بل عليه أن يعود إلى محل تسجيل بطاقته ويذهب إلى المستشفى أو المستوصف وينتظر توفير العلاجات أو إرساله إلى مستشفى آخر. وفي حالة انتهاء صلاحية البطاقة، فإن المستفيد يعيد توجيه طلبه إلى الجهة المعنية مقابل الحصول على وصل في انتظار صدور بطاقته، لكن هذا الوصل لا يصلح لتقديم العلاجات إلا في الحالات المستعجلة. وفضلا عن ذلك، هناك مشكلة حكامة نظام راميد، فكثير من بطاقة راميد منحت لأشخاص لا يستحقونها، وهناك تحقيقات جارية بهذا الشأن، ما جعل عدد المستفيدين يقفز من 8 ملايين إلى 12 مليون. من جهة أخرى، فإن العديد من المستشفيات بدأت تستغيث بعدما راكمت مستحقات مالية كثيرة لفائدة صندوق التماسك الاجتماعي الذي يعاني من قلة الموارد المالية، ولهذا فإن هناك توجها لخلق صندوق خاص ب"راميد".