لم يكن لقاء تواصليا عاديا، ففي هذه القاعة الضيقة اجتمعت الفئات المعنية والمتضررة بالمقاطعة، هناك الفلاحون والبقالون والزبائن، وهناك أيضا شركة "سنطرال-دانون"، النقاش كان حاميا، بين منتقدين لسياسة الشركة، وبين مقدم لشكواه وقصة معاناته مع حملة المقاطعة التي طالت ثلاثة منتوجات استهلاكية، غير أن شركة الحليب الأولى في المغرب كانت الأكثر تضررا بسبب خرجات مسؤوليها غير المحسوبة. "للمقاطعة تأثير سلبي علينا، لم نعد نعرف ماذا سنفعل بحليبنا، أغلب التعاونيات غرقت في القروض، وبعد خفض كمية الحليب التي تأخذها الشركة منا أصبحنا مهددين بالسجن"، هكذا يعبر محمد، أحد الفلاحين الذين حضروا اللقاء المفتوح الذي تنظمه الشركة بعد إطلاقها حملة "نتصالحوا ونتواصلو" بداية الشهر الجاري، ويضيف في حديثه ل"أخبار اليوم"، "تضررنا أمر واقع وليس لاستجداء المواطنين لوقف المقاطعة، فقط هذا الأسبوع سبع تعاونيات توقفت عن العمل لأن الحليب الذي تنتجه يبقى عندها ولا تبيعه". يصمت محمد لبرهة، يمسح العرق عن جبينه ثم يكمل؛ "نحن هنا ليس لدعم الشركة، لكن لنوصل صوتنا لها ونقول لها إنه بخفضها لنسبة الحليب الذي كانت تشتريه منا جعلنا نغرق في الديون، وأغلب التعاونيات أخذت قروضا لشراء الأبقار وكانت تعول على ثمن بيع الحليب لتسديده، كما أن الديون تراكمت علينا عند شركات بيع الأعلاف، واليوم نحن مهددون بالسجن أو بيع كل ما نملك لتسديد القروض". فلاح آخر حضر اللقاء وهو القادم من سيدي قاسم يقول في حديثه ل"أخبار اليوم"، "إذا كانت الشركة غير قادرة على إيجاد حلول لنا، على الدولة أن تدعمنا لتسويق حليبنا بشكل مباشر للمواطن"، وتابع "قبل المقاطعة كنا نعاني من مشاكل مع الشركة فيما يخص ثمن بيع الحليب وأيضا الأعلاف، وبعد المقاطعة تضاعفت معاناتنا ولم يعد لنا مورد رزق آخر". فضلا عن الفلاحين الذين حضروا اللقاء، التقينا بأحد البقالين والذي قال في حديثه ل"الجريدة"، إن "الشركة بعد المقاطعة والخسائر التي تلقتها، عليها أن تفكر في المستهلك والتجار الصغار الذين هم أول شركائها"، مشددا على أنه "يعقد آماله على هذه الحملة من أجل أن تتم مراعاة هامش الربح لدى البقال والتجار الصغير لأنه هو المتضرر الأول"، وأضاف "بعد المقاطعة اضطررنا نحن أيضا إلى أن نقاطع الشركة ونشتري الحليب من الشركات الأخرى تلبية لرغبة المواطنين، لكن على الشركات الأخرى أن تحذو حذو شركة سنطرال وتراجع بدورها ثمن الحليب". أحد المواطنين الذين حضروا اللقاء والذي كان يتحدث بهجة شديدة منتقدة الشركة وسياستها، قال في حديثه ل"أخبار اليوم"، إن "الشركة ما يهمها فقط هامش الربح دون أن تراعي القدرة الشرائية للمواطنين وجودة المنتوجات التي تقدمها له"، وتابع "المقاطعة كانت درسا قاسيا لكل الشركات التي يمكن أن تفكر أنها أكبر من المستهلك، ويمكنها أن تتلاعب في السعر كما تريد دون أن يكون هناك رد فعل". وردا على هذه الانتقادات الموجهة للشركة، قال عبد الجليل لقيمي، المتحدث باسم شركة سنطرال، إن "الحملة التواصلية التي أطلقتها "سنطرال دانون" للاستشارة، تهم عدة متدخلين من فلاحين وتجار وكذا مستهلكين"، مضيفا أن "الهدف من الحملة، هو أن إتاحة الفرصة للتجار والفلاحة والمستهلك، للتعبير عن آرائهم وتقديم الاقتراحات، وإشراك تطلعاتهم ونحن نقوم بجمع هذه المعطيات". وبخصوص جمع الاقتراحات، قال لقيمي إنه منذ الأسبوع الماضي أزيد من ألف من مستخدمي شركة سنطرال دانون نزلوا إلى الميدان للتحاور مع الناس وجمع مقترحات وآراء المواطنين وتسجيلها، بالإضافة إلى فتح منصة تواصلية "تواصلو.كوم" كوسيلة للتواصل، والتي تلقت حسب المتحدث ذاته آلاف الرسائل والمقترحات وكذا الشكايات". 6