بعد الجدل القانوني، الذي أثير، حول مقترح قانون معاشات البرلمانيين، خلال الأسبوع الجاري، وعلى الرغم من أنه أصبح من المؤكد أن مجلس النواب لن يتمكن من تمرير مشروع إنقاذ معاشات البرلمانيين، ليتأجل من جديد إلى دورة تشريعية أخرى، إلا أن نقاش المعاشات، لا يزال يستأثر باهتمام كبير، وسط السياسيين، وداخل المجتمع، وسط حديث عمن يقف وراء التشبث بنظام معاشات البرلمانيين. ولم يظهر في ساحة النقاش إلا فريق العدالة والتنمية، الذي قال عدد من نوابه إن فرقا تنصلت من مسؤولياتها، وتركته "في فوهة بركان الانتقادات"، بينما أشار آخرون إلى الأيادي الحقيقية، التي تحرك ملف تقاعد البرلمانيين، وتتشبث به داخل أروقة البرلمان دون الظهور في الساحة. وتحول تقاعد البرلمانيين إلى آداة شرخ لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وسط تشبث القيادات، وعلى رأسها إدريس لشكر، بالتقاعد، ورفض عدد من نواب حزبه، وعلى رأسهم، رئيس الفريق في مجلس النواب، شقران إمام، الذي دعا حزبه إلى ضرورة عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني للحسم في موقفه من قضية المعاشات. ومن جانبه، تشبث حزب الاستقلال بإصلاح صندوق معاشات البرلمانيين، وعدم إلغائه، وهو الموقف، الذي عبر عنه رئيس الفريق، نور الدين مضيان، موجها سهام نقده إلى فريق حزب الأصالة والمعاصرة، الذي قال عنه إنه يعبر عن موقف داخل اجتماعات رؤساء الفرق، بينما يعلن أخرى مختلفة خلال لقاء اللجنة البرلمانية، أو التصريحات الصحافية. وفي السياق ذاته، وبحثا عن الواقفين وراء التشبث بصندوق معاشات البرلمانيين، تحدث محمد خيي، البرلماني الشاب عن حزب العدالة والتنمية، خلال اجتماع اللجنة، عن تلقي البرلمانيين اتصالات هاتفية، والضغط عليهم، معتبرا أن "هناك من يكبل إرادة البرلمانيين" في التعبير عن مواقفهم من موضوع المعاشات. وأوضح خيي أن له تفسيرا سياسيا للضغوطات، التي تمارس من أجل تمرير مقترح قانون لإنقاذ معاشات البرلمانيين، وقال: "سآتيكم من النهاية، هناك من يحرص على أن يخاصم المؤسسة مع الرأي العام الوطني، الذي نبدو له أننا مجرد انتهازيين، ويعتبرنا بمثابة جهاز تشريعي يشرع للبرلمانيين من أجل الريع، بينما نحن نشرع لآخرين لدواع اجتماعية". ومن جانبها، قالت آمنة ماء العينين في السياق ذاته، إن "حزب الأصالة والمعاصرة تنصل من تعهداته، وتراجعت مكونات الأغلبية إلى الخلف، وأخرج رئيس المجلس الملف من مكتب المجلس، الذي كان يتابعه، وبقي فريق العدالة والتنمية تحت القصف، وكأنه الساهر على تمرير القانون، وهو أمر غير صحيح، ولا يعكس إرادة أعضاء الفريق، الذين يتصرفون بالكثير من التعقل، وضبط النفس في مواجهة تشويههم، وتصويرهم بمثابة "رباعة" من مقتنصي الفرص، وهو أمر يستوجب وقفة حقيقية للتصحيح والانصاف". وفي السياق نفسه، لاتزال الحكومة متشبثة بموقفها الرافض لضخ أي أموال من ميزانية الدولة في إنقاذ صندوق معاشات البرلمانيين، وهو الموقف، الذي جدد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، التعبير عنه، أمس السبت، خلال الحوار الداخلي لحزبه في مراكش، مشيرا إلى أن بقية النقاش، هو نقاش داخلي برلماني، لا علاقة للحكومة به.