منذ صدور الأحكام الثقيلة في حق معتقلي حراك الريف، والمتراوحة بين سنة و20 سنة سجنا نافذا، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتدوينات المنددة بهذه الأحكام، التي اعتبرتها «قاسية» و«ظالمة» في حق رفاق ناصر الزفزافي. وفي مقابل هذه التفاعلات من مواطنين ونشطاء وفاعلين من مختلف الحساسيات المجتمعية، اختارت العديد من الهيئات السياسية الركون إلى الصمت. حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، الذي كان معروفا، تاريخيا، بوقوفه إلى جانب المعتقلين السياسيين، لم يحرك ساكنا، بل اختارت قيادته لغة الصمت وهي تتلقى الأخبار الآتية من محكمة الاستئناف بالدار البيضاء. الصمت المطبق كان عنوانا بارزا لأحزاب أخرى داخل الأغلبية الحكومية، وعلى رأسها «التجمع الوطني للأحرار» المعروف بعدم التعليق على أي نقاشات كهذه، و«الحركة الشعبية» و«الاتحاد الدستوري»، مقابل تعبير حزبين فقط من الأغلبية عن مواقفهما من هذه الأحكام. ويتعلق الأمر بحزب «العدالة والتنمية» الذي لم يصدر بلاغا رسميا في الموضوع، لكن نائب أمينه العام، سليمان العمراني، خرج بتصريح على الموقع الرسمي للحزب، يتجنب الخوض في مدى عدالة هذه الأحكام، ويدعو إلى تصحيح الوضع في مرحلة الاستئناف. وقال العمراني إن حراك الريف وجرادة «يسائلان نموذجا حزبيا معينا أبان عن إفلاسه، ولا يبدو أن من وراءه يريد القطع نهائيا مع هذا النموذج»، مضيفا أن هذين الحراكين، إلى جانب حراكات محدودة هنا وهناك، «تسائل في العمق نموذجنا التنموي الوطني الذي أجمع الكل على محدوديته». أما الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، فقد خرج بدوره عن الصمت الذي اختارته أغلب الأحزاب المشكلة للحكومة، واعتبر أن الأحكام في حق نشطاء الريف كانت قاسية، وأنها «لن تسهم في إذكاء جو الانفراج المنتظر في المجتمع»، معبّرا عن أمله في أن «تراجَع هذه الأحكام بكافة السبل القانونية والقضائية الممكنة». حزب «الأصالة والمعاصرة»، المحسوب على المعارضة، عبّر عن أسفه تجاه الأحكام التي صدرت في حق الزفزافي ورفاقه، إذ سجّل أمينه العام، حكيم بنشماس، في تصريح رسمي، أن هذه الأحكام «قاسية جدا وغير متماشية مع ما راكمته بلادنا في المجال الحقوقي». وأضاف بنشماس أن حزبه «المؤمن بقدرة الذكاء الجماعي الوطني على تغليب صوت الحكمة، وإذكاء قيم التجاوز والصفح والعفو، يعكف على دراسة كل الإمكانات المتاحة لطي هذه الصفحة، والتفرغ لاستكمال مسيرة بناء وطن يتسع لجميع أبنائه». فدرالية اليسار الديمقراطي، المكونة من «المؤتمر الوطني الاتحادي» و«الطليعة الديمقراطي الاشتراكي»، عقدت ندوة صحافية، في اليوم الموالي لصدور الأحكام، عبّرت فيها عن استياء الفدرالية من الأحكام القضائية الثقيلة في حق نشطاء الريف. منيب سجّلت أن الدولة لم تتعامل بحكمة مع معتقلي الريف، معتبرة أنه «كان عليها إطلاق سراح المعتقلين، وإعلان خطة للتنمية في المنطقة وفي المغرب ككل، وأن تستمع إلى صرخة الشعب المقهور». حزب «الاستقلال»، الذي انضم إلى المعارضة بعد مرحلة مساندة نقدية للحكومة، لم يخرج بأي بيان رسمي للتعليق على هذه الأحكام التي خلقت جدلا كبيرا. مصدر من الحزب قال ل«أخبار اليوم» إن قيادة «الميزان» استغلت اللقاء مع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أول أمس الأربعاء، للتعبير عن «انشغالنا العميق بهذه الأحكام الثقيلة التي نأمل أن تكون إيجابية خلال مرحلة الاستئناف»، مضيفا أن الحزب «دعا العثماني إلى التعجيل بوضع حد للاحتقان الاجتماعي الحاصل اليوم».