كانت مباراة المغرب ضد هولندا، برسم الجولة الثالثة من دور المجموعات الأول، لنهائيات كأس العالم 1994 بالولاياتالمتحدةالأمريكية، بمثابة نهاية مسار المشاركة الثالثة لأسود الأطلس تاريخيا بالمونديال، على اعتبار هزيمتيهم الأوليين، أمام كل من بلجيكا والعربية السعودية، فيما كانت مباراة للعبور بالنسبة إلى الهولنديين، الذين كانوا يمنون النفس بانتصار ثان في المونديال الأمريكي، بعد هزيمة أمام بلجيكا في الجولة السابقة بهدف وحيد، وانتصار في الجولة الأولى أمام العربية السعودية بهدفين لواحد. ولعل الخروج المبكر للأسود في مباراتيه الأوليين، كان له تأثيره على العناصر الوطنية، وكذا الناخب الوطني، الراحل عبد الله بليندة، الذي ارتأى القيام بالعديد من التغييرات على مستوى التشكيلة الأساسية، لربما لإتاحة الفرصة لبعض العناصر الجديدة، التي تضمنتها قائمته للمونديال، لدخول التاريخ، ولعب مباراة أو دقائق من مباراة بالمونديال، بعد الغياب في المباراتين أمام كل من بلجيكا والسعودية. وهكذا أشرك العلوي أشرف زكريا، كحارس رسمي، بدلا عن عزمي خليل، الذي تلقى الكثير من الانتقادات بعد هدف السعودية الثاني، كما كان لجمع نور الدين النيبت لإنذارين في المباراتين الأوليين، أثره، إذ غاب الأخير تاركا مكانه لرشيد نكروز. وأشرك بليندة، حسن ناضر لأول مرة في المونديال، مكان محمد الشاوش، كما دخل محمد عزيز الصمدي، مكان عبد الله ناصر، كظهير أيمن، وهو مركز غير مفهوم للاعب يلعب على مستوى الجناح الأيمن بفريقه آنذاك الجيش الملكي، فيما أخذ عبد المجيد بويبوض، مكان زميله بالوداد الرياضي، رشيد الداودي، على مستوى الرسمية كذلك. المباراة، شهدت تسجيل ثلاثة أهداف في نهاية المطاف، كان نصيب الأسد منها لفائدة الهولنديين، الذين افتتحوا الحصة في الدقيقة 42، بواسطة دنيس بيركامب، نجم المنتخب البرتقالي آنذاك، بعد توغل لبيتر فان فوسن من الجهة اليسرى، أقصى معه مدافعين مغربيين، قبل أن يربك معه مدافعين آخرين، لتجد الكرة بغرابة منفذها صوب بيركامب. الأخير، لم يجد أدنى صعوبة في إسكانها مرمى حارس الكوكب المراكشي، معلنا تفوق الهولنديين مع نهاية الشوط الأول. ضربة بداية الجولة الثانية، جاءت بمتغير إشراك بليندة لمصطفى حجي، مكان بويبوض، وهو التغيير الذي أثمر أكله، من خلال التمريرة الحاسمة والذهبية، للاعب نانسي الفرنسي آنذاك، صوب المهاجم ناضر. الأخير لم يجد هو الآخر أدنى صعوبة في تعديل الكفة، مانحا ثاني هدف للمنتخب الوطني المغربي في مونديال 1994، بعد هدف الشاوش أمام السعودية، وسابع هدف لأسود الأطلس في تاريخ مشاركاتهم بالمونديال. بطبيعة الحال، نتيجة التعادل لم تكن لتخدم مصالح الهولنديين، والذين قاموا بجهد جهيد بعد ذلك، من أجل إدراك هدف الفوز، الذي كان سيؤمن عبورهم إلى الدور الثاني، وهو ما تأتى لهم، عن طريق براين روي، والذي كان قد دخل للتو في الدقيقة 67 من الجولة الثانية مكان ويم جونك، قبل أن يتلقى كرة ذهبية، من طرف النجم بيركامب في الدقيقة 79، ودائما من الجهة اليسرى، التي كانت مصدر الخطورة بالنسبة للهولنديين طيلة أشواط المباراة، في ظل الأخطاء التي كان يرتكبها المدافعون المغاربة. المباراة إذن، انتهت بتسجيل الأسود لهزيمتهم الثالثة على التوالي بمونديال الولاياتالمتحدةالأمريكية 1994، وإدراك هولندا لفوزها الثاني، وبالتالي وصولها إلى الدور الثاني، رفقة بلجيكا والمملكة العربية السعودية، التي بلغت نتيجة تاريخية في أول مشاركة تاريخية لها في المونديال، على اعتبار أن مشاركة 24 منتخبا فقط إلى غاية تلك النسخة، كان يؤهل أفضل منتخبين في كل مجموعة، وأربع أفضل محتلين للصف الثالث في المجموعات الست إلى دور ثمن النهائي.وبانتهاء مشاركة الأسود في مونديال 1994، تكون الكرة المغربية قد سجلت أسوأ مشاركة لها بكأس العالم تاريخيا، على اعتبار أن المنتخب الوطني المغربي لم يتمكن من إدراك ولو نقطة واحدة، بعد ثلاث هزائم متتالية، علما بأن مشاركته في نسخة 1970 بالمكسيك، أي قبل 24 سنة، منحته نقطة وحيدة، من خلال تعادل الأسود آنذاك أمام بلغاريا بهدف لمثله، لتكون بالتالي ثاني أسوء مشاركة، أو ثاني أفضل مشاركة إن صح التعبير، بينما ظلت مشاركة 1986، هي الأفضل على الإطلاق، بالنسبة لهم، بعد تمكنهم من اجتياز الدور الأول بنجاح، كأول منتخب عربي إفريقي يصل إلى الدور الثاني في تاريخ كأس العالم، بعد أن احتل الأسود المركز الأول في مجموعتهم السادسة كذلك..