في تصريحات أثارت انتقاد الصحافة الجزائرية، قال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إن المغرب هو "الدولة الوحيدة في المنطقة التي يمكن أن تفخر بأنها حققت "ثورة" دستورية، ويمكن لها أن تتباهى بأنها حافظت على الاستقرار والتقدم والانفتاح"، وسط "الفوضى والاضطرابات" التي تعرف المنطقة العربية. واعتبر ساكوزي في حوار مباشر بمنتدى كرانس مونتانا بالداخلة، الذي اختتمت أشغاله، أمس، وتميز بحضور رسمي ودولي واسع، إن "ما يحدث في المغرب يعد شيئا استثنائيا"، مؤكدا ألا أحد غير المغرب، "استطاع فعلا القيام بإصلاح دستوري، وتحقيق التقدم والاستقرار والانفتاح، وإدماج كل قواه السياسية بمختلف توجهاتها"، ليخلص إلى أن "المغرب اليوم، يعد دولة قوية ومستقرة". لكن يبدو أن ساركوزي لا يعتبر الديمقراطية يجب أن تكون أولوية في المنطقة، وهي المدخل الرئيس للتنمية والتنوع، وذلك حين قال تعليقا على الاضطرابات وواقع العنف في بعض دول المشرق العربي "إن التنوع قد يكون في بعض الأحيان أكثر أهمية من الديمقراطية"، وأضاف أن "الديمقراطية ليست دائما الطريق الوحيد لضمان حقوق كافة فئات المجتمع". وأكد الرئيس الفرنسي السابق "أن التنوع أيضا يضمن لكافة الأطياف الدينية العيش داخل فضاء مشترك، في إطار من الاحترام المتبادل". وتتناغم هذه الرؤية مع رؤى الأنظمة غير الديمقراطية في المنطقة، ومن شأنها أن تثير الكثير من التساؤلات، خصوصا وأنها تأتي من رئيس فرنسي سابق، طالما اعتبر فرنسا بلد الحرية والديمقراطية والتنوير، ويفترض أن يدافع عن القيم نفسها خارج فرنسا، كذلك، وأساسا في المنطقة العربية. وقدّم ساركوزي أفكارا متناغمة مع توجهات السياسة الخارجية للمغرب، فأوضح أن المغرب بات يشكل "قوة إفريقية"، كما اعتبر عودته إلى الاتحاد الإفريقي "خطوة مهمة جدا" بالنسبة إلى إفريقيا ذاتها. وأضاف ساركوزي، المعروف بصداقاته مع الملك محمد السادس وملوك وأمراء دول الخليج، كذلك، أن "عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تعتبر أمرا مهما بالنسبة إليه، والذي يطمح في أن يصبح جسرا بين أوروبا وإفريقيا، وكذا بالنسبة إلى إفريقيا، حيث انضم إليها عضو يتوفر على اقتصاد حداثي، وفي الوقت نفسه هو بلد ديمقراطي يتمتع بالاستقرار". وتطرق ساركوزي إلى وضعية الجمود في اتحاد المغرب العربي، ودعا إلى سوق مشتركة بين بلدانه، وأخرى مماثلة في المشرق العربي، تسمح بحرية تبادل السلع والخدمات والأفراد على نطاق واسع، وذلك على غرار ما حصل في أوروبا. وتأسف ساركوزي لواقع إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر، وقال إن المغرب "يتوق لفتح الحدود" التي أغلقتها الجزائر منذ 25 سنة، لأن استمرار الوضع الحالي يعد "مشكلة كبيرة"، مشددا على ضرورة الاقتداء بالدول الأوروبية والعمل سويا من أجل بناء مستقبل ورؤية مشتركة بين الدول المغاربية. واعتبر أن الوقت "قد حان لكي يجلس مختلف الأطراف إلى طاولة المفاوضات". وفي السياق ذاته، نوّه ساركوزي بمشروع الحكم الذاتي لحل النزاع حول الصحراء، مؤكدا على "مصداقيته وجديته". وكان ساركوزي قد تحدث في حوار مفتوح عقب الجلسة الافتتاحية لمنتدى "كريس مونتانا"، الذي استضاف حوالي 1000 مشارك من 100 دولة عبر العالم، وتميز بحضور حكومي لافت، على رأسه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني. وتميزت فعاليات المنتدى أمس بتسليم جائزة المنتدى لأربع من كبار الشخصيات المشاركة فيه هم: ديبي ريمينغساو زوجة رئيس جمهورية "بالاو"، ومصطفى سيسي لو رئيس برلمان منظمة "سيدياو" الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وميشال مارتيلي، الرئيس السابق لجمهورية هايتي. وكان مصطفى سيسي لو، رئيس برلمان منظمة "سيدياو" الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، قد ألقى كلمة في المنتدى تطرق فيها إلى مسلسل انضمام المغرب إلى منظمة "سيدياو"، مؤكدا أن "الموافقة من حيث المبدأ على الانضمام من قبل رؤساء دول المجموعة قد تحققت، ولم يعد هناك سوى بعض الترتيبات التقنية والعملية هي قيد الإنجاز"، الأمر الذي يشير إلى أن عملية الانضمام لم تحقق أي تقدم منذ الموافقة المبدئية في يونيو الماضي.