رفعت الحكومة في الأيام الأخيرة من حركة التعبئة وسط أحزاب الأغلبية والمعارضة من أجل عقد دورة استثنائية للبرلمان، وذلك ابتداء من 20 مارس الجاري، وستخصص بالأساس للمصادقة على مشروع قانون يتعلق بالباب الخامس من مدونة التجارة ونشره في الجريدة الرسمية قبل يوم 30 أبريل المقبل. فبعدما وافقت أحزاب الأغلبية على هذه الخطوة في اجتماع يوم الجمعة الماضي، التقى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أول أمس، برؤساء فرق المعارضة، بينما يتوقع أن يلتقي غدا وزير العدل محمد أوجار برؤساء فرق الأغلبية حول الموضوع نفسه. وتثير مسارعة الحكومة إلى تعبئة فرق الأغلبية والمعارضة من أجل عقد دورة استثنائية للمصادقة على قانون مهم، يفترض أنه بحاجة إلى مناقشة معمقة لكثير من التساؤلات، خصوصا وأن الولاية التشريعية الحالية التي مضى منها ثلاث دورات فقط، عرفت تكرار مثل هذه الخطوات، بحيث يبدو وكأن التزامات المغرب الخارجية باتت توجه عمل الحكومة والبرلمان. فبالإضافة إلى مشروع القانون المتعلق بالباب الخامس من مدونة التجارة، الذي قدّمه وزير العدل محمد أوجار أمام لجنة الإنتاجية بمجلس النواب يوم 27 فبراير الماضي، كانت حكومة العثماني قد لجأت إلى الفصل من الدستور… لتمرير قانون بواسطة مرسوم يتعلق ب"سن أحكام انتقالية بشأن التبادل الآلي للمعلومات لأغراض جبائية" تمت المصادقة عليه في اجتماع المجلس الحكومي بتاريخ 22 فبراير الماضي، بحيث إن الطابع الاستعجالي الذي اقتضته التزامات المغرب الخارجية، قد فرض على الحكومة المصادقة على القانون بواسطة مرسوم، وبالتالي دخوله حيز التنفيذ دون أن يكون قد صادق عليه البرلمان. الواقعة الثالثة التي كانت السبب في كسر حالة "البلوكاج" السياسي، الذي حال دون تشكيل رئيس الحكومة السابق عبدالإله بنكيران لحكومته بناء على نتائج انتخابات 7 أكتوبر 2016-، تتعلق بتمرير مشروع قانون يصادق بموجبه على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي في سرعة قياسية، لأن قمة الاتحاد الإفريقي كانت قريبة جدا، وكان مبرمجا أن تصادق على عضوية المغرب في الاتحاد، الأمر الذي فرض على الحكومة والبرلمان ليس المسارعة إلى المصادقة على القانون التأسيسي، بل انتخاب رئيس لمجلس النواب دون رغبة حزب رئيس الحكومة، أي حزب العدالة والتنمية. في كل الحالات الثلاث، يظهر كيف أن التزامات المغرب الخارجية تفرض على الحكومة والبرلمان اتخاذ قرارات في سرعة قياسية، الوضع الذي استدعى اللجوء إلى "تواطؤات" بين الحكومة وفرق الأغلبية والمعارضة على حساب مسطرة التشريع العادية. وعلمت "أخبار اليوم" أن مكتب فريق حزب العدالة والتنمية في اجتماع له أول أمس بمقر مجلس النواب تطرق إلى دواعي عقد الدورة الاستثنائية، وانتقد أعضاء منه ما وصفوه ب"الضغط" الذي تتسبب فيه الحكومة للبرلمان "حين تضطر بدورها تحت الضغط إلى تمرير قوانين مهمة بسرعة كبيرة، دون نقاش حقيقي". وبرّر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في لقائه مع رؤساء فرق المعارضة أول أمس، الحاجة إلى عقد دورة استثنائية لتمرير القانون الخاص بمدونة التجارة ب"الحاجة إلى تحسين تصنيف المغرب في "مؤشر مناخ الأعمال Doing Business" لعام 2018، وملاءمة القوانين الوطنية المتعلقة بمنظومة الأعمال والمقاولات مع قوانين الاتحاد الأوروبي، مع المعايير الدولية في مجال الأعمال كذلك. وأبلغ العثماني رؤساء فرق المعارضة في البرلمان بمجلسيه الحاجة إلى المصادقة على القانون المذكور في مجلس النواب، ثم في مجلس المستشارين، ثم نشره في الجريدة الرسمية خلال مدة زمنية لا تتعدى 30 أبريل المقبل، أي خلال أقل من 40 يوما للمناقشة والمصادقة والنشر. بيونس المرزوقي، أستاذ القانون الدستوري ومستشار قانوني، اعتبر أن الدستور والنظامين الداخليين لمجلسي النواب والمستشارين "يعطيان للحكومة الحصة الأكبر في المبادرة التشريعية"، كما أنها "لا تحدد آجال معينة لدراسة ومناقشة قبل المصادقة على أي قانون". والدليل على ذلك، "السرعة القياسية التي مرّ بها قانون المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤخرا أمام مجلس المستشارين"، متسائلا "من الذي ألزم مجلس المستشارين بتمرير قانون خلال يوم واحد؟". وأضاف المرزوقي أنه فيما يتعلق بالتزامات المغرب الدولية "نلاحظ باستمرار أن تفاعل تواطؤ الحكومة مع أغلبيتها البرلمانية، هو السبب في التسريع وحالة الاستعجال المتكررة".