قطع فيديو مسرب من داخل إحدى مراكز رعاية الأطفال الصابين بالتوّحد صدمة في تونس، بسبب ما تضمنه من مشاهد قاسية لتعرض أطفال بداخله للضرب والتعذيب، وهو الأمر الذي دفع السلطات إلى فتح تحقيق. وأظهر المقطع المصور الذي نشرته إحدى المواقع الإخبارية التونسية نهاية الأسبوع الماضي، قبل أن يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، أطفالا مصابون بالتوحد داخل أحد المراكز الخاصة برعايتهم ضواحي العاصمة تونس، يتعرضون لاعتداءات جسدية وحشية من قبل المربيات، دون مراعاة احتياجاتهم الخصوصية. وفي الفيديو تظهر إحدى المربيات وهي تنهال ضربا بكل قوتها على أنحاء من جسد أحد الأطفال قائلة" لقد آلمتني يدي من الضرب"، وهو الأمر الذي دفعها للاستنجاد بقارورة صغيرة لمواصلة الضرب معلقة" جيّد لك الضرب"، قبل أن تظهر وهي تحاول تقييد يد طفل آخر، غير مبالية بصراخه وبكائه، بينما أجبرت زميلتها أحد الأطفال على وضع يديه وهما ممدودتان على الجدار لمعاقبته. غضب وتنديد وتفاعل التونسيون مع هذا الفيديو الذي شاهده مئات الآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي، منددين بالتعامل غير الإنساني مع أطفال يقتضي التعامل معهم مراعاة احتياجاتهم الخصوصية واضطراب سلوكياتهم، الأمر الذي سيزيد من معاناتهم النفسية ويفاقم من سلوكهم العدواني، داعين إلى ضرورة اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ضد الفاعلين وضد المركز. وعلق الناشط بوبكر الباري على الواقعة قائلا" هذا ليس مركزا لرعاية الأطفال بل لتعذيبهم دون مراعاة لإعاقاتهم ولحاجتهم في معاملة خاصة سلسة بعيدا عن العنف"، بينما قالت سهير العوني إنها "لم تتمالك نفسها وغلبتها دموعها وهي تشاهد الفيديو"، مضيفة، أن ما قامت به المربيات هو "إجرام في حق الأطفال، يتعين معاقبتهم لرد اعتبار هؤلاء الأبرياء". أما الناشط خالد بالحاج، فرأى أن هذا الحادث يكشف أنّ حزمة القوانين التي وضعتها الدولة لحماية الطفولة، ظلّت حبيسة الرفوف في ظل غياب الرقابة والردع ضد المخالفين. وأضاف بلحاج قائلا" في البلدان المتقدمة، يتم استغلال الجانب الإيجابي لدى أطفال التوحد وذكائهم المفرط لإبراز مواهبهم، أمّا هنا، فإنهم يستغلون عدم قدرتهم على الكلام وعجزهم عن الوشاية لعائلاتهم بما يتعرضون إليه من ضرب وتعنيف من قبل المربيّن، من أجل تعذيبهم لإخراس أصواتهم وتقييد حركتهم". وبعد هذه الضجة التي خلّفها مقطع الفيديو المسرّب، أعلنت السلطات التونسية على لسان المندوب العام لحماية الطفولة مهيار حمادي الاثنين، بأنه "تمّ فتح تحقيق في الحادث وسيقع غلق المركز إذا ما ثبت ارتكاب هذه الجرائم". وقال حمادي في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، إن وزارة المرأة والأسرة والطفولة بادرت، عن طريق مندوب حماية الطفولة، إلى إعلام الجهات القضائية، وذلك منذ الدقائق الأولى لظهور هذا الفيديو، موضحا أنه "سيتم الانتقال إلى المركز، بالتنسيق مع قاضي الأسرة والنيابة العامة والإدارة الجهوية بأريانة، ووزارة الشؤون الاجتماعية، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المربين المتورطين".