المغرب أصبح أغنى، لكن مواطنيه ازدادوا فقرا. خلاصة تواترت التقارير والدراسات لتأكيدها، منذ خرج الملك محمد السادس، صيف العام 2014، ليتساءل: «أين هي هذه الثروة؟». الكم الأكبر من هذه الدراسات والتقارير أصدره الجهاز الإحصائي الرسمي والأكثر وثوقية، أي المندوبية السامية للتخطيط، التي قدّمت نسخة جديدة من رواية المغرب الأغنى والمغاربة الأفقر. المندوبية تكشف أن ارتفاع حصة الفرد من الناتج الداخلي الإجمالي، يخفي وراءه خللا في التوزيع الحقيقي لثمار هذا النمو، حيث تؤول غالبيته إلى الأغنياء ومالكي رأس المال، مقابل انسداد قنوات توزيع فائض القيمة المضافة، بسبب تقلّص وتيرة التشغيل بالأساس. الثروة الإجمالية للمغرب تضاعفت منذ وصول الملك محمد السادس إلى الحكم، حسب ما خلص إليه تقرير بنك المغرب والمجلس الاقتصادي حول الثروة الإجمالية للمملكة، وحصة كل فرد مغربي من هذه الثروة الإجمالية ارتفعت ب2.7 مرات بين 1999 و2013. لكن العامل الأكثر إسهاما في خلق الثروة بالمغرب، كان هو «الإنتاجية»، أي مغاربة يعملون أكثر من السابق. النمو الاقتصادي الشامل، الذي شهده المغرب في العقدين الماضيين، أتى على حساب الشرائح الواسعة من المغاربة، لأنه أغلق قنوات التوزيع الأساسية لثمار أي نمو اقتصادي، والتي هي فرص الشغل. فمجموع عدد فرص الشغل التي كان الاقتصاد المغربي يخلقها سنويا في الفترة ما بين 2001 و2008، كان يصل إلى أكثر من 186 ألف وظيفة، لينخفض هذا الرقم، في الفترة المتراوحة بين 2008 و2015، إلى 70 ألف وظيفة جديدة كمتوسط سنوي. الدراسة الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط تفيد بأن مجموع عدد المغاربة البالغين سن العمل، أي فوق 15 سنة، ارتفع من أقل من 20 مليون شخص في العام 2001، إلى أكثر من 24 مليون شخص في العام 2015، «أي نموا سنويا متوسطا يقدر ب2.9٪، يفوق بكثير وثيرة النمو السكاني التي تبلغ 1.1٪»، تقول الدراسة. وفي الوقت الذي كان 45% من المغاربة البالغين سن العمل يتوفرون على منصب شغل عام 2001، انخفضت هذه النسبة إلى أقل من 43% في العام 2015. ثروة المغرب للأثرياء يقدّر التقرير، الذي أنجزه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى جانب بنك المغرب، الثروة الإجمالية للمغرب في العام 2013، بحوالي 13 ألف مليار درهم. رقم يعني، حسب نص التقرير، أن الثروة الإجمالية للمغرب ارتفعت بأكثر من الضعف منذ وصول الملك محمد السادس إلى الحكم، أي منذ سنة 1999، فالثروة الإجمالية للمملكة، التي ورثها هذا الأخير عن والده، تقل عن 6 آلاف مليار درهم. هذا التطوّر الإجمالي في ثروة المغرب، وإن كانت الثروة اللامادية تمثل أكثر من 60% منها، رافقه تعميق للفوارق الاجتماعية خلال الفترة التي شملها التقرير. ف10 في المائة من مجموع الأسر المغربية، التي يصفها التقرير على أنها الأكثر غنى، تستهلك لوحدها أكثر من ثلث إجمالي نفقات الاستهلاك لدى مجموع الأسر المغربية (33.8%)، فيما يكتفي العُشر الفقير من بين مجموع الأسر المغربية بما نسبته 2.6 في المائة من مجموع استهلاك المغاربة، والذي يقدّره التقرير بأكثر من 718 مليار درهم. وثيقة أخرى أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط قبل أسابيع، تقول إن في المغرب أربعة ملايين فقير، يتركّزون أساسا في البوادي وداخل جهات معينة دون أخرى. هؤلاء الفقراء، الذين أحصتهم المندوبية السامية للتخطيط، يتوزعون بين مجموعتين مختلفتين؛ الأولى تضم الفقراء من الناحية النقدية، أي ممن يتلقون دخلا ماديا هزيلا، وهؤلاء يفوق عددهم مليونا ونصف مليون مغربي. أما المجموعة الثانية التي تضم فقراء بفعل مستوى الخدمات العمومية والبنيات المحيطة بهم، فيبلغ عددهم مليونين و800 ألف مغربي. بين هذه الفئة وتلك، يوجد نصف مليون مغربي ممن يجمعون بين نوعي الفقر، أي الذين يتلقون دخلا ماليا هزيلا أو منعدما، وتحرمهم الدولة والجماعات من الخدمات والبنيات الأساسية لمباشرة الحياة اليومية في حدودها الدنيا، بفعل سوء التدبير والتوزيع غير العادل للموارد العمومية. المندوبية كشفت النقاب عن خريطة جديدة ترسم معالم فقر آخر، ينتج عن غياب خدمات التعليم والسكن والصحة والطرق، والتي تجعل المعنيين بها في وضعية فقر وعوز، وإن توفروا على دخل مالي مرتفع. المعطيات التي استخرجتها المندوبية من نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى، والذي جرى عام 2014، تقول إن 1.4 في المائة من سكان المغرب، أي ما يناهز 463 ألف شخص، يعانون الفقر المدقع، ولا يتوفرون على دخل مالي للإنفاق على حاجياتهم الأساسية، ولا على الخدمات الاجتماعية الأساسية. إلى هؤلاء تنضاف قرابة مليونين ونصف مليون مغربي، ممن يجعلهم تدبير الشأن العام فقراء بالمعنى متعدد الأبعاد، إلى جانب مليون و200 ألف ممن يعانون الفقر النقدي مقابل توفر الحد الأدنى من الخدمات الاجتماعية. فقراء سوء التدبير الفقير بالمعنى الجديد الذي كشفته المندوبية السامية للتخطيط مساء أول أمس، هو ذلك المغربي الذي يسجّل عجزا يفوق 30% من حاجياته الأساسية في مجالات التعليم والصحة وظروف العيش. المسؤول الأول عن فقر المغاربة، حسب الخلاصات الجديدة التي كشفتها المندوبية، هو التعليم بصنفيه، أي الخاص بالكبار والموجه إلى الأطفال الصغار. واعتمدت المندوبية 10 مؤشرات لقياس مدى فقر الأسر المغربية، وتتوزع بين مؤشرين خاصين بالتعليم، ومؤشرين آخرين يتعلقان بالصحة، فيما تهم المؤشرات الستة المتبقية ظروف العيش. المندوبية حددت عتبة الفقر في مجال التعليم، بمعرفة ما إن كان هناك طفل داخل الأسرة يتراوح عمره بين 6 و14 سنة لا يتابع دراسته، أو ما إن كان هناك شخص بالغ لم يستكمل خمس سنوات من التحصيل العلمي. أما الفقر في علاقته بالصحة، فقامت المندوبية بقياسه عبر تحديد ما إن كان أحد أفراد الأسرة يعاني عجزا في وظائفه البصرية أو المرتبطة بالسمع أو المشي أو الإدراك، ثم ما إن كان أحد أطفال الأسرة قد توفي قبل سن 12 سنة. أما المؤشرات التي استعملتها المندوبية لقياس الفقر المرتبط بظروف العيش، فتهم معرفة ما إن كانت الأسرة تحتاج إلى المشي أكثر من 30 دقيقة للوصول إلى مصدر الماء، وما إن كان بيت الأسرة غير مرتبط بشبكة الكهرباء، أو لا تتوفر على مرحاض خاص بها، أو ما إن كانت أرضية البيت متسخة أو من تراب، ثم الطريقة التي تستعملها الأسرة في طهي طعامها، وما إن كانت تستعمل الحطب أو الفحم في ذلك، وأخيرا ما إن كانت الأسرة تفتقر إلى أي ممتلكات، من قبيل السيارة أو الجرار أو الشاحنة، ثم إذا كانت تفتقر إلى جهازين على الأقل من أجهزة البيت الضرورية، أي الثلاجة والتلفزيون والهاتف والمذياع والدراجة العادية. المندوبية السامية للتخطيط خلصت إلى أن الفقر متعدد الأبعاد تقلّص في المغرب خلال العقد الممتد بين 2004 و2014 بنسبة 9.4% سنويا، وانتقل من سبعة ملايين ونصف مليون فقير، إلى مليونين و800 ألف، أي من 25% من مجموع سكان المغرب، إلى 8.2% في آخر إحصاء للسكان. لكن هذا التقليص اقتصر على المدن والحواضر، حيث تنخفض نسبة الفقر متعدد الأبعاد بالمدن إلى 2%، مقابل أكثر من 17.7% في البوادي. وخلصت المندوبية أيضا إلى أن أكثر من 85% من فقراء المغرب بالمعنى متعدد الأبعاد، يعيشون في المجال القروي. وأوضحت المندوبية أن التعليم وحده مسؤول عن أكثر من نصف الفقر متعدد الأبعاد الذي يوجد في المغرب، ما ينبئ بتوريث الفقر إلى جيل كامل من الأطفال. فقر يورّث بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل، الذي حلّ في 20 نونبر الماضي، كشف صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة، اليونيسيف، معطيات صادمة حول وضعية الأطفال في المغرب. الصندوق الذي أعد ورقة تتضمن جلّ المعطيات الإحصائية التي توفرها المصادر الرسمية المغربية والدولية؛ قال إن قرابة مليون و700 ألف مراهق وشاب مغربي، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يوجدون في وضعية بطالة وعدم انخراط في أي مسار تعليمي أو تكويني. هؤلاء يمثّلون أكثر من ربع المغاربة المندرجين ضمن هذه الشريحة العمرية، ويعتبرون ضمن المقبلين على ولوج فئة المواطنين النشيطين. الأغلبية الساحقة من هؤلاء المراهقين والشبان عديمي النشاط التعليمي أو التكويني أو المهني، تمثلها الإناث، حيث يبلغ مجموعهن مليونا و300 ألف، أي قرابة 44% من مجموع الإناث المغربيات في هذه المرحلة العمرية. معطيات تسجّل رغم المجهود الذي بذلته الدولة في مجالي الصحة والتعليم. فحجم الإنفاق العمومي في مجال التعليم ارتفع من 17% من مجموع النفقات العمومية سنة 2012، إلى 22% في العام 2015، فيما ارتفعت حصة الصحة من بين مجموع النفقات العمومية في الفترة نفسها، من 4.8% إلى 5.3%. ويقدّر مجموع الأطفال في المغرب، أي الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، بأكثر من 11 مليون نسمة، أي ثلث مجموع السكان. حالة التوقف عن الدراسة دون ممارسة أي نشاط آخر، لا تقتصر على الفئات التي فشلت في إتمام مسارها التعليمي ووجدت نفسها دون عمل أو مسار تعليمي عالٍ، بل إن 300 ألف من بين المعنيين بهذا الوضع، يوجدون في سن تتراوح بين 15 و17 سنة، وأوقفوا قيامهم بأي نشاط تعليمي أو مهني رغم حداثة سنهم. والإناث هن دائما أغلبية المعنيين بهذا الوضع، حيث يمثلن قرابة خمسة أسداس المندرجين ضمن هذه الخانة، بحوالي 250 ألف فتاة بين 15 و17 سنة، أي ربع مليون فتاة مغربية في هذه السن لا يمارسن أي نشاط تعليمي أو مهني. هذه الفوارق تتضح أكثر عبر باقي الخانات الإحصائية، حيث يتبيّن أن التهميش والإقصاء والفقر تمسّ أكثر الأطفال والمراهقين المنحدرين من أوساط فقيرة أصلا أو قروية، وتتركز بشكل خاص في صفوف الإناث. فقر مؤنث مؤشر آخر يؤكد وجود فئة كبيرة من أطفال ومراهقي المغرب في وضعية إقصاء وفشل مبكّر تنبئ بإعادة إنتاج الفقر، يتمثل في الحالة العائلية. ف11 في المائة من مجموع الفتيات المغربيات في سن ما بين 15 و19 سنة، هنّ متزوجات، مقابل 0.6% فقط من الذكور في الفئة العمرية نفسها. بل إن 2.8% من الفتيات المغربيات اللواتي يقل عمرهن عن 18 سنة، أصبحن أمهات، إلى جانب 2.4% أخريات يوجدن في وضعية حمل بابنهن الأول. النسبة الأكبر من الفتيات المعنيات بوضعية الزواج والحمل والأمومة في هذه السن المبكرة، توجد في العالم القروي، حيث إن 8.6 في المائة من الفتيات القرويات بدأن حياتهن الإنجابية في سن لا تتجاوز 19 سنة، مقابل 3.6 في المائة من فتيات المجال الحضري. إسهام الوضع التعليمي في إعادة إنتاج خريطة الفقر بالمغرب وعدم تصحيح اختلالات توزيع الثروة، يبدو شاملا لجميع المغاربة. فالذين تجاوزوا سنّ 15 عاما، أي العتبة التي يفترض أن جميع المواطنين يقضونها داخل المدرسة مستفيدين من إلزامية التعليم؛ لم يقضوا في المعدل سوى 5 سنوات ونصف سنة من التعليم، أي لم يكملوا حتى ست سنوات الخاصة بالتعليم الابتدائي. معطى صادم يبرز رغم توالي السياسات العمومية الرامية إلى تعميم التعليم وبرامج الدعم والإلزامية التي يفرضها كل من الدستور والقانون على الدولة بشأن تمدرس الأطفال إلى غاية سن 15 عاما، والذي يعني ضرورة الاستفادة من 12 سنة من الدراسة ابتداء من سن 4 سنوات، منها 9 سنوات في الابتدائي والإعدادي، و3 سنوات من التعليم الأولي. التقرير الذي أصدرته الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، التابعة للمجلس الأعلى للتعليم؛ كشف بالأرقام والإحصائيات أن الفوارق الاجتماعية في المغرب عميقة وتشمل مجالات حيوية، مثل التربية التي يفترض فيها تحقيق الإدماج والرقي الاجتماعيين. فمغاربة بعض الأقاليم والجماعات يعيشون في مستويات مماثلة لأكثر الدول تقدما ورقيا، مثل الدول الاسكندينافية، فيما يعيش آخرون في أوضاع اجتماعية بدائية. دراسة أخرى أجرتها منظمة اليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهمّت 11 دولة من بينها المغرب، تقول إن واحدا من كل أربعة أطفال مغاربة يعيش الفقر، مع ما يعنيه من حرمان من خدمات اجتماعية أساسية. الدراسة كشفت أن جلّ أطفال المغرب، الذين يعيشون في العالم القروي، يعانون الحرمان في واحد من المجالات الأساسية، أي أكثر من 92% من الأطفال. الحرمان من التعليم، حسب المنظمة الدولية، هو أحد العوامل الرئيسة وراء عدم المساواة والفقر بالنسبة إلى الأطفال، و«الأطفال الذين يعيشون في بيت يرأسه فرد غير متعلّم من أفراد العائلة، يكونون عرضة لخطر مضاعف للعيش في حالة الفقر». الدراسة التي تهدف إلى كشف ملامح الفقر الذي يمسّ الأطفال في أبعاده التي تتجاوز المقياس المالي، أبانت أن 73.1% من أطفال المغرب يعانون الحرمان على الأقل في مجال واحد، «و40.3% يعانون الحرمان في مجالين على الأقل من المجالات المحددة في الدراسة، كما أبانت عن تفاوتات كبيرة بين المجالين الحضري والقروي، حيث يعاني أطفالنا بالمجال القروي حرمانا كبيرا في أبعاده ونسبته وشدته. فإذا كان 41.7% من أطفالنا بالمجال الحضري لا يعانون أي حرمان، فإن هذه النسبة لا تتعدى 7.9% في المجال القروي». دراسة اليونيسيف قالت إن واحدا من خمسة أطفال في المنطقة العربية يضطر «إلى السّير على قدميه مدّة تزيد على نصف ساعة لإحضار الماء، أو يستعمل مياها غير نظيفة، وأكثر من ثلث الأطفال يعيشون في بيوت تفتقر إلى ماء الصنبور». دعم الفقراء.. «شحمة» في ظهر الأغنياء تكشف جل التقارير والمعطيات الوطنية والدولية، عمق الفوارق الاجتماعية التي يعرفها المغرب، وكيف تسهم أموال الدعم الاجتماعي في تعميقها. دراسة مشتركة، هي الأولى من نوعها بين المندوبية السامية للتخطيط والبنك الدولي نشرت أخيرا، تقول إن أنظمة الدعم الاجتماعي، التي تلتهم عشرات الملايير من الدراهم سنويا، لا تخدم مصلحة الفقراء الذين أحدثت من أجلهم، بل يصب القسم الأكبر منها في جيوب الأغنياء و«المتوسطين». النموذج الأبرز والأكثر ارتباطا بالاستعدادات الجارية لحذف صندوق المقاصة، الذي يتحمّل ثلثي سعر قنينة غاز الطبخ المنزلي، هو التوزيع الذي كشفته الدراسة للاعتمادات المالية الموجهة لدعم غاز البوتان. الدراسة المشتركة تخلص في نهايتها إلى نتيجة مشابهة لما ورد في الخطاب الملكي الأخير بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، والمتمثلة في ضرورة تغيير النموذج التنموي القائم في المغرب. «المغرب يحتاج إلى نموذج تنموي دائم ودينامي، يسمح باللحاق بالدول المتقدمة. فبمعدل النمو المسجل حاليا، سيحتاج المغرب إلى 42 سنة لبلوغ مستوى التقدم الذي بلغته البرتغال حاليا، و53 سنة لبلوغ مستوى التقدم الحالي في فرنسا»، تقول الدراسة. فالخمس (20%) الأكثر فقرا من الأسر المغربية، لا يصل مجموع ما يصل إليه من الدعم المالي الموجه لغاز البوتان، إلى عتبة 14% من إجمالي الاعتمادات السنوية، والتي تصل حاليا إلى أكثر من 10 ملايير درهم. في المقابل، تحصل الأسر المنتمية إلى الخمس الأكثر غنى بين المغاربة، على ضعف هذا الدعم المالي، أي ما يناهز نسبة 27%، التي تعني قرابة 3 ملايير من الدراهم، فيما تذهب الاعتمادات المالية المتبقية، أي حوالي 60% من دعم صندوق المقاصة الخاص بغاز البوتان، إلى ال60 في المائة المتبقية من الأسر المغربية، التي تصنف في موقع متوسط بين الأسر الغنية وتلك الأكثر فقرا. معطيات تفيد بأن الفقراء والمحسوبين على الطبقة المتوسطة، سيدفعون ثمن التوزيع غير العادل الذي تقوم به الدولة لاعتمادات صندوق المقاصة. فرغم أن حصة الفقراء من هذا الدعم ضعيفة، فإنها تعتبر أساسية في نفقات الأسر مقارنة بحجم دخلها المتواضع. هذا الاختلال في توزيع اعتمادات صندوق المقاصة حسب الفئات الاجتماعية، يعتبر شاملا ويهم باقي المواد المشمولة بالدعم، بل إنه يتفاقم أكثر. فحصة الخمس الأكثر فقرا من الأسر المغربية من الاعتمادات المالية المخصصة للدقيق المدعم، تنخفض إلى 12.4 في المائة، مقابل ارتفاع حصة الخمس الأكثر غنى إلى قرابة 30 في المائة. وبينما يستهلك الخمس الفقير من الأسر المغربية أقل من 15% من الدعم الموجه لمادة السكر، تستحوذ الأسر الأكثر غنى على 26.6% من هذا الدعم. لتكون النتيجة النهائية أن ال20% من الأسر المغربية الأكثر غنى، تستحوذ على ضعف ما يصل إلى ال20% من الأسر الأكثر فقرا، أي 14 في المائة مقابل 28 في المائة، وهو ما يعني أن الأسر المغربية الأكثر غنى تستحوذ على أكثر من 4 ملايير درهم من صندوق المقاصة حاليا.