قبل سنوات ونيف، وبعدما صارت الدارالبيضاء وجهة اقتصادية، كما باقي الدول، للمصانع الصينية، كان البيضاويون يلاقون هذا الغزو الجديد للسوق الشهير "درب عمر" بالنكت، وبقهقهات تملأ المقاهي، لقد تعلم الصينيون لسان البيضاويين، وصارت "التاء" في ألسنتهم ممزوجة بحرف "الشين" وبدأت عبارة "الجوتابل" مقرونة بالمواد القادمة من بلاد "المغول". الصينيون في أذهان المغاربة لم تمر سوى سنوات قليلة على دخول الصينيين إلى السوق الرئيسية في الدارالبيضاء، لتسويق المنتوجات الصينية، حتى بدأ الحديث عن صورة هذا الرجل الذي يخترق كل الأسواق وكل الدول وكل "الحارات" من أجل بيع منتوجات بلاده، إنها منتوجات تتسم بضعف الجودة، حسب الصورة النمطية التي تشكلت في أذهان المغاربة، لكن بقاءها في المتناول من حيث الكلفة يجعلها ملاذ الكثيرين. تشكلت صورة أخرى عن طريق التقارير الاخبارية التي تبثها الفضائيات، تتمثل في قدرة القادمين من بلاد الصين على اقتحام أدغال إفريقيا من أجل تسويق المنتوج الصيني، وتعلق النكتة على الحادث بالقول:" إن الحديث يقول أطلبوا العلم ولو في الصين، فانتظر الصينيون قدومنا دون جدوى، وبعدما يئسوا من الانتظار، أخذوا أمتعتهم وغزوا أسواقنا بعلمهم". أهداف إلغاء التأشيرة التحليلات تجمع على أن "إلغاء التأشيرة على دخول المواطنين الصينيين للمملكة قرار سيادي واستثنائي يترجم إرادة المغرب في الانفتاح على ثقافات أجنبية أخرى خارج أوروبا وأميركا، ومن شأنه أن يساهم في تعزيز المبادرات التجارية بين البلدين، خاصة في مجالي السياحة والاستثمار". لمحلل السياسي إدريس العيساوي، في تصريحه لموقع "الجزيرة" اعتبر أن إقدام المملكة المغربية على إلغاء التأشيرة بالنسبة لمواطني الصين الشعبية يندرج في سياق سياسة انفتاح قوية وإرادية على وجهات غير تقليدية بالنسبة للسوق السياحية للمغرب. وأكد أن إلغاء التأشيرة يقع في صلب مقاربة جديدة تسعى لفتح السوق السياحية المغربية على سياح من نوع جديد، وذلك يأتي في سياق محاولة التخلص من وضعية التبعية التي كانت السياحة المغربية تشكو منها حيال أسواقها التقليدية مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا التي تأثرت بتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية التي ضربت أوروبا منذ سنة 2008 والتي أدت إلى انكماش الطلب على المنتوج السياحي للعديد من الوجهات، منها المغرب. واعتبر المحلل الاقتصادي محمد كرين، أن المبادرة المغربية ستسهل تفعيل عشرات الاتفاقيات التي وقعت خلال الزيارة الملكية بين مختلف الفاعلين من البلدين من قطاعات حكومية وعمومية وخصوصية. الخوف من الجنس الأصفر البعض استشعر خوفا من هذا القرار، استشعره التجار والصناع التقليديون وأرباب المعامل والشركات التي تعرضت منتوجاتها للقرصنة من قبل الشركات الصينية، فمن يدخل إلى "هونغارات" التخزين في ميناء الدارالبيضاء، سيجد مواد تمت قرصنتها وتصنيعها في معامل بالصين، وتعليبها في معلبات شبه مطابقة للأصل، سيجد "صابون الطاوس"، و"زيت لوسيور"، تمت قرصنتها بالرغم من أنها مسجلة لدى المكتب الوطنية للملكية الفكرية والتجارية. أما المواد الغير مسجلة كالأحدية التقليدية "البلغة" والأواني المصنوعة بطريقة تقليدية، وغيرها فإنها دخلت إلى السوق المغربية، ويتم بيعها في عقر الرباطوالدارالبيضاء. تأشيرة المغامرة القراءة التي يعتبرها بعض المحللين سياسة استراتيجية أقدمت عليها المملكة في مواجهة التلاعب بملفاتها الكبيرة في المنتظم الدولي من قبل ثنائية أمريكا/ فرنسا، لا تقنع الصنف الأخير من المتخوفين، إنهم يعتبرون هذا الإجراء مغامرة يمكن أن تضع الاقتصاد الوطني على المحك، لأنه غير مؤهل لمنافسة المقاولات ذات الانتاجية "الصاروخية" من قبيل المقاولات الصينية.