أدت اتهامات وجهها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني بالجزائر، عمار سعداني، لرئيس جهاز المخابرات والرجل القوي في السلطة، الجنرال توفيق، إلى زيادة الشرخ داخل حزب الرئيس بوتفليقة وحتى مع الأحزاب الداعمة لترشحه. وكان سعداني قد طالب رئيس دائرة الاستعلام والأمن الجزائرية، الفريق محمد مدين، المعروف بالجنرال توفيق، بالاستقالة واتهمه ب«التقصير» في مهام حماية البلد والتدخل في كل مفاصل الدولة، بما فيها دعم معارضيه لإزاحته من الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني. وبحسب سعداني، فإن هدف توفيق هو منع بوتفليقة، الذي يحكم البلاد منذ 1999، من الترشح لولاية رئاسية رابعة في الانتخابات المقررة في 17 ابريل المقبل. وأعلن أعضاء من اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، ضمنهم قياديون بارزون ووزراء سابقون، عن "استنكارهم" لاتهامات سعداني لمدير المخابرات "بالفشل". وأكد عضو اللجنة المركزية ومنسق الحزب سابقا، عبد الرحمان بلعياط، الذي اتهمه سعداني بتنفيذ أوامر الجنرال توفيق، (أكد) على أن "اتهامات سعداني طالت الجيش والرئاسة والقضاء وحتى الحكومة مع أننا نحن حزب الأغلبية ونحن من أعطى الشرعية لكل هذه المؤسسات فكيف نتهمها بالفشل؟"، حسب تعبيره. ومن جهته، أدان رئيس الحركة الشعبية الجزائرية وزير الصناعة، عمارة بن يونس، تصريحات سعداني، واعتبرها "كاذبة ولا أساس لها من الصحة". وقال بن يونس، وهو أحد الداعمين البارزين لاستمرار بوتفليقة في الحكم، في بيان نشرته صحيفة "الخبر" الجزائرية، أول أمس الخميس، أن هدف سعداني بحديثه عن "تقصير المخابرات طيلة السنوات الماضية" هو "تشويه صورة الجزائر والتشهير بها". من جانبه، دعا حزب التجمع الوطني الديمقراطي، حليف جبهة التحرير في الحكومة والبرلمان، إلى الابتعاد عن "خطابات الإثارة والاستفزاز". وقال الأمين العام للحزب ورئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أحد الداعمين لولاية رابعة لعبد العزيز بوتفليقة، أن "رهان الانتخابات الرئاسية يجري في ظل أجواء تعتبر حساسة ودقيقة تستوجب اعتماد أسلوب الحكمة والرزانة والتحكم في النفس"، على حد وصفه. وبحسب صحيفة "لوسوار دالجيري" الجزائرية، فإن "خرجة عمار سعداني (...) تسببت في تخلي الجميع عنه بمن فيهم من يعتبرون حلفاءه في المحيط الضيق للرئيس بوتفليقة". وبرأي المحلل السياسي، عبد العالي رزاقي، فإن ردود أفعال الأحزاب وحتى بعض الصحف ضد الأمين العام لحزب جبهة التحرير، تؤكد أن اتهاماته بتحكم المخابرات في كل مفاصل الدولة "صحيحة (...) بمعنى أن جهاز المخابرات هو من يتحكم في الأحزاب والصحف". وأكد رزاقي، الأستاذ في كلية الإعلام بجامعة الجزائر، في تصريح لوكالة فرنس برس، أن سعداني "لا يتحدث باسم الرئيس، فهو أمين عام حزب يتعرض لمحاولة إسقاطه من منصبه، وهو يتهم جهاز المخابرات بالوقوف وراء ذلك.. هذا كل ما في الأمر". "ولا يوجد أي خلاف بين الرئيس ورئيس جهاز المخابرات الذي لم يعد يتدخل في السياسة منذ 2004 على الأقل"، بحسب المحلل السياسي والضابط الأسبق، أحمد عظيمي. وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر لوكالة فرنس برس أن الذين يدعون إلى ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة "لم يلتقوا الرئيس (...) وصاحب القضية لم يتكلم." وتابع "الهدف من الحديث عن الولاية الرابعة هو إعطاء الانطباع أن هناك سوء تفاهم بين الرئيس والمؤسسة الأمنية بينما المنطق والتحليل يؤكد عدم وجود شيء من هذا". وفسرت أغلب الصحف الجزائرية تهجم سعداني على الجنرال توفيق بأن "الصراع بين المخابرات والرئاسة حول استمرار بوتفليقة (76 سنة) في الحكم طفا إلى السطح"، حتى أن صحيفة الخبر عنونت صدر صفحتها الأولى الأربعاء "الجنرال توفيق ضد الولاية الرابعة". وجوابا على سؤال: لماذا لم يطلب الرئيس من هؤلاء عدم الحديث باسمه وترشيحه لولاية رابعة قد يكون غير راغب فيها بالنظر إلى عدم شفائه من جلطة دماغية أصيب بها قبل عشرة أشهر، قال عظيمي "لا نعلم الوضع الصحي للرئيس وهل يتابع كل ما يجري". وتحدثت صحيفة الخبر، الخميس الماضي،عن تحضير بوتفليقة لإحالة الفريق محمد مدين البالغ 74 سنة على التقاعد تطبيقا لقانون المستخدمين العسكريين الذي يفرض الخروج من الخدمة لحاملي رتبة فريق بعد سن 64 سنة و42 سنة خدمة.