عرفت المطالبة بمنع تعدد الزوجات والمساواة بين الرجل والمراة في الارث،جدلا كبيرا عقب صدورهما على لسان كاتب عام لحزب مغربي ، واللذين استحسنتهما الجمعيات ذات اللواء الحداثي ، فيما اعتبرها البعض مطالب جريئة لدرجة الاتهام بالزندقة ، لتطاولها على نص قراني صريح وقطعي الثبوت والدلالة. لم يكن الزعيم الاتحادي ينتظر بالطبع التصفيق والتمجيد لدعوته هاته ، خصوصا في مجتمع تقليدي محافظ ومرتبط أشد ارتباط بالموروث الديني ولو بالجمع بين بعض المتناقضات، واعتبرها البعض فرصة ليدلي الكل بدلوه في الموضوع، في اطار من النقاش العلمي والفكري المتزن ،والذي يضمن لكل الحق في التفكير والطرح واحترام رأي الاخر الذي لايلزم الغير في شيء، وفرصة سانحة كذلك للمواطن للإطلاع على المشاريع المجتمعية لكل تيار بالوقوف على تصورها لمغرب الحاضر والمستقبل . الدعوة القديمة المتجددة ، أخرجت البعض عن صمته لجرأتها على نص قراني صريح من باب القاعدة الفقهية "لا إجتهاد مع وجود النص" ، وكذلك فتحت بابا من أبواب الفتنة على المجتمع وزعزعة عقيدة المسلم، بالتشكيك في النصوص القرآنية حسب المنتقدين ، بدعوى أنها لم تعد تستجيب لمستجدات العصر ، وهو ما يعتبرونه تشكيك في الرسالة الالهية بكونها صالحة لكل زمان ومكان وتجيب على أسئلة الماضي والحاضر والمستقبل،دون إغفال مبدأ الاستهداف والمؤامرة التي يتشبع بها أعداء هذه المطالب، فالدعوة بالنسبة إليهم لا تخرج عن الاستهداف الامريكي والصهيوني لهده الامة انتقاد وإن تم تفهمه من قبل البعض ،إلا أن تناقضه يعيبه عن الفهم والاستيعاب للبعض الاخر ، خصوصا وان الاستدلال بكون الدعوة للمساواة بين الرجل والمرأة ضرب لنص قرآني صريح ،تبقى انتقائية في التعامل مع هذا النوع من النصوص القرانية الصريحة والا كيف نفسر تعطيل العمل بالنصوص القرانية الصريحة في مسألة الحدود الشرعية، حد السارق " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " وحد الزاني "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" وهي من أكبر الحجج التي يستند إليها أصحاب دعوة المساواة ،أليس تعطيل الحدود ضرب لنصوص قرانية صريحة، عملا بمبدأ "درء الحدود بالشبهات" مثال الرق الذي أصبح ممنوعا مجتمعيا ، فهل يمكن للمنتقدين، الدعوة لامتلاك عبيد أو" ما ملكت أيمانكم" ، رغم أن النصوص المرتبطة بالرق تفيد الحد منه عن طريق العتق "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " وليس هناك نص يمنع ذلك ، لكن اجتهادات فقهية تمنع ذلك ، بدعوى تناقضها والواقع الحالي، ولا يسلم الحديث النبوي الصحيح من نفس تعامل الانتقائية، يقول النبي صل الله عليه وسلم " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" السبب في تعطيل هذا النص الحديثي الصحيح ،هو كون العرب كانت صفة التكبر لديهم في جر ثيابهم على الارض فجاء التشريع للقطع مع هذه الصفة بأن نص على جزاء من يجر ثوبه تكبرا، وهو الامر الذي لم يعد شئنا اليوم أن يجر أحدهم ثوبه خيلاء،وهذه قراءة حسب أهل الاختصاص الفقهي في اطار التعامل مع الحكمة في التشريع وهو الامر الذي يفسره تعطيل عمر بن الخطاب لحد السرقة بعد أزمة المجاعة التي أصابت الامة في ذلك الوقت. إذا هي نفس الحكمة والتعامل مع روح التشريع التي يدعوا اصحاب مطلب المساواة لتبنيها خصوصا وان المرأة اليوم أصبحت تعيل الاسرة واصبحت تعمل خارج البيت، الشيء الذي لم يكن سابقا وكان أمر القوامة مقتصرا على الرجل تغيرات مجتمعية يدعوا أصحاب الدعوة لتفهمها والإستجابة لمطالبها وهي الدعوة التي تبقى هي الاخرى مبثورة الطرح ، خصوصا في ظل التنويه الذي حظيت به مدونة الأسرة من قبل نفس التيار الحداثي على اعتبارها مكسبا للمرأة ، رغم تناقضها ومبدأ المساواة. فكيف يستقيم إلزام الزوج في ظل مدونة الاسرة ،بواجب الاعالة مع مطلب المساواة بين الجنسين ، كيف يمكن تفسير تكاليف الزوج التي لا تلزم الزوجة دفع الصداق(م26) تحضير بيت الزوجية ، لا يحق المطالبة بالاثاث(م29) الاولاد تبع للرجل في الدين والنسب(م 145)اداء مستحقات الطلاق ومؤخر الصداق ,,,,,إلخ، هل تنسجم هذه الالتزامات مع مطالب المساواة ، أم أنها مساواة إنتقائية. فهل يمكن القول بأن الدعوة للمساواة ، إعادة للنظر في مدونة الاسرة واسقاط للقوامة على الرجل ، فلا حديث بعد اليوم عن صداق ومؤخر، الذي سيصبح بالمنطق الحداثي بيع في المرأة وشراء. ويتأكد من خلال الالمام بالشق الفقهي لتقسيم الارث، بأن المفاضلة بين الجنسين لصالح الرجل في الميراث ليست قاعدة في كل الحالات ، فهناك أربع حالات فقط تشملهم هذه القاعدة ، فيما تبقى أزيد من 10 حالات مختلفة قد يتساوى فيها نصيب الانثى والرجل أو يتجاوزه ، لان الاصل بين تفاوت الانصبة تحكمه 3 معايير القرابة + موقع الجيل الوارث + والعبئ المالي الواجب على الوارث ، بعيدا عم معيار الذكر والنثى، ومثال لهذه الحالات 1) إذا ماتت امرأة وتركت زوجًًا وأختًًًا شقيقة: فلكل منهما النصف. 2) إذا ماتت امرأة وتركت زوجًا وأختًا لأب: فلكل منهما النصف. 3) إذا مات الرجل وترك أمًا وابنتين وأخًا؛ فالابنة هنا ترث ضعف ونصف ضعف الأخ. 4)إذا مات الأب وترك ابنةً وأمًا وأبًا؛ فتأخذ الابنة ضعف ونصف الأب أيضًا. 5)إذا مات الرجل وترك ابنتين وأبًا وأمًا فالابنة هنا ترث ضعفين الأب. الشيء الذي تجب معه إعادة صياغة المطلب على أسس مثينة وعلمية ،وهو ما سيشكك في النوايا لمثل هذه المطالب النسائية التي تقتصر دائما على الاهتمام بالشق المادي للمرأة بعيدا عن النظرة " الجمعية " لمفهوم الاسرة، الشيء الذي أثبته مطلب وثيقة اقتسام الممتلكات ، والتي أقيمت الدنيا واقعدت من أجل تحقيق هذا الامر، لتثبت احصائيات 2008 أن حاولي 27000 حالة زواج فقط 330 هي من اعتمدت الوثيقة، ليتبين مدى فئوية ونخبوية بعض المطالب النسائية، فلابد وان يكون التحرك نصرة للمبادئ لا للمنافع . أسئلة واخرى يفرضها النقاش للتجاوب مع هذه الدعوة، دون تعصب أو تسفيه ، بل بالدليل والحجة الدامغة ، سعيا وراء البحث عن أجوبة لإشكالات راهنة ، قد تكون بإعادة قراءة الموروث من التفسير لا الطعن في النص القرآني، أو في إيجاد حلول مجتمعية سياسية واقتصادية واجتماعية قد تكون مفتاحا لباب العدل المجتمعي بين الجنسين مع مراعاة الفطرة في توزيع الحقوق والالتزام بالواجبات.