يبدو أن أزمة ديبلوماسية بين تونس و الإمارات من جهة، وبينها وبين مصر من جهة ثانية، تلوح في الأفق بعد كلمة الرئيس التونسي، منصف المرزوقي، أمام الجمعية العامة لمجلس الأمين بنيويورك، الخميس الماضي، والتي طالب فيها بإطلاق سراح الرئيس "المختطف" محمد مرسي. المرزوقي قال حينها "من هذا المنبر الموقر، أهيب بالسلطات القائمة في مصر أن تطلق سراح الرئيس محمد مرسي وكل السجناء السياسيين، فمثل هذه المبادرة الجريئة قادرة وحدها على خفض الاحتقان السياسي، ووقف مسلسل العنف وعودة كل الأطراف إلى الحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل الصعبة التي تفرضها المراحل الانتقالية". ولم يتأخر رد وزارة الخارجية المصرية، ضمن الحكومة المعين من طرف الانقلاب العسكري، حيث أصدر في منتصف الليلة التي تكلم فيها المرزوقي أمام جمعية الأممالمتحدة، وقالت فيه أن "ما ورد في تلك الكلمة بشأن مصر يجافي الحقيقة، فضلا عما يمثله ذلك من تحد لإرادة الشعب المصري الذي خرج بالملايين يوم 30 يونيو (الماضي)، مطالبا بإقامة ديمقراطية حقيقية تؤسس لدولة عصرية جامعة لا تقصِ أيًا من أبنائها". واعتبرت أن مرسي والقيادات الإسلامية التي تم توقيفها في الفترة الأخيرة "موقفين على ذمة قضايا جنائية"، كما نقت "وجود أي معتقلين سياسيين في سجونها". مباشرة بعد ذلك، ستستدعي الخارجية المصرية، المعينة من طرف الانقلاب، سفيرها في تونس، أيمن مشرفة، للتشاور، وهو الأمر الذي فعله على عجل السفير وعاد إلى القاهرة مساء أمس، الأحد 29 شتنبر. وعند وصوله إلى مطار القاهرة، قال السفير المصري بتونس، في بضع كلمات للصحفيين، "جاءت عودتي لمصر بناء على قرار وزير الخارجية (نبيل فهمي)"، مضيفا "استدعائي للتشاور بعد تصريحات الرئيس التونسي"، وتابع "هذا الإجراء نوع من الاحتجاج الدبلوماسي، وهو يمثل أقل درجات الاحتجاج الدبلوماسي على هذه التصريحات". الأكيد أن ما لم يرق حكومة حازم الببلاوي، المعينة من طرف الانقلاب بمصر، في كلمة المرزوقي، هو وصف محمد مرسي ب "الرئيس المصري" وإسقاط "المعزول"، ووصفه المعتقلين على خلفية معارضة الانقلاب ودعم الشرعية الديمقراطية ب "المعتقلين السياسيين"، في الوقت الذي تعتبره فيه "الحكومة المصرية المؤقتة" أن محمد مرسي "رئيس معزول"، وان المعتقلين "مجرمين" على اعتبار أنهم معتقلون يتابعون أمام محاكم الجنايات. ولم تستغرب الرئاسة التونسية من ردود الفعل المصرية تجاه كلمة المرزوقي ومطالبته "السلطات المصرية" بإطلاق سراح محمد مرسي والمعتقلين الإسلاميين وغيرهم من القوى المناهضة للانقلاب. واعتبر المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التونسية، عدنان منصر، أن ردود الفعل المصرية على خطاب الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، الخميس، أمام الدورة ال68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، "متوقعة وطبيعية وغير مفاجئة، رغم كونها تصاعدية". لم يتوقف المشكل عند مصر فقط، بل تعداها إلى إحدى دول الخليج الداعمة لعبد الفتاح السيسي، الفريق الأول الذي قاد الانقلاب العسكري على محمد مرسي، وهي الإمارات العربية المتحدة. وأقدمت الإمارات العربية المتحدة بدورها على سحب سفيرها من تونس ل "التشاور"، مكتفية بالقول أن استدعاء سفيرها من تونس جاء بغرض "التشاور حول الوضعين الإقليمي والدولي". ونقلت صحيفة "الخليج" الإماراتية، شبه الرسمية، عن مصدر حكومي قوله أن الموقف الإماراتي "جاء ردا على هجوم الرئيس التونسي على مصر وقيادتها الجديدة"، معتبرا أن الإمارات "تنظر إلى الأمر باعتباره يشكل سابقة غير مقبولة أو محبذة في العلاقات بين الدول". وأضاف المصدر ذاته، في حديثه للصحيفة الخليجية نفسها، أن تونس "تدخل في انشغالات غير ضرورية وليس هذا وقتها". ويبقى الأكيد أن مطالبة المرزوقي بإطلاق سراح محمد مرسي ستجر تونس إلى أزمة دبلوماسية قد تتسع رقعتها لتشمل كل الدول التي دعمت الانقلاب العسكري بمصر.