أتذكر أن صديقا لي على الفايسبوك أرسل لي رابط صفحة بعنوان "أنا الله"، قائلا: أرجوك انشر هذه الصفحة وقل لجميع من يحبونك بأن يبلّغوا عليها ليقوم الفايسبوك بحذف الصفحة. دخلت للصفحة وإذا بي أجدها صفحة ملحد اتخذها وسيلة لنشر إلحاده والاستهزاء بآيات القرآن وبرسول الإسلام بطريقة مقززة. ولاحظت أن جُل رواد تلك الصفحة مسلمون يدافعون عن دينهم بتعاليق غاضبة وأحيانا بالسب العنيف والكمات النابية. هذا الصديق – دون قصد- جعلني أقرأ ما يعكّر مزاجي ويُشعل غضبي ، ويا ليته لم يرسل لي تلك الصفحة ويا ليتني لم أدخل ولم أقرأ ما كُتِب عليها! لم أنشرها لأني لم أكن أريد للآلاف من زوار صفحتي أن يحسّوا بنفس الإحساس. في خِضم أحداث "شارلي إيبدو" الأخيرة، وجدت نفسي محتارا، هل أكون سعيدا لأن الله أوفى بعده الأزلي بأن يُحِيق بالذين سخروا من رُسِل الله ما كانوا به يستهزؤون، أم أكون حزينا على أرواح أُزهقت معها روح مُسلم، أم أكون مُشفقا لما سيؤول إليه حال المسلمين في تلك البلاد من تضييق وتحقير وتمييز؟ اختلطت الأحاسيس فتساءلت، كيف وصلت إلينا "شارلي إيبدو"؟ و الجواب واضح: بنفس الطريقة التي وصلتني بها صفحة "أنا الله". نعم من حقنا أن نغضب لرسولنا عليه الصلاة والسلام، لكن ليس بِبَلاهَة و بَلادة، "شارلي إيبدو" التي كانت تطبع أقل من 50 ألف نسخة وكانت على وشك الإفلاس، طبعت أكثر من 5 ملايين نسخة من عددها الجديد بعد الحادثة، وأصبحت تباع في أكثر من 25 دولة وجمعت الملايين من التبرعات، كما أنها لم تكُف عن الاستهزاء برسول الله. يجِب أن نتقبّل حقيقة أن مجلّة "شارلي إيبدو" استغلت بلاهتنا وبلادتنا شر استغلال، فبالرغم من أنها ضَحّت ببعض الصّحفيين العاملين فيها، إلا أن مصيرهم المُحزن جلب السعادة لقلوب أصحاب المجلة بأرباح خيالية لم يتوقعوها أبدا. أين كان عقل الأوائل من الذين شاهدوا الكاريكاتيرات المسيئة في مجلة "شارلي إيبدو"؟ ألم يكن الأولى بهم أن يوقفوها عندهم ولا يساهموا في نشرها بدعوى الغضب لرسول الله؟ ألا يعلمون كيف كانت ردة فعل الرسول (ص) لمّا كُذِّب و سُبّ وعُنِّف و استهزئ به في حياته؟ للأسف، نحن المسلمون، صنعنا أمجاد "شالي إيبدو". * هنا صوتك