في هذا الجزء الثاني والأخير من الحوار مع عمر الحدوشي، أحد الوجوه السلفية البارزة في المغرب، يطلق الشيخ مدفعية انتقاده على المجالس العلمية التي قال إنها «عقيمة لا نسمع لها حساً ولا ركزاً، ما دام أسيادهم لم يعطوهم الضوء للكلام، فهم كالتلفاز لا يتكلمون إلا وقت أن يشاء لهم الكلام أسيادهم، ولا يسكتون إلا وقت أن يشاء لهم أسيادهم السكوت». وفند الحدوشي الأنباء التي تتحدث عن نمو ثروته بشكل مريب، قائلا: «من قال: بأنه عندي أموال فهي له فليأخذها، وهذه إشاعات المخابرات وشائعاتها، والحمد لله ما عندي شيء، وما أحتاج إلى شيء، والحال مستورة». كما يتحدث عن ملف المعتقلين السلفيين الذي يؤكد أن هناك مساعي لحلحلته، وفي ما يلي الجزء الثاني من الحوار. المدة التي قضيتها منذ خروجكم من السجن لعلها أسست نظرة عامة ومكنتكم من قراءة عامة للواقع الدعوي والديني والسياسي بالبلد، ما هي الأرضية الفكرية التي يمكن أن تبسطها لنا وتشتغل على ضوئها في علاقتك بالمكونات السياسية والدعوية والدينية سواء الرسمية أو غيرها بالبلد؟ الحمد لله كان سجني ومحنتي منحة، ونقمتي نعمة، بل كانت فترة إجمام، وترتيب الأفكار، وتقويم الأشرار، واحترام الأخيار، عرفنا العدو من الصديق الصادق، ألفت أكثر من خمسين كتاباً طبع منها وأنا داخل السجن: (نشر العبير في منظومة قواعد التفسير) في : (127-صفحة)، و(قناص الشوارد الغالية وإبراز الفوائد والفرائد الحديثية) في: (800-صفحة)،و(شفاء التبريح في نظم قواعد التجريح) في: (640-صفحة)،و(دليل الفلاح في معرفة بعض ألفاظ المصطلح) في: (608-صفحة)، و(مجموعة الرسائل في أهم المسائل) في: (512-صفحة)،هذا المجموع جمعت فيه رسائل تسعة: الأولى: (أنيس الأسير في نظم قواعد التكفير)، والثانية: (نظم تعريف الكفر الأصغر وبعض أنواعه)، و(الشرك الأصغر وبعض أنواعه)، و(نظم تعريف الكفرالأكبر وبعض أنواعه)، و(توفيق العلام على نظم نواقض الإسلام)، و(النظم المفيد لشروط كلمة التوحيد)، و(إخبار الرفاق بأخطار النفاق)، و(البيان المشرق لسبب صيام المغرب برؤية المشرق-تحقيق)، و(رسالة للنساء فقط) لأهلي أم الفضل، و(إمداد السقاة بدلو الرواة) في: (254-صفحة)،و(كيف تفهم عقيدتك بدون معلم؟) في: (500-صفحة)، و(إعلام الخائض بجواز مس المصحف للجنب والحائض) في: (200-صفحة)، و(البيان المشرق-الطبعة الثالثة) في: (200-صفحة)، و(التوضيخات الجلية لما في البردة والهمزية من المخالفات) في: (1000-صفحة) والباقي تحت الطبع، ومجموعها خمسون مؤلَّفاً بعضها في 7 مجلدات، و5مجلدات، و4 مجلدات، ومجلدان ونحوها. فإذن لا أخاف من السجن حيث أستطيع أن أقول داخل السجن ما لا أستطيع أن أقوله خارجه، لأن الناس يخافون من السجن وأنا السجن كنت فيه فلم الخوف إذن؟ والأرضية للدعوة ما سترون إن شاء لا ما ستسمعون، أما الواقع السياسي في البلاد فهو هو، "لا زالت دار لقمان على حالها"، من كان في حزب لا زال فيه، ومن كان على كرسي لا زال عليه، ومن كان في وظيفة لا زال فيها، والبقية معلومة، وعلاقتي بالمشتغلين بالدعوة من الرسميين معدومة لأنهم يخافون من أسيادهم أن يتهموهم بالإرهاب، والمجالس العلمية عقيمة لا نسمع لها حساً ولا ركزاً، ما دام أسيادهم لم يعطوهم الضوء للكلام، فهم كالتلفاز لا يتكلمون إلا وقت أن يشاء لهم الكلام أسيادهم، ولا يسكتون إلا وقت أن يشاء لهم أسيادهم السكوت. قدمت عدة خطابات لبعض التيارات السلفية خارج المغرب خصوصاً بتونس؟ كيف تقيم عمل السلفيين في كل من مصر وتونس؟ رجعت من مصر وفيها التقيت فيها بعلماء كبار، ومحدثين أخيار، ومشايخ صغار (وكم من صغير احتاج إليه الأكابر)، فمن أولئك المحدث الهمام، والمؤلف العلم، والخطيب الإمام فضيلة شيخنا العلامة النحرير السيد محمد حجازي المشهور بأبي إسحاق الحويني، والعلامة الأديب، والفهامة الأريب، صاحب القلم السيال، فضيلة شيخنا الدكتور سيد حسين العفاني، وفضيلة شيخنا المحدث المقتدر، والباحث المنتصر طارق بن عوض الله بن محمد، وفضيلة شيخنا العلامة المطلع، والحدث النفاعة أبي الأشبال حسن الزهيري، وفضيلة شيخنا إمام المقرئين محمد بن محمد المنشد، والشيخ العلامة عادل العزازي، والشيخ الواعظ المبتلى سيد عربي، والدكتور المصقع أحمد فريد، والدكتور الصادع بالحق ياسر برهامي، والشيخ الواعظ محمود مصري، والشيخ الفاضل والمدرس النبيل محمد محمود، والشيخ هيثم محسن إبراهيم، والشيخ محمد بن محمد المهدي، والشيخ رجب سالم الشافعي، والشيخ عبد العزيز فودة، والشيخ محمد بن عبد المنعم آل عَلاوة، والشيخ تامر بكري، وغيرهم كثير، كلهم يحمل همَّ الأمة، وهمَّ الدين، فأر جو أن يوفقوا لما فيه خير الدين والدنيا، وأما أهل تونس فأنا أتابع قضاياهم باهتمام ويتصلون بي في كل أمورهم ويجتهدون ولا سيما مشايخهم الكبار، كالشيخ العلامة الخطيب الإدريسي، والشيخ أبي عاصم، والشيخ أبي صهيب، والشيخ خميس ماجري، والشيخ أبي عيسى سامي شعبان، والشيخ قيس خياري، والشيخ أبي الوفاء، والشيخ أبي أيوب وغيرهم ممن يزنون الأمور بحكمة وتبصر، فلعل في زوايا خبايا، والخير أمام، ومن رام نشر الدين ونصره أعانه الله، ولعل في مستقبل الأيام ستبدي لنا الأيام ما كنا نجهل، والمؤمل غيب، ولنا الساعة التي نحن فيها الأن، والمستقبل للإسلام، ومن نعم الله علينا أنه لم يطلعنا على الغيب، ولم يطلعنا على القدر، والمستجدات العصرية ينبغي أن تنزل إلى الإسلام لا العكس، والمخاطر الحالية كل تدل على أن العاقبة للإسلام، والموضوع يحتاج تكثيف الجهود، وترتيب الأولويات. بحكم سعة اطلاعك وخبرتك؛ هل هناك إمكانية للم شمل السلفيين بالمغرب وجمعهم في تنظيم موحد على غرار تونس ومصر؟ ومن أجل إنقاذهم من استغلالهم سياسياً من جهات معينة في الدولة كما نلاحظ؟ ما تقييمك؟. السلفية منهج، ولا يعتبر حزباً ولا جماعة، وليس له تنظيم كباقي التنظيمات لذا قياس تنظيم مصر وتونس على حالنا قياس مع الفارق، وأما مستقبلاً فلا أحب أن أسبق الأحداث، ولا أحب رد الفعل قبل الفعل نفسه، وعندما يولد نسميه سعيداً. كثر الحديث عن امتلاككم لبعض العقارات والدور وبعض الأموال؟ كم تقدر ثروة الشيخ عمر الحدوشي؟ ليس عندي مما تذكر شيئ حاش سكني الذي بنيته في (1997 م)، والأموال كانت عندي قبل السجن نظراً لكثرة ما كنت أبيع من مؤلفاتي وتصل إلى خمسين مؤلفاً، ومن قال: بأنه عندي أموال فهي له فليأخذها، وهذه إشاعات المخابرات وشائعاتها، والحمد لله ما عندي شيء، وما أحتاج إلى شيء، والحال مستورة. ما تقييمكم لأداء حكومة بنكيران في تعاطيها مع ملف المعتقلين؟ وما هي دعواتكم التي تقدمونها لها؟ نحن في صدد حراك لحلحلة هذا الملف الذي طال، وتعطلت خيوطه بقرارات مشبوهة، ولعل الخير أمامنا. نحن لا نيأس، وما ضاع حق وراءه مطالب، والظلم إن دام دمر، والعدل إن دام عمر. هل من دعوة حقيقية تقدمونها لمختلف أطياف الصف الاسلامي للتوحد والاجتماع على أرضية مشتركة والعمل في المشترك وتجاوز المختلف عليه؟ ما هي دعوتك لهذا الغرض؟ والله إذا كانت الرؤى مختلفة فيما يصح فيه الاجتهاد، واتفاقهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة، ما لم يكن هناك تنازل عن الثوابت، فدون ذاك خرط القتاد، وأقول لهم: اجلسوا جلسة تراحم وتعاطف وتناصح، ودعوكم من التكبر والظهور، لأن حب الظهور يقصم الظهور، إياكم و(الإمارة ولو على حجارة)، وبهذه المناسبة كنت قلت قصيدة: أَخِي قَدْ عَلِمْتَ الْهُدَى وَالسَّدَادَا* وَمِنْهَاجَ رُشْدٍ يُفِيدُ الرَّشَادَا وَمَا جَاءَ عَنْ رَبِّنَا فِي كِتَابِهْ* لأَهْلِ التُّقَى مَنْطِقاً مُسْتَفَادَا لِمَنْ لاَ يَلِي بَيْنَ خَلْقِ الإِلَهِ * عُلّوّاً بِأَرْضٍ-هُنَا-أَو:ْ فَسَادَا نَعِيمٌ وَمَا لَمْ تَرَاهُ الْعُيُونُ * وَلاَ هُوَ يَخْطُرْ بِقَلْبٍ مُرادا فَنَعْمَآءُ خُلْدٍ أُعِدَّتْ لِقَوْمٍ * تُقَاةٍ كِرَامٍ تَعَاطَوْا جِهَاداً هُمُ الْقَوْمُ لاَ غَيْرُهُمْ إِنْ تُفَاضِلْ * صُنُوفَ الأَنَاسِي كِرَامٍاً شِدَادَا وَلَيْسُوا كَمْنْ جَالَسَ الأَرْض سَيْراً* بِنَهْجِ الْمَعَاصِي بَدَا أَوْ أَعَادَا وَمِنْ كُلِّ ذَي فِتْنَةٍ أَوْ: ضَلاَلٍ * وَمِنْ كُلِّ جُرْمٍ بِذَا قَدْ تَمَادَى وَمِنْ كُلِّ ذِي خِبْرَةٍ فيِ الْخِطَابِ* وَمِنْ كُلِّ مَنْ شَأْنُهُ الشَّرُّ سَادا وَمِنْ حَاسِدٍ أَوْ: جَحُودٍ كَفُورٍ* وَمِنْ طَالِبٍ فِي (غُرُورٍ) مُرَادَا حَرِيصٌ عَلَى كُلِّ (زَعْمٍ)زَعَامَهْ * عَرِيٌّ عَنِ الصِّدْقِ يَبْغِي سَوَادَا مَلِيٌّ بِكِبْرٍ وَبَطْرٍ وَحُمْقٍ * كَأَبْقَارِ وَحْشٍ تَرُومُ السِّفَادَا وُحُوشُ الخَطَايَا تُنَادِي بِنَفْسِهْ * تَشَدَّقْ، تَفَيْهَقْ، تَكَبَّرْ تَعَادَا فَيَا لَلْعَجَبْ كَيْفَ يَعْجَبْ بِنَفْسِهْ * ضَعِيفٌ حَقِيرٌ يلجُّ عنادا فَيَا حَسْرَتَا كَيْفَ بِالْعِلْمِ يُمْسِي * يَتِيماً يَزِيدُ الّلآمَ ابْتِعَادَا أَفِقْ إِنَّمَا الْعِلْمُ تَقْوَى الإِلَهِ * وَرُكْنَاهُ إِنْ تَذْكُرَنْ يَا مُنَادَى فَإِخْلاَصُ فِعْلٍ وَتَحْقِيقُ سُنَّهْ * فَبَادِرْ إِلى الْحَقِّ تُرْزَقْ سَدَادَا وَأَخْلاَقُ رُسْلٍ كِرَامِ السَّجَايَا* وَفِي الآيِ وَعْظٌ جلِيلٌ مُفيدَا أَلاَ فَاتَّبِعْهُمْ وَدَعْ عَنْكَ غَيّاً* فَفِي ذَاكَ عِنْدَ الْمَضِيقِ النَّفَادَا اخدم دين الله ولا تنتظر جزاءاً ولا شكوراً من أحد، والعمل لله ومع الله، وديننا عظيم يحتاج إلى عظماء.