لأنهم عيون قنواتهم وصحفهم وإذاعاتهم ووكالاتهم على ما يجري في ساحات الحروب والنزاعات لنقل الحقيقة التي عادة ما تزعج خصومها، يتعرضون للضرب والاعتقال وتدمير معداتهم، وأحيانا للقتل، من قبل أجهزة أمنية أو جمهور غاضب. إنهم الصحفيون والمصورون الذين امتهنوا مهنة "المتاعب" ليجدوا أنفسهم في مهنة "الموت" المتحرك في العديد من الساحات العربية والدولية. ومع اشتداد وطيس الاحتجاجات والخلاف في مصر الذي بدأ منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي، ووصل إلى أوجه مع ساعات الفجر الأولى من يوم أمس، عندما أقدمت قوات الأمن المصرية على فض اعتصامات لأنصار مرسي في ميدانين بارزين بالقاهرة هما "رابعة العدوية" شرقاً، و"النهضة" غرباً، برز بقوة الخطر الذي كان يداهم الصحفيين أثناء تغطيتهم للأحداث الجارية. الأحداث التي شهدتها عدة ميادين مصرية يوم أمس، أسفرت - بحسب مصادر أمنية وصحفية مصرية - عن مصرع أربعة من الصحفيين، هم: حبيبة عبد العزيز التي تعمل مراسلة ومصورة بجريدة "جلف نيوز" الإماراتية، وابنة أحمد عبد العزيز مستشار مرسي، والتي تلقت رصاصة في الرأس خلال تغطيتها لأحداث "رابعة العدوية. إلى جانب حبيبة، لقى مايكل دين مصور قناة "سكاى نيوز"، وهو بريطانى الجنسية، مصرعه إثر إصابته بطلق ناري في القلب في أحداث رابعة العدوية.بحسب تقرير مستشفى التأمين الصحى بمدينة نصر والقريب من الميدان. عملية فض اعتصام "رابعة" أسفرت أيضاً إلى جانب حبيبة ومايكل، عن مقتل أحمد عبد الجواد الصحفى بجريدة "الأخبار" المصرية، والمصور مصعب الشامى إثر إصابته بطلق خرطوش. أما على صعيد الجرحى في صفوف الصحفيين، فقد أصيبت أسماء وجيه التي تعمل في وكالة "رويترز" بطلق ناري في القدم، بينما أصيب محمد كمال الصحفي بجريدة "الدستور" المصرية هو الآخر بطلق ناري، والصحفي طارق عباس من جريدة "الوطن" المصرية بطلق خرطوش أسفل عينه خلال تغطيته أحداث "رابعة العدوية". كما أصيب مصور صحيفة "المصري اليوم" المصرية، علاء القمحاوي بطلق ناري في القدم، أجريت له على اثرها عملية جراحية لاستخراج الرصاصة، إضافة إلى الصحفي مصطفى الشيمي من جريدة "فيتو" المصرية أثناء أحداث رابعة. يأتي ذلك في وقت أفادت فيه قناة "النهار" المصرية، بإصابة مصورها محمود قليد، وتحطيم الكاميرا الخاصة به، خلال تغطيته أحداث اندلعت في حي المهندسين، غرب القاهرة. من جانب آخر، شهدت أحداث الأمس، حوادث اعتداء من قبل معتصمين غاضبين داخل "رابعة العدوية" على عدد من الصحفيين خلال تغطيتهم أحداث "رابعة العدوية" بينهم مصور صحيفة "المصري اليوم" عمر ساهر (حسب ما ذكرته الصحيفة على موقعها الالكتروني) وإيمان هلال من جريدة "الوطن" المصرية، حيث نقلت وسائل إعلام محلية أن المعتدين هددوا (ساهر وهلال) بأسلحة بيضاء، وصادروا كاميراتهم وبطاقاتهم الشخصية،وذلك قبل أن يتم انقاذهم على يد معتصمين اخرين من داخل الميدان نفسه. وتخلل أحداث الأمس في القاهرة أيضاً، وفقاً لما تداولته وسائل إعلام محلية، احتجاز قوات الأمن لعمرو دياب، المصور بجريدة "الوطن" خلال تغطيته الأحداث عند مركز "طيبة مول" القريب من اعتصام "رابعة العدوية" إلى جانب القبض على أحمد طارق، مصور حر، ومحمد الهوارى، الذي يعمل في موقع "صدى البلد" الاخباري لمدة من أمام المركز نفسه كما وقامت قوات الأمن بمصادرة كاميرا مصور الوكالة الألمانية، خالد الفقى، والاعتداء على حمادة الرسام، مصور "المصرى اليوم"، حمادة الرسام.حسب وسائل إعلام محلية. وفي تعقيب له على استهداف الصحفيين، قال خالد البلشي،عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين " نحمل الأجهزة الأمنية مسؤولية حماية الصحفيين بشكل أساسي وخاصةً في أحداث أمس لأن وزارة الداخلية هي من قامت بدعوة الصحفيين ووسائل الإعلام لتغطية أحداث فض الاعتصامات وهي من تكفل بحمايتهم". وفي تصريح للأناضول، اليوم، أضاف البلشي، أن "ما حدث يوم أمس كان العكس تماماً حيث استشهد 4 صحفيين وأصيب العشرات، فيما تم الاعتداء على آخرين". وأشار إلى أن النقابة تعمل حالياً على إنهاء سرعة التحقيقات حتى يتم تحديد ومحاسبة المسؤول عن مقتل وجرح الصحفيين على كافة انتماءاتهم. ولفت إلى أن مجلس النقابة لطالما طالب بتشريع قانون يغلظ عقوبة الاعتداء على الصحفيين أثناء قيامهم بواجبهم المهنى ومعاملتهم معاملة "الموظف العام". وشدد البلشي على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من تعرض الصحفيين للخطر سواء كانوا أعضاء بنقابة الصحفيين أو غير ذلك،إلى جانب وضع دراسة جادة لحمايتهم أثناء تغطيتهم للأحداث الخطرة وأماكن الاشتباكات، مبيناً أن هذا ما سيتم مناقشته في إجتماع طارئ لمجلس نقابة الصحفيين مطلع الأسبوع المقبل.