بقلق شديد نبه حقوقيون مغاربة إلى الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان المرتكبة من لدن السلطات المغربية تجاه المتظاهرين في منطقة الريف شمال البلاد، نتيجة تعمد رجال السلطة استعمال العنف المفرط، الذي أفضى إلى عشرات الجرحى، بالإضافة إلى الاعتقالات المكثفة من نشطاء الحراك. وقالت الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي، إن ما نشهده اليوم من التراجعات في مجال حقوق الإنسان، لم يسبق أن شهدنا له مثيلا منذ 2011، مشيرة إلى أن هناك هجوما على الحقوق والحريات، وأن ما تشهده الحسيمة، يعد كارثة ومصيبة. وأضافت الرياضي إن القضاء اليوم يلعب الأدوار نفسها التي لعبها في سنوات الرصاص، إذ يتم الحكم على النشطاء بأحكام جائرة، والزج بالمعارضين والمناضلين في السجون. وأفادت منظمة العفو الدولية أن السلطات المغربية قامت بحملة اعتقالات مروعة طالت عشرات المتظاهرين والناشطين والمدونين بمنطقة الريف، بعد أشهر من احتجاجات تطالب بإنهاء تهميش المجتمعات المحلية وتحسين الخدمات في المنطقة. واعتبرت أن متابعة نشطاء وصحافيين خرقا سافرا لكل المواثيق الدولية التي تضمن حرية الرأي والتعبير وكذا ممارسة حرية الصحافة والحق في الوصول إلى المعلومة. وحسب تقارير حقوقية، فإن الأجهزة الأمنية وبالإضافة إلى استعمالها للعنف فقد اعتقلت ما يقارب 135 ناشطا، منهم أهم الوجوه البارزة في الحراك، الاعتقالات طالت أيضا صحافيين وإعلاميين، يديرون مواقع إخبارية محلية أو صفحات بمواقع التواصل الاجتماعي بالحسيمة ونواحيها، ويتعلق الأمر بكل من محمد الأصريحي وجواد الصابري من موقع "ريف 24"، وعبد العلي حدو من صفحة «أراغي تيفي» والحسين الإدريسي من «ريف بريس»، وربيع البلق مراسل «بديل أنفو»، ومرتضى إعمراشا وفؤاد السعيدي من صفحة «أوار تيفي». الذين يتابعون بتهم ثقيلة بمقتضيات القانون الجنائي ومنهم من يتابع بقانون الإرهاب. وأصدر عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية المغربي، بيانا أعلن فيه الرد على التفاعل الكبير والتضامن الواسع مع الحراك الشعبي بالريف على المواقع الاجتماعية، وعن متابعة كل من ينشر صورا «مفبركة» لها علاقة بحراك الريف. وقال إبراهيم حياني التزروتي، وهو مدون وكاتب صحافي مغربي: لقد عدنا بشكل رسمي إلى الوراء وإلى مرحلة من مراحل التاريخ الأسود بدل أن نسير للمستقبل كما حتمية التاريخ، حيث برزت السطور الكبرى لذلك من خلال عودة رجال وزارة الداخلية لإدارة البلاد وإعادة بسط أذرعهم داخل المؤسسات الكبرى في البلد والتحكم في صنع الجزء الأهم من قراراتها وسياساتها. ويكفل القانون المغربي للمحتجين أثناء التدخل الأمني التعسفي أو الاعتقال بمقاضاة رجال الأمن، الذين يمكن أن توجه إليهم تهم تتعلق بالشطط في استعمال السلطة أو استعمال القوة المفرطة في حق المحتجين. و ينص الدستور المغربي في فصله 29، على أن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات. حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته. كما ينص الفصل 37، على جميع المواطنين والمواطنات احترام الدستور والتقيد بالقانون، ويتعين عليهم ممارسة والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات. وفي اتصال مع «القدس العربي» قال طارق ليساوي، أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني والشرق آسيوي إن السلوك العدواني لأجهزة الدولة لاسيما وزارة الداخلية والنيابة العامة، وسكوت المؤسسة الملكية ورئاسة الحكومة عن ما يحدث، يقود البلاد إلى حقبة دموية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، معتبرا أن مواجهة الدولة للحراك بمنطق العسكرة ومتابعة نشطائه، واعتقالهم بطرق مهينة للكرامة، هو انتهاك صارخ للقانون والدستور والمواثيق الدولية، ويبين أن الدولة غير جادة فيما التزمت به في تعهدها بعدم الرجوع للممارسات المنتهكة لحقوق الإنسان. وعرفت مدينة الحسيمة ليلة عيد الفطر أحداثا دموية، نتيجة المناوشات بين رجال الأمن والمحتجين التي خلفت إصابات متفاوتة الخطورة في كلا الجانبين. وسجل المركز المغربي لحقوق الإنسان، ضمن تقريره السنوي لحالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2016 «استعمالا مفرطا للعنف في حق أغلب الأشكال الاحتجاجية، والتي عرف المغرب تزايدا مضطردا في نسبتها، قياسا مع سنة 2015، فيما تمت متابعة العديد من المحتجين قضائيا، وقضي في حق غالبيتهم بأحكام بالسجن النافذ والسجن الموقوف التنفيذ، بتهم أغلبها لم تكن موضوعية».