اعتبر حقوقيون مغاربة أن المحاكمة بتهمة "الإشادة بالإرهاب" على خلفية تدوينات على موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك "انتقام سياسي" و"يستهدف الحد من حرية التعبير بالبلاد". جاء ذلك في مؤتمر صحفي، أمس الخميس، بالعاصمة المغربية الرباط، نظمته "اللجنة الوطنية لمساندة شباب الفايسبوك المعتقلين" (غير حكومية).
يشار أنه في 22 دجنبرالماضي، اعتقل الأمن المغربي عددا من الشباب المغربي بينهم 8 من أعضاء حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، بسبب تدوينات على موقع "فيسبوك"، على خلفية مقتل السفير الروسي في أنقرة، اعتبرتها وزارتا العدل والداخلية "إشادة بالإرهاب"، ويتابع هؤلاء الشباب المحكمة بقضايا الإرهاب بمدينة "سلا" قرب الرباط، بتهمة "الإشادة والتحريض على الإرهاب"، وينتظر أن يتم النطق بالحكم في هذا الملف في 13 من يوليو المقبل.
واعتبرت لطيفة البوحسيني، منسقة "اللجنة الوطنية لمساندة شباب الفيسبوك المعتقلين"، والناشطة الحقوقية اليسارية، أن "متابعة شباب الفيسبوك بمقتضى قانون الإرهاب تكشف عن توجه واضح يستهدف الحد من حرية التعبير بالمغرب وتقييد حرية الرأي السياسي باستغلال الصيغ العامة والفضفاضة لبعض مواد هذا القانون بعيدا عن روحه ومسعاه".
وأضافت البوحسيني، أن متابعة هؤلاء الشباب بتهمة الإشادة بالإرهاب "تعسف وتكييف مبالغ فيه في تأويل الآراء التي يعبر عنها المواطنون المغاربة وتحميلها أكثر مما تحتمل، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي المنفلتة من القيود والخطوط المرسومة لوسائل الإعلام التقليدية".
وأكدت على "الصبغة السياسية لهذه المتابعات (المحاكمات)".وحذرت على "خطورة مثل هذه التأويلات والتكييفات على حرية التعبير بالمغرب والتضييق عليها".وقالت إن هذه المحاكمة "تصفية حسابات سياسية مع الجهة السياسية التي ينتمي إليها هؤلاء الشباب؛ وهي حزب العدالة والتنمية".
وذكرت بما وصفته بالسياق السياسي الذي جرى فيه توقيف هؤلاء الشباب والذي أصبح يعرف بالمغرب ب "البلوكاج الحكومي"(تعثر تشكيل حكومة عبد الإله بنكيران، عقب تعيينه رئيسا للحكومة بعد تصدر حزبه العدالة والتنمية الانتخابات البرلمانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي)، وما وصفته ب"الصراع الحاد والقوي بين أطراف وقوى حزبية وسياسية حول تشكيل الحكومة، بلغ مستويات عالية من التشنج واستعملت فيه إمكانيات الضغط".
بدوره اعتبر محمد أمكراز، محامي الشباب المعتقلين، أن متابعة هؤلاء الشباب بقانون الإرهاب "لا يتناسب مع الوقائع التي تنبي عليها المحكمة المتابعة".وقال إن "قصد الإشادة بالإرهاب لم يكن واردا في تدروينات الشباب المعتقلين". وأوضح أن "الفرق بين حرية التعبير وجريمة الإشادة بالإرهاب هو القصد الجنائي، وهو منتف في هذه الحالة".
وقال إن "قصد الإشادة بالإرهاب يجب أن يكون صريحا وواضحا".وطالب ببراءة الشباب المعتقلين، أو على الأقل متابعتهم وفق قاعدة "القانون الأصلح للمتهم" المتعارف عليها قانونيا، وهي في هذه الحالة متابعة هؤلاء الشباب وفق قانون الصحافة والنشر وليس قانون الإرهاب.واعتبر أن محاكمتهم بتهمة الإشادة والتحريض على الإرهاب "لا تستند على أساس قانوني سليم".
من جهته، اعتبر محمد الزهاري، رئيس فرع المغرب للتحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات، إن متابعة هؤلاء الشباب بقانون الإرهاب "تصفية حسابات وتوظيف القضاء لإسكات الأصوات المعارضة".
وأشار الزهاري، في هذا الصدد إلى متابعة الناشط البارز في "حراك الريف" شمالي المغرب، "المرتضى اعمراشا"، الثلاثاء الماضي، بتهمة الإشادة بتنظيم إرهابي.
وقال إن الأصل في قضية هؤلاء الشباب هي البراءة، لأن ما كتبوه ليس له علاقة بالإشادة والتحريض على الإرهاب "لكن احتياطا نطالب بمتابعهتم بقانون الصحافة والنشر لأنه الأصلح، ولا يقر العقوبات الحبسية (السجن)".
وأضاف أن هناك عدد كبير من المواطنين المغاربة عبروا وكتبوا التدوينات والتعابير نفسها التي كتبها الشباب المعتقلين لكن لم يتم اعتقالهم أو محاكمتهم.
واعتبر أن "هذا يبين الطابع الانتقائي والانتقامي لهذه المحاكمة".