موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توعية الأنام بزيف ادعاءات -دولة الاسلام-؟
نشر في الرأي المغربية يوم 12 - 09 - 2014

لا شك ان على كل مسلم السعي وراء قيام حكم الله عز و جل و نتمنى من خالص قلوبنا أن تقر أعيننا بذلك قبل ان نوارى الردى مشهدين الله انا لا نرتضي شريعة غير شريعته ، و أمام ما يقع في الامة من أزمات و انحدار في كل المستويات بل و فقدان أجزاء كبيرة من الاوطان أمام آلة استعمارية غاشمة وجدت عندنا حكاما لا يجيدون سوى التنديد و شعوبا آمنت بالأمر الواقع و هو أننا صرنا أسهل الامم بأسا ، صار الكل ينتظر بشوق خروج طائفة تخرج الأمة من تفككها نحو توحدها و من ضعفها نحو قوتها ، و لأن العاطفة عاصفة و شر التهلكة سببها الحماس الزائف فقد خرجت علينا طائفة تسمي نفسها دولة الاسلام في العراق و الشام منصبة خليفة للمسلمين ضاربين شروط اختيار خليفة المسلمين عرض الحائط ، اتفق أهل العلم على أن الإمامة تُنصَّب وفقاً لطرق ثلاثة [راجع "الأحكام السلطانية" للماوردي، "غياث الأمم" للجويني].
الأول: عن طريق بيعة أهل الحل والعقد من المسلمين لرجل يختارونه اكتملت في حقه صفات الأهلية المطلوبة للإمامة.
الثاني: عن طريق عهد الإمام لرجل من المسلمين من بعده، أو لعدد منهم يختار منهم أهل الحل والعقد إماماً.
الثالث: عن طريق الغلبة والقهر بالسيف، عند حلول الفتن وخلو الزمان عن الإمام، وتباطؤ أهل الحل والعقد عن تنصيبه، فيشرع وقتها لمن تغلب بسيفه من المسلمين ودعا للبيعة وأظهر الشوكة والأتباع أن يصير أميراً للمؤمنين، تجب طاعته وبيعته ولا يحل لأحد منازعته.
وأعني بكلامي عن اتفاق أهل العلم بمشروعية الطرق الثلاث؛ أي بما نصُّوا عليه من الصور والتوصيفات المقطوع بقبولها عندهم، فالناظر في كتبهم يجد أن أغلب كلامهم يدور عن الطريقين الأوليين، أي حول طريق بيعة أهل الحل والعقد، وطريق العهد من إمام سابق.
فمما لاشك فيه أن الشرطان الأول و الثاني لا ينطبقان على خليفة الدولة و ينطبق جزئيا عليه الشرط الثالث فشرط تنصيبه هو غلبة بالسيف و اظهار الشوكة و هذا مما لم يحدث فلا يزال القصف الى اليوم في كل أركان الدولة المزعومة سواءا في العراق أو سوريا بل و سقوط عديد الحصون ، ما يؤكد أن تغلبه لم يتحقق بل هو في طوره و هو ما يجعل تنصيبه حاكما متغلبا هو ضرب من الخلط .
ومن ظنَّ أنه بقراءة كتاب (إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام) الذي أصدره ما يُسمى بدولة العراق الإسلامية استطاع أن يُكوِّن فكرة صحيحة عن واقع العراق – نعمْ مجرد فكرة – وليس حكمًا صحيحًا! فقد جار؛ لأنه اكتفى بالاستماع لشاهد واحد في قضية ينبغي أن يستمع فيها لجميع الشهود، وينظر في القرائن، ويستفرغ الوسع ثم يصدر حكمه؛ لئلا يظلم نفسه، ويجور في حكمه، ويغرِّر المسلمين، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }(النساء:135).
و أهم الاصول التي نعيب بها الدولة هي غلوها في التكفير و اسرافها في هدر الدماء بغير حق و الكذب و عدم الالتزام بالسياسة الشرعية حين التحاكم .
و أرجو ان لا يظن أحد أنا ممن يتكالبون على دولة الاسلام جورا و زورا لكني لاحظت من خلال متابعة لبعض شرعييها على اليوتيوب او بعض كتبهم ك 'بيعة الامصار للامام المختار ' و كتاب 'مد الأيادي لبيعة البغدادي ' و كتاب 'الدولة الاسلام في العراق و الشام –البصيرة في حقيقة المسيرة –' و لمحت مما لا شك فيه نرجسية كبيرة في الطرح و استصغار لغيرهم من الكتائب المقاتلة بل و تفسيق و تكفير جلها ، ما كان ينبؤ بوقوع تناطح بين الاخوان الذي حلو في بلاد الشام لقتال النصيرية لكن سرعان ما تغيرت الاهداف و صار عند البعض الهدف هو دك شوكة كل الفصائل المقاتلة و الاستفراد بالساحة فكفروا أمراء الجبهة الاسلامية التي يشهد لها القاصي و الداني بمقاتلة النصيرية و تم تكفير لواء الاسلام و لواء التوحيد –و سموه في عديد الاشرطة لواء الشرك- و اعتبروا الجيش السوري الحر صحوات جديدة تخدم الاجندات الغربية محتجين بأن الاستقواء بالغرب كفر و هو غلو شديد في التكفير ، فقد قال عبد العزيز ابن باز رحمه الله أن من أستقوى بكافر على مسلم ظلما فقد كفر ، فكيف ينزلون هذا بذلك ؟؟؟ و قاموا باعتبار جبهة النصرة خوارج وجب مقاتلتهم لأنهم خرجوا على بيعة البغدادي – و التي لم تتم أصلا كما أكد فقيه جبهة النصرة أبي عبد الله الشامي – و هذا ان دل فيدل أن غلبتهم كانت على اخوانهم فقط و في هاته أيضا شك كبير.
و مما لا شك فيه أنهم قد وقعوا في عديد الامور التي شابهوا فيها الخوارج ولا يعترض على كلامنا أحد بالقول بأنَّ الخوارج يُكفِّرون بالكبيرة وهؤلاء لا يُكفِّرون بالكبيرة، أقول نعم، هم نظريًا لا يوافقون الخوارج في هذا الأصل، فهم لا يُكفِّرون بالزنا أو شرب الخمر، ولكنهم يُكفِّرون الأعيان بمسائل مختلفٍ فيها بين العلماء هل هي مشروعة أم لا! ويُكفِّرون بالظنون والأوهام، كما كفَّروا بعض مَن منَّ الله عليهم بالخروج من سجون الصليبيين ،بل ويحكمون على طلبة علم عُرفوا بسابق علم وجهاد ودعوة بالردة؛ بالأوهام والهوى،و لا تكاد تناقش أحدهم في فساد منهجهم حتى يقذفك و يوسمك بوسام الارجاء فلا حول و لا قوة الا بالله ،والعاقل الذي يفهم دينه لا ينبغي أن يتعامى عن انحرافاتهم الخطيرة في المعتقد والعمل بسبب بعض العمليات البطولية عندهم، فالشجاعة لا تدل على صحة المنهج، وليقرأ الشاك في ذلك شجاعة الخوارج و بطولاتهم وسيجد العجب العجاب.
فالمعروف أن لا أنسيا يستطيع أن يكون مرجعا لوحده بل المرجع يكون اما كتاب الله أو سنة رسول الله أو المشارب العشرة الاخرى للتشريع ، يقول تعالى {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }). إذًا ليس التحاكم وحده هو المطلوب، وإنما الاستسلام لذلك الحكم، وعدم وجدان ما يخالف الرضا بحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم . فقد حدث حين الايام الاولى للتقاتل بين الفصائل المقاتلة في سوريا محاولة بعض العلماء و طلبة العلم تأليف القلوب و توحيدها بالتحاكم الى شرع الله من أجل رد الحقوق و ايقاف ازهاق الدماء و انتهاك الاعراض فوافقت كل الفصائل المقاتلة و كان صاحب المبادرة الشيخ المحيسني لكن رفضت الدولة ذلك و اعتبرت نفسها مكتفية بذاتها و أن أي تحاكم يجب ان يكون في دار قضائها و بإشراف شرعييها ، فهل العدل ان يكون الخصم حكما ؟؟؟؟؟؟؟
و ما يحز في القلب تفسيقهم لأئمة الدعوة الذين خالفوا هواهم فبعد أن كان الشيخ هاني السباعي فقيه زمانه و فريد أقرانه الذي سرعان ما سار المحرف لكلام الله و القاعد في بلاد الكفر بمجرد أن قال بفساد دعواهم و طعنهم في صدق عديد ممن سجنوا لكلمة الحق كأبي محمد المقدسي و أبي قتادة و عمر الحدوشي و حسن الكتاني و سلمان العلوان ليمهدوا الطريق لكل قليل فهم من أجل تقلد المهام الشرعية و التشريعية لدولتهم هاته .
من الامور العجيبة التي يذكرها كاتب اعلام الانام أنَّ دولة الإسلام هي المعني الوحيد بقبض الصدقات، وأنه لا يحل لمسلم دفعها إلى غيرهم ص 48
و لا أجد ردا على تسرعهم في الفتاوى غير قوله تعالى "وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ".
و من عجائب الامور حقا اعتقادهم بتمام فهمهم للدين و بمجرد مطالعة كتبهم يجد المرء طواما شرعية فمثلا في كتاب إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام – يقول الكاتب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم "أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم " و هو حديث قال فيه شيخ الاسلام هذا لم يروه أحد من علماء المسلمين الذين يُعتمد عليهم في الرواية، وليس في شيء من كتبهم، وخطاب الله ورسوله للناس عام يتناول جميع المكلفين . و استعمال هكذا أحاديث ما هي سوى محاولة لتدجين فكر المنتسبين للدولة و محاولة لتبيان أن شرعييها في قدر كبير من العلم يجعل العامي يجد صعوبة في فهم ما يرمون اليه ، و الانكى حقا و المبكي في كتابهم السابق اعتبار امامهم قد ولي بعد بيعة المسلمين له و بالغلبة و القهر و هما شرطان لا يمكن أن يجتمعان الا في رأس الكاتب ، بالاضافة لحديثهم على ان بيعته أقامها أهل الحل و العقد و المعروف ان هؤلاء هم على أهل الشوكة من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يحصل بهم مقصود الولاية، وهو القدرة والتمكن، وهو مأخوذ من حل الأمور وعقدها و المشهود لهم بالعدالة الجامعة لشروطها الواجبة في الشهادات من الإسلام والعقل والبلوغ وعدم الفسق واكتمال المروءة و أيضا العلم الذي يوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها.
و لا نعلم حقا هل تحقق هذا لدى أهل الحل و العقد عندهم لعدم معرفتنا بمن هم و من عينهم و لا تعرف أسمائهم..فهل بلغ الهوان أن يعين كل من جيش جيشا مجلس شورى لاختياره خليفة للمسلمين ؟؟
بل و الاغرب هل تحققت الشروط التي رسمها السلف لتكليف الخليفة وذكر البهوتي الحنبلي ألفاظ الماوردي الشافعي فقال: (ويلزم الإمام عشرة أشياء، حفظ الدين على الأصول التي أجمع عليها سلف الأمة، فإن زاغ ذو شبهة عنه بيَّن له بالحجة، وأخذه بما يلزمه من الحقوق؛ ليكون الدين محروسًا من الخلل، وتنفيذ الأحكام بين المتشاجرين، وقطع ما بينهم من الخصومات، وحماية البيضة والذب عن الحوزة؛ لينصرف الناس في معايشهم ويسِيروا في الأسفار آمنين، وإقامة الحدود؛ لتصان محارم اللَّه عن الانتهاك وتحفظ حقوق عباده من إتلاف أو استهلاك، وتحصين الثغور بالعدة المانعة والقوة الدافعة حتى لا تظفر الأعداء بغرة ينتهكون بها محرمًا أو يسفكون بها دما معصومًا، وجهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يسلم أو يدخل في الذمة، وجباية الخراج والصدقات على الوجه المشروع، وتقدير العطاء وما يستحق في بيت المال من غير سرف ولا تقصير ودفعه في وقته من غير تقديم ولا تأخير، واستكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوضه إليهم من الأعمال والأموال؛ لتكون مضبوطة محفوظة، وأن يباشر بنفسه مشارفة الأمور ويتصفح الأحوال؛ لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة ولا يعول على التفويض تشاغلاً فقد يخون الأمين ويغش الناصح).
وقال الشوكاني في وبل الغمام: (ملاك أمر الإمامة وأعظم شروطها وأجل أركانها، أن يكون قادرًا على تأمين السبل، وإنصاف المظلومين من الظالمين، ومتمكنًا من الدفع عن المسلمين إذا دهمهم أمر يخافونه كجيش كافر أو باغ، فإذا كان السلطان بهذه المثابة فهو السلطان الذي أوجب الله طاعته وحرَّم مخالفته؛ بل هذا الأمر هو الذي شرع الله له نصب الأئمة، وجعل ذلك من أعظم مهمات الدين). هذه هي واجبات الإمام- يا من سميت نفسك زورًا أمير المؤمنين- فهل تستطيع القيام بها حتى تطالب الناس بحقوق الإمام من الطاعة والنصرة؟!
و الملحوظ في بياناتهم تمجيد لولي أمرهم و تسميتهم بمولانا و قد قال ابن العثيمين رحمه الله بعدم جواز ذلك و هو لفظ لا يجعله بعيدا عن أهل الملك الجبري و العاض، بالإضافة لإطلاق العنان لخيالهم في نسج قصص أسطورية موهمين الناس بالقدرة و القوة التي ان قرأها المرء حسبها جيش ألكسندر أو جيش خالد ابن الوليد رضي الله عنه أو جيش المغول و في الواقع هم قلة عددا و عتادا ركبوا فوق الثورتين السورية و العراقية ...فبعد أن كانت المواجهات على مشارف دمشق و دخلت أحياءا بها ها نحن نرى النكسة تلو الاخرى و سقوط أجزاء كبيرة من حلب على بداية التضعضع التي نرجو ان لا تطول ولا تخلو الاخبار اليومية من معارك الكر و الفر بين الفصائل المجاهدة و الدولة .
و شر ما يخشى في العراق انقسامه الى ثلاث دويلات سنية ،شيعية و كردية ما سيضر بمصالح عديد أهل السنة و ما سيعيد عديد الازمات التي مر بها المسلمون بعد انقسام الهند و باكستان حيث وجدوا انفسهم محاطين بالسيخ و الهندوس فذاقوا أقصى الويلات ، خصوصا أن عديدا من مناطق السنة لا تزال تحت سيطرة جيش المالكي الهالك .
أما فيم يخص تشبيه لهم بالخوارج يقول شيخ الاسلام الخوارج هم أول من كفَّر المسلمين: يُكفِّرون بالذنوب، ويُكفِّرون من خالفهم في بدعتهم، ويستحلون دمه وماله و يقول أيضا أي أنهم شر على المسلمين من غيرهم، فإنهم لم يكن أحد شرًّا على المسلمين منهم لا اليهود ولا النصارى، فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم، مكفرين لهم، وكانوا متدينين بذلك؛ لعظم جهلهم وبدعتهم المضلة –و يضيف رحمه الله وقد اتفق الصحابة العلماء بعدهم على قتال هؤلاء؛ فإنهم بغاة على جميع المسلمين سوى من وافقهم على مذهبهم، وهم يبدؤون المسلمين بالقتال، ولا يندفع شرهم إلا بالقتال، فكانوا أضر على المسلمين من قطاع الطريق؛ فإنَّ إولئك إنما مقصودهم المال، فلو أعطوه لم يقاتلوا، وإنما يتعرضون لبعض الناس، وهؤلاء يقاتلون الناس على الدين حتى يرجعوا عما ثبت بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة إلى ما ابتدعه هؤلاء بتأويلهم الباطل وفهمهم الفاسد للقرآن.
وو الله هاته التوصيفات التي أتى بها شيخ الاسلام لا نرى فيها اختلافا كبيرا على ما يدينون به و يعتقدونه ، وقد حدث لي معهم نقاش مؤخرا كفروا به مرسي و لما أصلنا المسألة وجدنا السبب انه قال ان الشعب مصدر الشرعية فحسبها القائل الشريعة و أنزلهما بنفس الحكم فحاولت اظهار له مخالفة الثيوقراطية الكهنوتية للمنظومة الاسلامية التي تجعل الناس هم أهل الشورى كما حدث الامر بالنسبة لتنصيب عثمان رضي الله عنه فقد سأل عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه كل من لاقاه في الاختيار بين علي و عثمان رضي الله عنهما و قد قال عديد المؤرخين انه سأل حتى النساء ، و قد صدق حجة الاسلام ابي حامد الغزالي حين قال ' و لا يسارع للتكفير غير الجهلة' لقد أصبح نقد هذا التنظيم بالحق من نواقض الإيمان عند الكثير منهم، أما تفسيق المنتقد بالحق واستباحة دمه فلعلها عند الجميع في هذه المرحلة فقد نعتني عديد منهم بالمرجئ ، و في تريخنا الاسلامي أن عديد الفقهاء لم يكفروا الاعيان و ان وقعوا في فعل كفري او قول كفري كما حدث للإمام أحمد مع أعيان الجهمية.
يقول شيخ الاسلام في هذا 'فتكفير المعيَّن من هؤلاء الجهال وأمثالهم، بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار لا يجوز الإقدام عليه، إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية، التي يتبيَّن بها أنهم مخالفون للرسل، وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر. وهكذا الكلام في تكفير جميع المعيَّنين مع أنَّ بعض هذه البدع أشد من بعض، وبعض المبتدعة يكون فيه من الإيمان ما ليس في بعض، فليس لأحد أن يكفر أحدًا من المسلمين، وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتبيَّن له المحجة. ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة '.
إنَّ أهل الغلو يعتمدون في تكفيرهم المتوسع المتعاظم على قاعدة التكفير باللازم، ولذا فإذا كفر عندهم الحاكم كفَّروا أعيان كل من عمل معه ممن يستحق التكفير وممن لا يستحق، دون ملاحظة التفريق بين الكفر المطلق وكفر المعيَّن، ودون ملاحظة موانع التكفير أبدًا، وبما أنَّ التكفير عند هؤلاء لا ضابط له، فقد يتوسعون فيكفِّرون أيَّ موظف في الدولة، وقد يكفرون كل أفراد المجتمع؛ لأنهم راضون بدليل سكوتهم ولازم السكوت الرضا كما فعلت جماعة شكري مصطفى في مصر.
وهؤلاء ملتزمون بأوسع أبواب التكفير وأسهلها وهو التكفير باللازم، أي مادام لازم هذا القول كفر فصاحبه كافر، ومادام لازم هذا الفعل كفر فصاحبه كافر، وهكذا من غير أن يلتزم القائل بلازم قوله، أو لازم فعله، وبسبب ولعهم بتكفير المسلمين فإنهم لا يؤخرون التكفير حتى ينبهوا القائل بأنَّ لازم قوله الكفر، فإن ثبت له كفر وإلا فلا، هذا إذا كان كفرًا فعلاً.
أما تكفيرهم للجماعات الإسلامية التي نختلف معها في المنهج وبعض مسائل الاعتقاد كجماعة الإخوان المسلمين، فهذا عندهم من المعلوم من الدين بالضرورة، وقد صرَّحوا به في مواطن ومجالس كثيرة، وممن صرَّح بذلك الناطق لما يسمى زورًا بالدولة الإسلامية في العراق والشام، وقد ردَّ عليه أبو محمد المقدسي في مقال له بعنوان "الإنصاف حلة الأشراف"، اضافة لسوء فهمهم لقاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر فالقاعدة هاته تخص من ثبت كفرهم في كتاب الله و سنة نبيه لا من وقع في مسألة مختلف عليها بين الأئمة العظام و يدخل ضمن الاختلاف الصائغ ، و مما يزيد الامر سوءا اسقاط بعض المسائل الفقهية منزل النوازل العقدية ما يسهل الحكم بالردة على المخالف .
يقول الرسول صلى الله عليه و سلم في حديث ضعيف يحتج به في القصص في توصيف لا نظنه غير ملازم لحالهم : (إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض، فلا تحركوا أيديكم ولا أرجلكم، ثم يظهر قوم ضعفاء لا يؤبه لهم، قلوبهم كزبر الحديد، هم أصحاب الدولة، لا يفون بعهد ولا ميثاق، يدعون إلى الحق وليسوا من أهله، أسماؤهم الكنى، ونسبتهم القرى، وشعورهم مرخاة كشعور النساء، حتى يختلفوا فيما بينهم ثم يؤتي الله الحق من يشاء).
و أختم القول بما قاله حجة الاسلام أبي حامد الغزالي 'والذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيلاً، فإنَّ استباحة دماء المصلين المقرين بالتوحيد خطأ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم مسلم واحد'، و أحلف بالله غير حانث ان صاروا في غيهم و في لمزهم لأهل الاسلام و استباحتهم لدمائهم و رفضهم للاحتكام لشرع الله أنهم سيكونون السبب في فشل الثورتان المباركتان في سوريا و العراق ضد الصفويين المجوس ، و ردي هذا ليس كلام قاعد و لا خائف لكنه كلام شخص يبكي دما على حال أمة صار يولى جاهلها و يلجم و يكفر علمائها ..
سائلين المولى أن يعاد للدين عزه بتربية أبناءه و تكوينهم على العقيدة المحمدية حتى تصير الشريعة مطلب الكل و تكون النتيجة الحتمية انهداد كل المنظومات الجاهلية.
و الله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.