تمة مفارقة في الصورة التي التقطت، اليوم الخميس، لقادة العدالة والتنمية، تبين أنه يعيش مرحلة انتقالية، فرضت أن يسيَّر اللقاء ب"رأسين"، عبد الإله بنكيران أمينا عاما، وسعد الدين العثماني رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة، أما ما تمخض عن اللقاء فمفارقات، أنهى فيها البلاغ مرحلة وبدأ أخرى، وفتح الباب أمام انحناءة كبيرة للعاصفة. بنكيران الذي بدا بعد اللقاء وقد تجرع الصدمة، سلم المفاتيح لسعد الدين العثماني، وأطلق قهقهته الشهيرة، إيذانا بنهاية مرحلة صموده، وبداية مرحلة "فن الممكن" مع زميله في الأمانة العامة، كما بدا منشرحا كمن أدى الأمانة، وأنهى المهمة، ورفع عن نفسه الحرج. والعارف والقريب من قيادة حزب العدالة والتنمية، يعي تماما أن تمة إكراها كبيرا، أدى إلى نتيجتين، الأولى تراجع المضمون السياسي لبلاغ الأمانة العامة للحزب، والذي قال كل شيء دون أن يقول شيئا يذكر، أسقط التشبث بنتائج 7 أكتوبر، وبحماية الخيار الديمقراطي، وشدد على تشكيل حكومة تنال دعما ملكيا وتوافق تطلعات المواطنين وتواصل أوراش الإصلاح. لكن كيف أقنع العثماني، إذا صحت الأنباء التي تسربت من حي الليمون، قيادة حزبه بخفض أضواء المصباح حتى لا تحرق الوردة، والسماح لحزب الاتحاد الاشتراكي بإعادة سقيها من معين الحكومة بعد خمس سنوات من الغياب على الدواوين الوزارية ؟ يبدو التفسير الأقرب إلى الحقيقة ما أعطاه مصدر شديد الإطلاع ل"الرأي" ويتحدث عن وجود إشارات ملكية التقطها سعد الدين العثماني، تدعوه إلى تشكيل الحكومة في آجال لا تتعدى 15 يوما، تتضمن حزب الإتحاد الاشتراكي. اللغة التي تحدث بها إدريس لشكر يوم استقباله من قبل فريق المشاورات تعطي أكثر من دلالة، إذ لا يمكن للرجل أن يستأسد، بين عشية وضحاها، ويقول للإعلام أن حزبه لا يمكن أن يسمح لأحد أن يفاوض باسمه لو لم تدس ورقة في جيبه، وسيجحف أخنوش في حق الاتحادَيْن والحركة إذا فاوض باسم الأحزاب الأربعة، في حين سيكون العثماني أكثر ضعفا في حال مفاوضة أربعة أحزاب كل على حدا، مع الضمانة التي يتوفرون عليها جميعا للدخول إلى الحكومة. إن التصريحات التي أطلقها قياديون من حزب العدالة والتنمية، وتحديدا أعضاء في مجلسه الوطني، تؤكد وصول الأمر إلى خطوط التماس، بين الحزب والقصر، وأن قوة قاهرة أدت إلى سيادة الإحباط، بعد تراجع قيادة الحزب على "لاءاتها"، وبدء مرحلة بعنوان وحيد وأوحد "تدبير المرحلة في إطار فن الممكن"، والممكن فقط.