ليس المطلوب من كتائب القسام أن تؤكد أو تنفي سلامة قائدها العسكري من الاستهداف الإسرائيلي، فليبق الأمر لغزاً يقهر مخابرات العدو، وليبق محمد ضيف وجعاً يمزق وريد الصهاينة، فحيرة العدو في حد ذاتها مقاومة، تعصف بقراراتهم السياسية والعسكرية. إن استهداف المنزل الذي تتواجد فيه عائلة القائد العام لكتائب القسام محمد ضيف ليؤكد أن اختراق التهدئة قبل موعدها بعدة ساعات كان عامداً متعمداً من قبل العدو الإسرائيلي، الذي ظن أنه قد عثر على النصر الكبير، وأنه قد أمسك بالغنيمة التي ستجعله يتفاخر بقدراته أمام كل العالم، ويتباهى أمام جمهوره بأنه يمتلك قوة الردع، والقدرة من خلال أذرعه العسكرية ومخابراته على الوصول إلى كل مكان. الفشل الإسرائيلي في تحقيق الغاية من استهداف القائد العسكري محمد ضيف تضاف إلى قائمة العجز والفشل والإحباط الذي يصفع وجه نتانياهو، فإذا أضيف لما سبق مستوى رد كتائب القسام القوي والسريع، وما أحدثه من ترويع لدى الإسرائيليين، بحيث سقطت أكثر من مئة قذيفة صاروخية حتى الساعة الثانية ظهر الأربعاء، فمعنى ذلك أن السهم اليهودي الحاقد لم يطش فقط، وإنما ارتد عجزاً وضعفاً وفضيحة على قادة الكيان الصهيوني، وهذا ما سيدفعهم إلى الاحتماء بطاولة المفاوضات ثانية، طاولة المفاوضات هي المخرج الوحيد الذي يغطي على عورة الصهاينة وعجزهم، وهي التي ستستر فضائحهم وضعفهم وتخبطهم في قراراتهم. طاولة المفاوضات بعد أيام يجب أن تكون جديدة، ويجب أن يكون على سطحها مطالب جديدة أيضاً تتناسب والتضحيات الجسام، ولاسيما أن العدو الإسرائيلي قد فقد القدرة على صناعة النصر السريع، وفقد جيشه الشهية في الاقتحام. لقد تعود القائد محمد ضيف على مواجهة الموت، حتى صارا رفيقين في الدرب، لقد التقيا في أكثر من محاولة قصف، وافترقا بقرار من الإرادة، فالذي يقرر الحياة والموت ليست الطائرات الإسرائيلية ولا هي القذائف الموجهه عن بعد، وليس هم العملاء الذي يتتبعون محمد ضيف وزوجته وأولاده، الذي يقرر موعد الموت هو خالق الحياة والموت. لقد اشترى محمد ضيف وأمثاله من رجال المقاومة حياة الآخرة منذ زمن، وإذا كان فراق الأحبة مصيبة، سكينها تقطع وريد الوصال، فإن الفراق على قسوته لا يقهر الرجال، بل يزيدهم عزماً وقهراً للمحال.