استخدم الرئيس السوري بشار الأسد وقواته منذ أقل من سنة مضت السلاح الكيماوي ضد الثوار والمدنيين في الحرب الأهلية. لكن تم اليوم تحت الضغط الدولي تسليم الشحنة التي وافقت سوريا على التخلي عنها. ورغم أن هناك شكوكا بكون سوريا مازالت تحتفظ بأسلحة كيماوية مخبأة أو بتكنولوجيات ذات صلة، إلا أن الاتفاق المبرم بين الولاياتالمتحدةوروسيا بخصوص تدمير الترسانة المعروفة- و التي تبلغ 1300 طن من الأسلحة المخبأة- يعد خطوة مهمة. فقد سلمت سوريا يوم الاثنين الماضي آخر مخزونها عبر مرفأ اللاذقية السوري ليتم تحميله على سفينة هولندية و تدمير جزء منه بفلندا في حين سيتم تدمير بقية المواد المستعملة لصناعة هذه الأسلحة في عرض البحر على متن سفينة أمريكية وكذلك داخل بعض المنشآت بالولاياتالمتحدة و بريطانيا و ألمانيا. ويمكن اعتبار اتفاق 2013 طموحا، خصوصا لأن المواد المستعملة لصناعة تلك الأسلحة الكيماوية تم حصرها و إزالتها في خضم الحرب. ورغم ذلك لم ينهي تدمير تلك الأسلحة الحرب الأهلية السورية التي ذهب ضحيتها أكثر من 160 ألفا من المدنيين،و شردت الملايين،بالإضافة إلى وصول تداعياتها للعراق عبر مجموعة المقاتلين السنة المعروفة بالدولة الإسلامية في العراق و الشام. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد طلب في الأسبوع الماضي من الكونغرس منحه 500 مليون دولار أمريكي لتمويل المعارضة السورية، التي تسعى للإطاحة بنظام الأسد،غير أنه غير واضح لحد الآن إذا كان هذا الدعم كافيا لقلب الموازين على الأرض وكيفية ذلك. وتعد عملية إزالة الاسلحة الكيماوية إنجازا مهما لمنظمة حضر الأسلحة الكيمائية ،التي تضمنت اتفاقية لحضر هذه الأسلحة و التي عملت مع الاممالمتحدة لضمان تنفيذ سوريا لالتزاماتها المتفق بشأنها.إلا أن المجموعة التي حازت جائزة نوبل سنة 2013 لا يمكنها الحديث نهائيا عن عدم امتلاك سوريا للسلاح الكيماوي، فما زال هناك تفتيش للقيام به ،لاسيما و أن سوريا لم تدمر بعد ،كما طلب منها، عشرات المنشآت التي تستعمل لصناعة ومزج هذه المواد. غير أن الاتفاق بشان السلاح الكيماوي السوري يعتليه قصور مهم، حيث أن الأسلحة التي تصرح بها سوريا هي التي تدمر فقط.و من الممكن جدا أن يكون الأسد قد خبأ شحنة مهمة غير مصرح بها. ويمكن اعتبار استعمال الأسد لغاز "الكلور" مؤشرا على تراجعه عن التزاماته. وللإشارة ف"الكلور"، مادة كميائية مصنعة لكنها ليست ضمن قائمة المواد الكيميائية المحظورة، ومع ذلك يبقى استعمالها كسلاح خرقا لاتفاقية حضر الأسلحة الكيمائية. وتتحمل روسيا عبئا تقيلا لأنها مطالبة بإثبات أن بشار الأسد،حليفها في دمشق لا يخرق الاتفاق بأي شكل من الأشكال، في الوقت الذي يجب على المسؤولين الأمريكيين و المراقبين الدوليين أن يبقوا متيقظين. إلا أن النتائج تظهر رغم التحذيرات والتأخيرات على مدار تسعة أشهر حكمة الرئيس الأمريكي باكتفائه بالتهديد، والتراجع عن الضربة العسكرية ضد الأهداف السورية عندما اقترحت روسيا مفاوضات لإنهاء الأزمة بعد استخدام سوريا لغاز "السيرين" في غشت من سنة 2013 في مدينة الغوطة، والذي راح ضحيته مئات المواطنين. ومن أهم نتائج الاتفاق، الذي فرض على سوريا تسليم مخزونها من غاز "الخردل" والمواد الكيماوية لإنتاج غاز "السيرين" وغازات عصبية أخرى هو التقليل من الخطر على المدنيين الأبرياء. وتراجع الرئيس أوباما عن الضربة العسكرية التي لم تكن تحظى بدعم شعبي في الولاياتالمتحدة، والتي كانت من الممكن أن تجر أمريكا للحرب السورية،بالإضافة إلى اقتناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،الذي انتقد بشدة بسبب بيعه الأسلحة للأسد ومساعدته على عدوانه ،بالحل الدبلوماسي. كما تمت البرهنة على خطأ الانتقادات الموجهة لأوباما حول الاتفاق، لأن الأسلحة الكيميائية الآن خارج تصرف الدكتاتور المتوحش-الأسد- وبدون إطلاق رصاصة واحدة.