استعرض إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، اليوم الاثنين، في مؤتمر دولي بالعاصمة التونسية تجربة ومسار وخصوصيات العدالة الانتقالية في المغرب. وأبرز اليزمي، خلال المؤتمر الدولي لتنصيب "هيئة الحقيقة والكرامة" بتونس، التوجهات العامة التي تؤطر التجارب المشتركة للعدالة الانتقالية في العالم، واختلاف تفاعل كل دولة مع هذه التوجهات حسب الخصوصيات المميزة لمجتمعاتها تاريخيا واقتصاديا وسياسيا، أوضح أن للتجربة المغربية مجموعة من القيم المضافة، سواء في مجال جبر الاضرار، خاصة في مجال جبر الضرر الجماعي، أو في ما يتعلق بإدراج مقاربة النوع الاجتماعي "في تحليل ما جرى من عنف سياسي" إضافة إلى إسناد مهمة تتبع توصيات هيئة الانصاف والمصالحة من قبل الملك محمد السادس الى المجلس الاستشاري لحقوق الانسان. وذكر إدريس اليزمي في هذا السياق أن حوالي 17 الف و776 ضحية وذوي الحقوق استفادوا من التعويض المادي، من ضمن أكثر من 20 ألف طلب قدم لهيئة الانصاف والمصالحة، كما استفاد 13 الف و481 من هؤلاء من التأمين الصحي، و1231 منهم من الادماج الاجتماعي، في حين استفاد 540 ضحية من التسوية الادارية والمالية. وفي ما يتعلق ببرنامج جبر الضرر الجماعي أوضح المسؤول المغربي أن المجلس أشرف على تتبع، علاوة على تنفيذ 130 مشروعا ب11 اقليم بالمغرب، تمحورت حول أربع محاور رئيسية تتمثل في دعم القدرات التنموية للفاعلين، والحفظ الايجابي للذاكرة، وتحسين شروط عيش السكان، والنهوض بأوضاع النساء والاطفال. وفي مجال الارشيق والتاريخ والحفظ الايجابي للذاكرة أشار اليزمي إلى أن المجلس أشرف على إعداد العديد من المشاريع منها على الخصوص تنظيمه لاربع ندوات دولية حول التراث، في أفق إحداث ثلاثة متاحف بثلاث مدن مغربية (الحسيمة، والداخلة، وورزازات) ودار التاريخ المغربي، إضافة الى دعمه لإحداث ماجيستر حول التاريخ الراهن، ومركز الدراسات والابحاث الصحراوية بالجامعة، وإنشاءه للمركز المغربي للتاريخ الراهن، الذي تم تدشين مقره الرسمي في شهر شتنبر 2012. وعلى مستوى تفعيل توصيات متعلقة بالاصلاحات المؤسساتية والتشريعية، أشار اليزمي الى اتخاذ عدة مبادرات، منها تلك التي تتصف بالطابع الاستراتيجي والمهيكل، والمتمثلة في إصدار قانون للارشيف، وإعداد خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، وإعداد خطة عمل وطنية خاصة بالنهوض بثقافة حقوق الانسان، باعتبارها واحدة من الضمانات الاساسية لضمان عدم تكرار انتهاكات الماضي. وخلص الى أن هذه الأوراش الاصلاحية توجت بما كرسه الدستور المغربي الجديد من تأكيد على التزام المملكة المغربية بمبادئ وقيم حقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا، وتنصيص سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية، ومنع جميع أشكال التمييز، وحظر التعذيب، وجميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، علاوة على تنصيصه على مبدإ قرينة البراءة، والحق في المحاكمة العادلة، وحرية الفكر والرأي والتعبير، وحرية الصحافة، والحق في الحصول على المعلومة، وتعزيز المساواة بين الجنسين في جميع الميادين، والتأكيد على مبدأ المناصفة، وعلى إرساء دعائم استقلال السلطة القضائية وتعزيزها، عبر إحداث المجلس الاعلى للسلطة القضائية، ومنع أي تدخل في القضايا المعروضة على القضاء، والرقي بالمجلس الدستوري الى محكمة دستورية باختصاصات موسعة.