أكد عامر ذياب التميمي، الكاتب المختص في الاقتصاد، إن المغرب من البلدان العربية التي تجاوزت المحن السياسية وحققت درجة جيدة من الاستقرار الأمني، وعززت إمكاناتها الاقتصادية. وأضاف التيميمي، في مقال له نشرته صحيفة "الحياة" السعودية، إن المغرب استطاع جذب مستثمرين من بلدان الخليج وليبيا وفرنسا ي القطاع السياحي، وغيره. وفي ما يلي نص المقال كاملا: يمكن أن نفترض أن المغرب من البلدان العربية التي تجاوزت المحن السياسية وحققت درجة جيدة من الاستقرار الأمني، وعززت إمكاناتها الاقتصادية بما يتلاءم مع أهداف التنمية الوطنية. والمغرب بلد عربي يتمتع بحجم سكاني كبير بلغ 34 مليون شخص تقريباً عام 2016، فيما ساوى الناتج المحلي الإجمالي نحو 110 بلايين دولار، ولذلك قُدِّر متوسط دخل الفرد بنحو ثلاثة آلاف و314 دولاراً. معلوم أن هناك نسبة مهمة من المغاربة تعاني الفقر وانخفاض الدخل أو غياب الوظائف المستقرة، كذلك يزعم العديد من الاقتصاديين المغاربة بأن توزيع الدخل في البلاد لا يتّسم بالعدالة والكفاءة. ويُقدَّر معدل البطالة في البلاد ب9.5 في المئة من إجمالي قوة العمل التي يقارب تعدادها 11.7 مليون شخص. ويتوزع العاملون بين القطاعات الاقتصادية الأساسية كالتالي: 44.6 في المئة في القطاع الزراعي و19.8 في المئة في قطاع الصناعات التحويلية و35.5 في المئة في قطاع الخدمات. وذلك يعني أن القطاع الزراعي ما زال يستوعب العديد من العاملين، ما يشير إلى أهمية هذا القطاع في الاقتصاد المغربي. ويُعتبر نشاط استخراج الفوسفات وإنتاجه من أهم الصناعات في المغرب، ويُعَد المغرب ثالث دولة في العالم في إنتاج هذه المادة، وهو يملك 75 في المئة من مخزونات الفوسفات الطبيعية في العالم. وتبلغ مساهمة صادرات الفوسفات في إجمالي الصادرات المغربية 35 في المئة، ويمثل هذا النشاط خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وعملت الحكومة المغربية لحفز المستثمرين الأجانب على توظيف أموالهم في عمليات استخراج الفوسفات وإنتاجه خلال السنوات الماضية، وذلك من خلال قوانين استثمار مثالية، كما ساعدت الأوضاع السياسية المستقرة والتحولات السياسية السلمية التي عززت الديموقراطية والنظام القانوني، على خلق بيئة اقتصادية متوائمة مع متطلبات المستثمرين. ويشرف المكتب الشريف للفوسفات، وهو هيئة حكومية قائمة منذ العام 1920، على إنتاج الفوسفات وتصديره، وقُدِّرت إيرادات هذا المكتب عام 2015 ب 4.5 بليون دولار، في حين بلغ الدخل الصافي للمكتب 562 مليون دولار. ويكاد الفوسفات بإنتاجه وتصديره، يوازي النفط في بلدان نفطية، وإن لم تكن المداخيل عالية في شكل واضح. بيد أن حجم المخزون الطبيعي واستمرار الطلب العالمي يجعلان من المغرب بلداً استراتيجياً للمتعاملين مع هذه المادة. والمغرب منذ زمن طويل، بلد جاذب جداً للسياح من البلدان الأوروبية وعدد من البلدان الآسيوية والأميركيتين. وتتبنى الحكومة المغربية منذ سبعينات القرن الماضي، سياسة طموحة لتطوير الفنادق والمنتجعات في مختلف المدن الكبرى والصغرى. لذلك، أمنت أراضي للمطورين ومدتهم بالتحويلات الميسرة من خلال «القرض العقاري والسياحي»، وهو مصرف شبه حكومي يمنح القروض للمشاريع السياحية وفق شروط ميسرة. ووُفِّقت السلطات المغربية في جذب مستثمرين من بلدان الخليج وليبيا وفرنسا، وغيرها من بلدان ذات صلات متينة مع المغرب، للمساهمة في المشاريع السياحية. يضاف إلى ذلك، أن الحكومات المغربية المتعاقبة، ومنذ عهد الملك الحسن الثاني، طورت البنية التحتية المتمثلة بالطرق والموانئ والمطارات والسكك الحديد ومشاريع بنية تحتية أخرى أساسية لا بد من توافرها لتأكيد نجاح نشاط المشاريع السياحية. وظل عدد الزوار يتراوح بين 10 و10.5 مليون شخص سنوياً خلال العقد الحالي. وقُدِّرت مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي بثمانية بلايين دولار تمثل 8.1 في المئة من قيمة الناتج. ويشمل القطاع السياحي الفنادق ووكلاء السفر وشركات الطيران ووكالات النقل العام وغيرها من مؤسسات اقتصادية ذات صلة. ويقارب عدد العاملين في القطاع حوالى 800 ألف شخص يمثلون سبعة في المئة من إجمالي العاملين في البلاد. يعتمد المغرب على تطوير علاقاته الاقتصادية مع دول الاتحاد الأوروبي، إذ تمثل هذه الدول أهم الشركاء التجاريين للمغرب، ويساهم الأوروبيون كثيراً في الاستثمار الأجنبي في البلاد. يُضاف إلى ذلك، أن عدداً كبيراً من المغاربة المقيمين والعاملين في بلدان الاتحاد يحولون أموالاً كبيرة لذويهم. وتُعتبَر فرنسا أهم الشركاء التجاريين مع المغرب، وتمثل 20.9 في المئة في صادرات المغرب التي بلغت 27 بليون دولار عام 2013، وتأتي إسبانيا في المرتبة الثانية بنسبة 19.9 في المئة. وتحتل إسبانيا وفرنسا المرتبتين الأوليين للشركاء التجاريين المصدرين إلى المغرب، وذلك بنسبة 14 في المئة و12.7 في المئة على التوالي من قيمة الاستيراد البالغة 40 بليون دولار. وواضح أن المغرب يحرص على الحفاظ على علاقات اقتصادية متينة مع بلدان الاتحاد الأوروبي تتوازى مع تطوير الأوضاع السياسية والاقتصادية لديه، بما يتوافق مع كثير من المعايير السائدة في أوروبا. * المصدر: صحيفة الحياة