يشارك فريقاً من عشرة لاجئين في أولمبياد ريو دي جانيرو، ولكل فرد منهم قصة مميزة، لكن قصة السباحة السورية يسرى مارديني لها طابع خاص وتشكل مصدر إلهام لكل اللاجئين حول العالم. في بلادها، أصوات القذائف والمدافع تحرم الأطفال من النوم والقتل والذبح يتصدران الأخبار كل يوم.. ارادت يسرى أن تهرب رفقة 20 شخصاً من أبناء بلدها على متن قارب متجه نحو أوروبا، فغرق القارب بعد نصف ساعة وبات الموت حتمياً.. لكن يسرى رفضت أن تهزم في ميدانها وإستطاعت أن تصنع معجزة بإنقاذها عشرين شخصاً من الغرق بالقرب من جزيرة ليزبوس اليونانية… في وجهها براءة الأطفال، لكن شجاعتها تفوق شجاعة أقوى الرجال. في شهر آب من سنة 2015، كانت يسرى تبلغ من العمر 17 سنة، حين وقعت الكارثة التي كادت أن تودي بحياتها وحياة 20 شخصاً كانوا معها في رحلة الهروب من الحرب، من بينهم أختها سارة التي ساعدتها في إنقاذ المسافرين. كان الأمر بمثابة المهمة المستحيلة، إذ أن يسرى كان عليها السباحة لمدة ثلاث ساعات ونصف في المياه المجلدة، علماً أنه من بين المسافرين العشرين لم يكن يجيد السباحة سوى هي وأختها وشابين، ومن بين الأشخاص التي انقذتهم، كان هناك ولد عمره ست سنوات فقط… لم تكتف يسرى بالسباحة والقتال حتى الرمق الأخير لتحافظ على حياتها وحياة أبناء بلدها، بل قامت بكل ذلك بإبتسامة وفرح وحاولت أن تطمئن الجميع أنهم سيكونون بخير … في الرياضة، هناك ابطال على صعيد محلي، وهناك ابطال على صعيد عالمي يحققون شهرة واسعة، وهناك ابطال يتحدون أصعب الظروف وينقذون أرواح الآخرين، ويسرى مارديني تنتمي إلى هذه الفئة من الأبطال. حطت يسرى الرحال في برلين حيث تتدرب يومياً مع المدرب الألماني سفين سبنكربس في ساعات الصباح الأولى، قبل أن تذهب إلى المدرسة مع اترابها وتعود مجدداً إلى ميدان السباحة في المساء. كان من المقرر أن يتم تحضيرها من أجل الألعاب الأولمبية عام 2020 التي ستقام في العاصمة اليابانية طوكيو، إلا أن تطورها الهائل جعلها مهيأة للمشاركة في سباقي ال100 متر فراشة وال100 متر سباحة حرة في ألعاب ريو دي جانيرو 2016، والأكيد أن ما حصدته أثمن بكثير من ميدالية ذهبية، فهي باتت بطلة عالمية في السباحة لأنها استخدمت قدراتها في السباحة لكي تنقذ 20 شخصاً من الغرق وهذا أعظم بكثير من الظفر بميدالية اولمبية.. يسرى مارديني أصبحت مصدر إلهام لكل اللاجئين حول العالم، فهي تحثهم على مضاعفة جهودهم وعدم فقدان الأمل بتحقيق أحلامهم.. ولسوريا مكانة خاصة في قلب يسرى التي تعتزم العودة في يوم من الأيام إلى وطنها الأم لكي تنقل تجربتها إلى الأجيال القادمة. في قصة يسرى، رسالة مفادها أن الرياضة بإمكانها أن تكون السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة، وان اللاجئين يستطيعون تحقيق أحلامهم بقوة الإصرار والمثابرة.