لا أدري إن أردنا تصنيف بداية هذا الموسم أين سنضعه وأي لقب يستحق، ولعل المتتبع لأحوال الكرة المغربية قد لفت انتباهه جملة المشاكل التي أصبحت تتصدر عناوين كل دورة، فعوض أن يثير انتباهنا عروض المباريات والأهداف والإقصائيات، بات تركيزنا منصبا على ما يمكن أن تفرزه كل دورة بعد انتهائها من مشكل أو أزمة تتعلق بحكم أو مدرب أو مسير أو لاعب·· هكذا سارت الدورات تنصرم دون أن نسعد بجمالية المباريات ولا بالأهداف، بل حتى معشر الصحفيين وكل وسائل الإعلام انساقت وراء تيار الأزمات، وكأن بكرة القدم أصبحت عنوانا للمشاكل، مع أنها خلقت للمتعة والترفيه·· والواقع أن المسار الذي تسير عليه البطولة لا يبشر بالخير وينذر لأزمة حقيقية قادمة لا محالة، فعندما تهضم الحقوق ويتم تخطي القوانين ويعاقب اللاعبون والمدربون والأندية حسب عواهن أصحاب القرار ونزواتهم الرعناء، فذلك إيذانا بعاصفة أخرى تهدد كرة القدم· والأكيد أن لجنة القوانين والأنظمة التي يرأسها محمد قداري تستحق وشاح لقب البطولة، لأنها سرقت الأضواء حقا من مدربين ولاعبين بقراراتها الجائرة والمثيرة للجدل، ترفع أطراف وتسقط آخرين، فغالبا ما تلقى قراراتها اندهاشا واحتجاجا، فمن توقيف عادل حليوات لاعب أولمبيك آسفي مدى الحياة إلى حرمان الكوكب المراكشي من ملعبه وجمهوره وإعادة نقطة كانت قد خصمت للوداد، وعندما أصاب الكسل هذه اللجنة في قضية محسن متولي وحتى لا تحرك القوانين فإنها رأت أن توافق عقوبة فريقه بتوقيفه إلى أجل غير مسمى· مشكلة أخرى أثارها فريق أولمبيك أسفي عندما اتهم لجنة القوانين والأنظمة بالتآمر، وبأن الفريق بات مستهدفا من طرف رئيس اللجنة محمد قداري، ولم تقف الهفوات عند عقوبات لجنة القوانين، بل أن لجنة التحكيم هي الأخرى تعيش مشاكل جمة، فعندما يسقط الحكام في أخطاء قاتلة وفي فخ الإتهامات، وعندما تتحدث لجنة التحكيم عن إيقاف الحكم عبد الله العاشيري بينما يؤكد الأخير أنه لم يكن موقوفا ولم يتوصل بأي بلاغ، بل ابتعاده كان نتيجة لإصابة في ركبته، فإن ذلك يؤكد المهزلة الأخرى التي يعيشها التحكيم المغربي· عدوى الأزمات الكرة المغربية انتقلت إلى قسم الهواة والعصيان الذي تثيره أغلب الأندية التي لم تصل بعد إلى حل يرضيها بشأن صيغة البطولة وعدد أنديتها في الأشطر الأربعة، إذ رغم انطلاق أولى دوراتها فإن الحل لازال هاربا· ولم يسلم عرين الأسود من التشويش عندما صرخ فتحي جمال مساعد المدرب روجي لومير بصوت مرتفع أن هناك لوبيات في جلباب السمامرة ينشطون في الخفاء، وأن هناك مؤامرات تحاك في الكواليس، فالمنتخب الوطني هو الآخر لم يسلم من الفيروسات والمشاكل، وهو الذي يشكل أحد المقدسات في عرف اللعبة· مع الأسف وقياسا بما نشاهده من مشاكل هي أشد إيلاما وقساوة على منتوجنا الكروي الذي يسير في منحذر خطير، فما نتابعه من تصرفات وقرارات رعناء وهاوية يؤكد أن سماء كرتنا متلبدة بغيوم ستعصف بها، هي غيوم من صنع هؤلاء الذين يتلاعبون ويعبثون بلعبتنا·· لقد دمروا أنديتهم ويسيرون اليوم إلى تدمير الكرة المغربية· فإلى متى سيستمر هذا النزيف؟ ألم يحن الوقت لإعلان إفلاسهم والرحيل؟