مؤكد أن اتحاد طنجة سيكون راضيا على النتائج التي سجلها إلى غاية الدورة 19، بدليل أنه يتباهى باحتلاله المركز الأول عن جدارة واستحقاق، وهو مركز يبقى مميز لفريق، عاش عدة أحدات في الشطر الأول من البطولة، أهمها ما تعلق بالجانب التقني، ثم البداية المتواضعة، قبل أن يتحول فارس الشمال إلى فريق يترنح ويتعذب إلى متصدر يحصد لانتصار تلو الآخر طفرة النتائج الإيجابية، بمجرد وضع الثقة في مدرب مساعد إسمه ادريس المرابط، الذي تحول في ظرف قياسي إلى قائد لثورة تقنية ورقمية بفارس البوغاز. سنوات الضياع ترنح اتحاد طنجة ل 8 سنوات بقسم الظل، وعاش عدة مشاكل داخلية ومالية، وبدا أن فارس الشمال قد استأنس بالقسم الثاني، وحالت هذه المشاكل دون نجاحه في العودة إلى قسم الأضواء، واعتبر المتتبعون أن هذا الفريق لا يستفيد من إمكانياته، سواء الإقتصادية أو الاستراتيجية وكذا من شغف جمهوره، فكان لا بد من وضع قطيعة مع كل أشكال التخبط والمشاكل للعودة بالفريق إلى مكانه الطبيعي. فكانت سنة 2015 فاتحة خير على اتحاد طنجة، مع المدرب أمين بنهاشم أو مهندس الصعود، الذي أعاد فارس الشمال إلى مكانه الطبيعي، وكان هذا الصعود تحصيل حاصل لتلاحم جميع مكونات الفريق. لا للإنتظار ترقبت مكونات الفريق، كيف ستكون عودة الاتحاد، وبأي حال سيظهر هذا الفريق في قسم الأضواء، وهل سينجح في الصمود ويتفادى لعب دور المصعد مثلما تفعل عدة أندية؟ الأجوبة جاءت سريعة بعد أن استطاع اتحاد طنجة أن يتألق في موسمه الأول، وينسجم مع قسمه الجديد، فسجل نتائج جيدة في حضرة المدرب عبدالحق بن شيخة الذي وضع إدارة الفريق الثقة في خبرته وتجربته، رغم أنه كان منتظرا أن يواصل أمين بنهاشم رحلته مع الفريق بعد أن أعاده للدرجة الأولى. فأنهى الفريق الترتيب في المركز الثالث في واحدة من أنجح المواسم، إذ فاجأ فارس البوغاز كل خصومه، رغم أنه عائد للتو من قسم المظاليم، لكنه انسجم بسرعة وتوج جهوده بتمثيل الكرة المغربية في الموسم الموالي في كأس الكونفدرالية الإفريقية. الزاكي والتجربة القصيرة بعد سنتين في الدرجة الأولى دخل اتحاد طنجة هذا الموسم عهدا جديدا مع الزاكي بادو، الذي عاد للبطولة المغربية بعد تجربة ناجحة مع شباب بلوزداد، وفاز معه بكأس الجزائر. وأراد المكتب المسير للفريق أن يبدأ صفحة جديدة، خاصة أن الموسم الثاني لم يكن فيه الإتحاد متوهجا مثلما كان في الموسم الأول، حيث رحل عبدالحق بن شيخة، وتم الإستنجاد بخبرة الزاكي بادو، وذلك لاستعادة تألق الفريق. وأحدث الزاكي بادو ثورة في التركيبة البشرية، حيث غادر الفريق مجموعة من اللاعبين، فيما استقطب أسماء أخرى، لتعزيز صفوف الفريق، غير أن الملاحظ في انتداباته أنه اعتمد على مجموعة من اللاعبين الذين يفتقدون للتجربة والخبرة وراهن على الفتوة. خيبة الكأس راهن اتحاد طنجة على الذهاب بعيدا في منافسة كأس العرش، ووضعها مسؤولو اتحاد طنجة ضمن أولوياتهم، خاصة أن المدرب الزاكي بادو انضم لطنجة وهو متوج بهذا اللقب من الجزائر. البداية كانت أمام اتحاد طنجة الذي أقصي بصعوبة، وأحرج كثيرا فرسان طنجة بعد أن انتهت مباراة الذهاب بطنجة بهدف لمثله قبل أن يفوز في الإياب للاشيء في الإياب بهدف سجله المهدي النغمي من ضربة جزاء، واصطدم اتحاد طنجة في الدور 16 بالدفاع الجديدي، وكان اختبارا صعبا لأشبال المدرب الزكي بادو، وانتهت مباراة الذهاب بالجديدة بالتعادل من دون أهداف، قبل أن ينجح الفريق الدكالي في إنهاء مباراة الإياب بالتعادل بهدف لمثله، ليقضي على أحلام اتحاد طنجة، الذي خرج من المنافسة. بداية غير متوقعة توقع الكل أن بداية اتحاد طنجة ستكون قوية، في ظل التغييرات التي قام بها، وكذا تواجد المدرب الزاكي بادو صاحب الخبرة والتجربة، وتوقع الكل بعد الفوز الكبير في أول مباراة على نهضة بركان برباعية نظيفة، أن اتحاد طنجة سيكون له شأن هذا الموسم، إلا أن النتائج جاءت عكس التوقعات، حيث حقق أربعة تعادلات متتالية، وخسر بعد ذلك على أرضه أمام الجيش بهدف للاشيء، ثم سجل تعادلا على أرضه، قبل أن يخسر في الدورة الثامنة أمام أولمبيك أسفي. رحيل متوقع والإستنجاد بالمرابط كانت مباراة أولمبيك أسفي في الدورة الثامنة، آخر حضور للمدرب الزاكي بادو، حيث أقيل بعدها لسوء النتائج، بحصيلة أجرى خلالها 8 مباريات ونال 8 نقاط، من فوز واحد و5 تعادلات وهزيمتين، وجرى الإتفاق على رحيله بعد أن استعصى عليه تحقيق الإنتصارات. ولم يتأخر اتحاد طنجة طويلا في إيجاد البديل للزاكي، حيث استقر منذ أول مباراة على مساعده وإبن الفريق ادريس المرابط، الذي منحه المكتب المسير الفرصة لقيادة الفريق كمدرب رسمي. كلمة السر هل يملك ادريس المرابط عصا سحرية؟ وما الوصفة التي وضعها هذا المدرب الذي تحول من مساعد إلى ربان للفريق، ليجعل من اتحاد طنجة فريقا تعذب في بداية الموسم إلى متصدر للبطولة عن جدارة واستحقاق. الأرقام تتحدث عن نفسها بعد أن سجل المرابط منذ تعاقده مع الفريق 9 انتصارات وتعادلين، لكن الرقم المثير، كان هو تحقيقه 8 انتصارات متتالية. وسمح منصب المرابط الأول كمدرب مساعد من معرفة الخلل الذي يشكو منه الفريق، وما كان يحتاجه فريقه لاستعادة توازنه فكان أن غيَر من الطريقة التي كان يتعامل بها المدرب السابق الزاكي بادو، أكان على مستوى التواصل، إذ كان أقرب للاعبين وأكثر تواصلا معهم، فأظهر نوعا من السلاسة في تعامله وتوصله معهم. أما من الناحية التقنية، فقد تجنب المرابط الصرامة التكتيكية التي كان ينهجها سابقه، ومنح لهم هامشا من الحرية في الملعب وفي كيفية تدبير المباريات. نقطتان على المستوى التواصل وطريقة للعب جمعهما قاسم واحد، هي الليونة التي تسلح بها المرابط تواصليا وتقنيا، وهي كلمة سر هذا المدرب الذي غيَر كثيرا من روح الفريق دون استثناء طبعا التغييرات البشرية لتي قام بها. هل يملك شخصية البطل؟ أعادت النتائج الرائعة الثقة لاتحاد طنجة، ورفعت من معنويات جميع مكونات الفريق، وبات الكل يتطلع لمستقبل أفضل، خاصة بعد أن تم منح الفرصة لادريس المرابط إبن الفريق والعارف بخبايا البيت الطنجاوي، ولعل السؤال الذي أضحى يدغدغ كل المتتبعين، هو هل يملك اتحاد طنجة شخصية البطل، وهل بإمكانه أن يحافظ على نسقه التصاعدي كي لا تخدعه السرعة النهائية؟ كثيرة إذن هي الأسئلة التي تحوم حول هذا الفريق قبل إسدال الستار على البطولة، لكن الشيء الأكيد ورغم تحفظ المدرب والمكتب المسير لتفادي الضغط على اللاعبين، ومخافة بيع الوهم للجمهور، فإن الأخير يؤمن بقدرة فريقه على الذهاب بعيدا هذا الموسم، ليكون منافسا قويا على الدرع.