مباراة هولندا مع المغرب في ثالث المواجهات التاريخية ستكون مغايرة تماما عن وقائع المبارتين الماضيتين التي أقيمتا رسميا عام 1994 بمونديال الولاياتالمتحدةالأمريكية، ووديا بملعب أرينا الهولندي عام 1999 مباشرة بعد الأداء الرائع لأسود الأطلس بمونديال فرنسا 1998، ويأتي الإختلاف أصلا في طبيعة الأحداث التي عنونت المواجهتين ومدى قيمة الأجيال التي عايشت الحدثين من طينة عالية لا يؤثثها أصلا منتوج البطولة الوطنية حاليا، وإن كان الفريق الوطني قد خسر بمونديال 1994 كل المباريات أمام بلجيكا بهدف لصفر والسعودية بهدفين لواحد في أكبر المفاجآت العملاقة، وأخيرا أمام هولندا بهدفين لواحد، فإن ما قدمه أصلا يثبت أن الحظ والإستهانة كانتا من العوامل الرئيسية للإقصاء مع جيل كبير من الأسماء المحلية كالحارس زكرياء العلوي والحضريوي والطاهر الخلج وحبابي وعبد المجيد بويبود والصمدي وناضر والبهجة والشاوش وآخرون وأخرى محترفة أتت البيت بخبرتها الإحترافية أمثال نكروز والتريكي والعزوزي وحجي، وكان لهدا المونديال المغربي دلالات إستوحاها البعد التناغمي بين المحليين والمحترفين الذين غزوا العرين بإستئذان خاص وملاحم جيل الغربة. وإرتباطا بمباراة هولندا، كان الأسود في محطة الرصد الأخير والإنهزامي الذي كان يعطي الأفضلية لهولندا وتأهلها في المجموعة علما أن مباراة بلجيكا خسرها الأسود بالحظ وخسروا مباراة السعودية بإستهجان في وقت كانت الكرة السعودية آنذاك قد تطورت ورفعت الكوطة بوصولها إلى العالمية. وهو النزال الذي أسقط الأسود نهائيا من الدور الأول قبل مواجهة هولندا بنجومها العالمية، ويأتي تكرار المواجهة الهولندية بعد خمس سنوات وبعد الوجه الألمعي لأسود الأطلس في مونديال 1998، التقى الطرفان بأمستردام بجيل آخر من الوجوه الدولية التي رصعتها البطولة الوطنية من قبيل الحارس فوهامي ونيبت وروسي وأبرامي وعادل رمزي وشيبو وشيبا وكماتشو وبصير وغيرهم في عهد هنري ميشيل وآخرون من رواد المهجر، وجاء النزال على نحو مبهر بأرينا الهولندية وبجماهير مغربية فاقت كل التوقعات ولو أن بعضا من نجوم هولندا التي كانت تلعب مع البارصا لم يتسن لها الحضور في الموقعة الودية وآل النزال بفوز المغرب بذات الكشكول المغربي من البطولة مع ملح محترفين يقودهم طبعا مصطفى حجي في وقت كان نجوم البطولة قد غزو البطولات الفرنسية والإسبانية والتركية. واليوم تتكرر صورة المواجهة لكن بالمغرب هذه المرة وبمعايير جديدة من التغييرات التي طالت المنتخبين، أولها كون الفريق الوطني غير الإتجاه المعاكس نحو الدوليين المحترفين بالمهجر بالنظر إلى غياب القناعة الكاملة للمنتوج الوطني منذ 2004 إلى اليوم وأصبح الهرم مقلوبا بين الإتكال على محترفي المهجر وقلة الدوليين من البطولة الوطنية في سياق غياب إرادة تطوير لاعب البطولة لكفاءاته ومطامحه الأوروبية وتحول فقط للخليج العربي دون مطامح الدولية، ومن هنا أصبح الفريق الوطني بنسبة 90 في المائة مشكلا من عرائس بطولات أوروبا إلى اليوم. وثانيا كون هذه المباراة عرفت في منحنى الخصم متغيرات جديدة على صيرورته بين الزمن الجميل وزمن اللحظة التي يعاني فيها صعوبات كبيرة في مطامح التأهل إلى كأس العالم 2018 بالنظر إلى وضعية النتائج السلبية التي حصدها في خمس مباريات وعجلت بالتالي إلى إقالة الناخب داني بليند من قبل الجامعة الهولندية والإستنجاد بالناخب ديك أدفوكات لتفكيك هذه المعضلة وإيجاد الحلول والبدائل لرفع درجة وحرارة التأهل في المجموعة، ما يعني في شق متغيرات الزمن أن المدرب أدفوكات سيعود أيضا أمام المغرب لمواجهة الأسود مع مساعده رود غوليت مثلما كان الحال عليه في مونديال 1994، وأكثر من ذلك غير ذات الناخب معطى تغييب سبعة عناصر أساسية للمنتخب الهولندي لإراحتها دون المغامرة بها أمام المغرب وربما حتى الكوت ديفوار وديا لكونه سيلاقي منتخب الليكسومبوغ في التاسع من يونيو ولا يريد أن يصاب أي من السبعة كقيادات المنتخب. وهو بذلك يعزز ترسانة الطواحين برؤية أخرى لعناصر يراها جديرة بالمتابعة عن قرب لأنه يعرفها جيدا حتى ولو كان بعيدا عن المنتخب لأنه كان مرتبطا بنادي فنرباشس التركي . ومن هنا تبدو صورة المباراة الهولندية رغم وديتها ليست بالهامة هولنديا كمفتاح للعب أمام الليكسومبورغ ولكنها مباراة تجريبية يريد منها أدفوكات الرمي بالعناصر الأخرى كخلف إضافي للغائبين. وبذلك سنعيش معا ودية أخرى بلون الأسود الجديد بعيد كل البعد عن زمن التسعينيات وأجيال البطولة بلوك قليل من المحترفين.