كأس الأمم الأفريقية هي البطولة الرسمية للمنتخبات التي ينظمها الاتّحاد الإفريقي لكرة القدم كلّ سنتين لتحديد بطل القارة السمراء، ويصنّفها الاتّحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بأنها إحدى أفضل وأقوى بطولات كرة القدم في العالم، وذلك لشدّة تنافس المنتخبات المشاركة فيها على لقب البطولة، إذ دائماً ما يشارك في منافساتها عددٌ كبيرٌ من أهم وأفضل نجوم الأندية الأوروبية المختلفة، حتى أن العديد من المحلّلين والخبراء يقيِّمونها على أنها بطولة أمم أوروبية ثانية لكون معظم اللاعبين المشاركين فيها يلعبون في أهم وأكبر الدوريات الأوروبية مثل الدوري الإنكليزي والدوري الفرنسي والألماني. وتعتبر بطولة أمم أفريقيا القادمة في جنوب أفريقيا هي نقطة تحوّل جديدة في تاريخ البطولة العريقة، إذ أنها المرّة الأولى منذ بطولة عام 1965 التي تُقام فيها البطولة في السنوات الفردية، إذ أن الاتّحاد الأفريقي لكرة القدم قام بهذا التحوّل حتى لا تُقام النهائيات في نفس السنة التي تُقام فيها نهائيات كأس العالم، حيث كان يمثّل ذلك مشقّة كبرى على المنتخبات المؤهَّلة لخوض نهائيات كأس العالم، حيث تضطر للعب بطولتين كبيرتين في عام واحد، مما يجعلها لا تتعامل بنفس الأهمية المطلوبة مع كأس الأمم الأفريقية وهو ما لوحظ بشكل واضح في البطولات الأخيرة. كما أن هناك سبباً آخر بالغ الأهمية من إقامة البطولة في السنوات الفردية، وذلك حتى لا تضطر منتخبات القارة السمراء لخوض التصفيات المؤهّلة إلى المونديال وأمم أفريقيا بالتوازي مما يسبّب إجهاد لاعبي المنتخبات الأفريقية إضافة إلى ارتباك رزنامة تلك المنتخبات بشكل واضح. تاريخ عريق وتعود البداية الحقيقية لكأس الأمم الأفريقية إلى الثامن من يونيو عام 1956 عندما اجتمع عبدالعزيز سالم ومحمد لطيف والسودانيون عبد الحليم شداد وبدوي محمد وعبدالحليم محمد والجنوب أفريقي فرد ويل ليناقشوا فكرة تأسيس الاتّحاد الأفريقي وإطلاق مسابقة بين منتخبات القارة الأفريقية، وبالفعل تمّ الاتّفاق على انطلاق البطولة بمشاركة منتخبات مصر وجنوب أفريقيا والسودان وإثيوبيا، وأن تستضيف السودان البطولة الأولى، ولكن بعد انتهاء الاجتماع التأسيسي انسحبت جنوب أفريقيا من البطولة الأولى بسبب سياسة التمييز العنصري التي كانت تنتهجها ورغبة حكومتها في إرسال منتخب يضمّ بين صفوفه اللاعبين ذوي الأصل الأوروبي فقط. البطولة الأولى أقيمت البطولة الأولى في السودان واستضافها الملعب البلدي في الخرطوم، وأوقعت القرعة منتخبي مصر والسودان في المباراة الافتتاحية، بينما تقرّر أن يلعب المنتخب الإثيوبي مع الفائز مباشرة في النهائي. ولُعبت بذلك أوّل مباراة في تاريخ البطولة بين مصر والسودان في العاشر من فبراير عام 1957، وسجّل رأفت عطية مهاجم الزمالك والمنتخب المصري وقتها اسمه بأحرف من ذهب في سجلّات كرة القدم الأفريقية بتسجيله أوّل هدف في تاريخ البطولة، وانتهت المباراة بفوز مصر بهدفين مقابل هدف، والتقى المنتخبان المصري والإثيوبي في المباراة النهائية وانتهى اللقاء بفوز مصر بأربعة أهداف دون ردٍّ ليتوّج المصريون بلقب النسخة الأولى من كأس الأمم الأفريقية. وكان يقود المنتخب المصري في ذلك الوقت المدرّب الوطني مراد فهمي ليسجّل نفسه كأوّل مدرب وطني يحقّق اللقب في تاريخ البطولة. مصر تستضيف النسخة الثانية كان طبيعياً أن تستضيف مصر النسخة الثانية من البطولة والتي انطلقت يوم الجمعة 22 مايو عام 1959، بمشاركة معتادة من السودان وإثيوبيا إلى جانب الدولة المنظّمة. وتم تعديل نظام البطولة، حيث تقرّر أن يُلعب دوري من دور واحد لتتلاقى المنتخبات الثلاثة مع بعضها البعض، والتقى المنتخب المصري مع نظيره الإثيوبي في الافتتاح وانتهى اللقاء بفوز مصر بأربعة أهداف دون ردٍّ، ثم فازت السودان على إثيوبيا في المباراة الثانية بهدف دون ردٍّ ليلتقي مصر والسودان في المباراة الثالثة والأخيرة يوم الجمعة 29 أيار/مايو وانتهى اللقاء بفوز مصر بهدفين مقابل هدف واحد لتحتفظ مصر بلقب البطولة. البطولة الثالثة في إثيوبيا وانطلقت النسخة الثالثة من البطولة عام 1962 واستضافتها إثيوبيا بمشاركة ثلاث دول أخرى هي مصر وتونس وأوغندا، ولعبت المباراة الافتتاحية يوم الأحد 14 ناير وانتهت بفوز إثيوبيا على تونس بأربعة أهداف مقابل هدفين، بينما فازت مصر على أوغندا بهدفين مقابل هدف واحد. وأقيمت في هذه البطولة أوّل مباراة لتحديد المركز الثالث، وانتهت بفوز تونس على أوغندا بثلاثية نظيفة، بينما التقت مصر مع إثيوبيا في النهائي وانتهى اللقاء بفوز إثيوبيا بأربعة أهداف مقابل هدفين في مباراة شهدت شوطين إضافيين لأوّل مرّة في تاريخ بطولات القارة السمراء، وتوّجت بذلك إثيوبيا بالبطولة الأولى والأخيرة في تاريخها. تطوّر كبير في النسخة الرابعة وشهدت البطولة الرابعة التي استضافتها غانا عام 1963 تطوّراً كبيراً، إذ أنها أوّل بطولة تلعب بنظام المجموعتين، وازداد عدد المنتخبات المشاركة فوصل إلى ستة منتخبات، وضمّت المجموعة الأولى: غانا وإثيوبيا وتونس، بينما لعبت السودان مع مصر ونيجيريا في المجموعة الثانية، وتأهّل منتخبا غانا والسودان إلى المباراة النهائية مباشرةً بعد أن تصدّرا مجموعتيهما. وانتهت المباراة النهائية بفوز غانا على السودان بثلاثية نظيفة ليتوّج المنتخب الغاني بأوّل لقب في تاريخه، كما حصل المنتخب المصري على المركز الثالث بعد فوزه على إثيوبيا (3-0)، وتصدّر المهاجم المصري حسن الشاذلي لائحة هدّافي البطولة برصيد ستة أهداف. واستمرّت سيطرة المنتخب الغاني على لقب البطولة بعد أن توّج بلقب كأس الأمم الأفريقية الخامسة، التي استضافتها تونس عام 1965 والتي أُقيمت بنفس نظام البطولة السابقة، واقتنص منتخب النجوم السوداء لقب البطولة بعد تغلّبه على نسور قرطاج في المباراة النهائية (32)، وتساوى في صدارة الهدّافين كلٌّ من كوفى وأشيم بونغ من غانا ومانغل من كوت ديفوار ولكلٍّ منهما 3 أهداف. زيادة عدد المنتخبات وحدث التطوّر الثاني في عدد منتخبات القارة السمراء المشاركة في النهائيات في النسخة السادسة، التي استضافتها إثيوبيا عام 1968، حيث شارك في البطولة ثمانية منتخبات، وسجّلت هذه البطولة المشاركة الأولى في تاريخ منتخبات الجزائر وجمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقاً) والسنغال والكونغو. وحقّق منتخب جمهورية الكونغو مفاجأة كبرى بفوزه على منتخب غانا بطل القارة وقتها في المباراة النهائية بهدف دون ردّ، ونال لاعب كوت ديفوار بوكو لقب الهدّاف ب 6 أهداف. واستضافت السودان النسخة السابعة من البطولة، التي شهدت مشاركة أسود الكاميرون لأوّل مرّة في تاريخهم، ونجح المنتخب السوداني في القبض على لقب البطولة لأوّل مرّة في تاريخه بعد فوزه على منتخب غانا في المباراة النهائية بهدف دون ردٍّ، وواصل الإيفواري بوكو سيطرته على لقب الهدّاف للمرّة الثانية على التوالي بعد إحرازه 8 أهداف. ظهور مغربي في البطولة الثامنة وبدأت منتخبات القارة السمراء تهتمّ إلى حدّ كبير بالمشاركة في النهائيات، وشهدت البطولة الثامنة التي استضافتها الكاميرون عام 1972 المشاركة الأولى للمنتخب المغربي والمالي إضافة إلى منتخبي كينيا وتوغو وغابت مصر عن المشاركة في البطولة، ولم تشارك أيضاً في بطولتي 1965 و1968. وبرغم أن منتخب مالي كان حديث العهد بالمشاركة، فإنه تألّق بشدّة ووصل إلى المباراة النهائية بقيادة نجمه الكبير ساليف كيتا الحائز على الكرة الذهبية عام 1972. وتمكّن منتخب الكونغو من إيقاف مفاجآت مالي وتغلّب عليه في النهائي بثلاثة أهداف مقابل هدفين، ونال ساليف كيتا لقب هدّاف البطولة برصيد خمسة أهداف. وعادت مصر للمشاركة بقوّة في البطولة بعد أن استضافت نسختها التاسعة التي شهدت المشاركة الأولى لمنتخبي موريشيوس وزامبيا، وكان الفراعنة هم المرشّحون الأوفر حظاً للفوز باللقب، إلا أنهم سقطوا في مفاجأة مدوّية أمام منتخب جمهورية الكونغو الديمقراطية (23). وحصل منتخب جمهورية الكونغو الديمقراطية «زائير سابقاً» على اللقب الثاني في تاريخه عقب فوزه على زامبيا في المباراة النهائية بهدفين دون ردٍّ، وكان المنتخبان قد تعادلا في المباراة النهائية الأولى (2-2) ليعاد اللقاء، وهي المرّة الأولى والأخيرة في تاريخ كأس الأمم الأفريقية التي تعاد فيها المباراة النهائية. وتوّج الزائيري مولومبا بلقب هدّاف البطولة عقب تسجيله لتسعة أهداف، وهو رقم تاريخي لم يكسر حتى الآن. المغرب ثالث دولة عربية تتوّج باللقب وبحلول النسخة العاشرة من البطولة عام 1976 كانت ملامح البطولة قد تحدّدت تماماً حيث أصبحت تقام كلّ سنتين بمشاركة ثمانية منتخبات، واستضافت إثيوبيا النسخة العاشرة التي شهدت تتويج المنتخب المغربي باللقب وهي ثالث دولة عربية تتوّج باللقب عقب مصر عامي 1957 و1959 والسودان سنة 1970، وتمّ تغيير نظام التنافس في الدور نصف النهائي للمرّة الأولى والأخيرة في تاريخها، حيث تمّ تصعيد المنتخبات الأربعة صاحبة المركزين الأوّل والثاني في مجموعتي الدور الأوّل، وهي منتخبات: المغرب وغينيا ونيجيريا ومصر، وخاضت هذه المنتخبات دوري من دور واحد انتهى بفوز المنتخب المغربي باللقب بعد أن حصل على المركز الأوّل برصيد سبع نقاط، بينما حصل اللاعب الغيني ليا نجو على لقب الهدّاف برصيد أربعة أهداف. غانا تحصد اللقب الثالث واستضاف المنتخب الغاني البطولة الحادية عشرة عام 1978 ونجح في الفوز باللقب للمرّة الثالثة في تاريخه، بعد فوزه في المباراة النهائية على منتخب أوغندا بهدفين دون ردٍّ، ونال كلٌّ من الأوغندي فيليب أوموندي والنيجيري أوديغبامي والغاني أوبوكو أفريايي لقب هدّاف البطولة وكلّ منهم أحرز ثلاثة أهداف. ودخل المنتخب النيجيري الملقّب بالنسور الخضراء على خط المنتخبات الفائزة باللقب، وذلك عندما استضاف النسخة الثانية عشرة من البطولة، عام 1980، ونجح النيجيريون في التتوّيج باللقب الأوّل في تاريخهم عقب فوزهم في المباراة النهائية على المنتخب الجزائري بثلاثة أهداف دون ردٍّ، وتصدّر الهدّافين كلٌّ من سيغون أوديغبامي من نيجيريا وخالد لبيض من المغرب ولكلٍّ منهما 3 أهداف. واستضافت ليبيا البطولة الثالثة عشرة للمرّة الأولى في تاريخها، وتمكّن المنتخب الغاني من بسط سيطرته ونفوذه على لقب البطولة، بعد أن فاز بها للمرّة الرابعة في تاريخه بفوزه على الدولة المضيفة في النهائي، بركلات الترجيح (7-6)، عقب تعادل المنتخبين في الوقتين الأصلي والإضافي بهدف لهدف، وهي البطولة الأولى التي يتمّ حسم اللقب فيها بضربات الترجيح. وحصل الغاني جورج الحسن على لقب هدّاف البطولة برصيد 4 أهداف. اللقب الأوّل للكاميرون وتمكّن المنتخب الكاميروني من الفوز باللقب الأوّل في تاريخه في البطولة الرابعة عشرة التي استضافتها كوت ديفوار عام 1984، واستطاعت أسود الكاميرون الفوز على النسور الخضراء النيجيرية بثلاثة أهداف مقابل هدف في المباراة النهائية، وحصل المنتخب الجزائري على المركز الثالث في البطولة عقب فوزه على الفراعنة بثلاثة أهداف مقابل هدف، ونال المصري طاهر أبو زيد لقب الهدّاف برصيد 4 أهداف.