إنتهى الموسم الكروي (20152016) بتتويج الفتح الرباطي بطلا، لكن التحكيم ظل يراوح مكانه كالعادة، إحتجاجات وإنتقادات، والغريب في الأمر أنه منذ الدورة العاشرة إشتعلت هذه الإحتجاجات على التحكيم بسبب الأخطاء المتراكمة والتي خلفت ردود فعل قوية من طرف الأندية المتضررة التي رأت أن هذه الأخطاء أصبحت مؤثرة في مسارها، بل مقلقة إلى حد كبير، خاصة في مباريات ذات حساسية كبيرة، علما أنه في الموسم الماضي حدثت نفس المشاهد ما جعل رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع يتدخل ويعفي مدير مديرية التحكيم يحيى حدقة من التعيينات، وأوكلها للحكم الدولي السابق مصطفى الزهر وعبد المجيد بورا الإداري بالجمارك والذي لم يسبق له أن كان حكما، لتصبح المديرية مجرد أداة تقترح لائحة التعيينات وتوجهها للجنة المركزية للتحكيم التي تبقى لها كامل الصلاحية في البث أوالمصادقة عليها، وفي غالب الأحيان هي من تضيف بعض الحكام لمباريات معينة. لكن، مع تزايد وثيرة الإحتجاجات وارتفاع مؤشر الأخطاء، أعاد رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع السيد يحيى حدقة إلى الواجهة وعينه مسؤولا مباشرا على تعيينات الحكام. وبرغم التغييرات التي طالت المديرية واللجنة المركزية للتحكيم فإن وثيرة الإحتجاج أصبحت في تزايد مستمرمع تراكم أخطاء فادحة من حكام هم في بداية مشوارهم مع عالم الكرة. المديرية بأربعة رؤوس أمام المتغيرات التي أحدثتها الجامعة على مستوى قطاع التحكيم، بادر يحيى حدقة مدير مديرية التحكيم لتقليص عدد الأعضاء واكتفى بأربعة فقط، في الوقت الذي اشتغلت فيه المديرية السابقة التي كان يرأسها محمد الكزاز بتسعة أعضاء، والأعضاء الأربعة هم الحكم السابق عبد الله العاشيري، مع الإستعانة بخدمات كل من مصطفى ليدر، والحكم الدولي السابق سعيد الطاهري، والحكمة السابقة خديجة رزاك، هذا التقليص يبدو أنه إنعكس على أداء المديرية التي كان يجب أن تستفيد من خبرة وتجربة جيل الحكماء الذين تألق معهم التحكيم المغربي، الشيء الذي جعل المديرية تجد نفسها أمام مجموعة من الملفات المستعصية، بل تفاقم الوضع ببروز مشاكل تهم بالأساس التعيينات وكثرة الإحتجاجات من طرف الأندية الوطنية. التعيينات خلقت الجدل شكلت التعيينات واحدة من علامات الإستفهام المثيرة في الموسم المنقضي، تارة بعدم وجود التوازن بين العصب من حيث عدد الثلاثيات، وتارة في تعيين حكام يفتقدون للتجربة في مباريات كبيرة، وإذا ما إستحضرنا التجربة السابقة فإن عبدالرحيم العرجون هو من كان مسؤولا عن التعيينات بحكم أنه حكم دولي سابق وراكم تجربة مهمة في التحكيم ونجح بشكل كبير في مهمته بفضل قراءته المسبقة لبرنامج المباريات. إلا أنه بعد التغيير الذي جرى على مستوى هيكلة المديرية واللجنة المركزية للتحكيم، بدا السؤال غريبا، من يعين الحكام؟، ليتضح فيما بعد أن رئيس الجامعة فوزي لقجع الذي يشغل مهمة رئيس اللجنة المركزية للتحكيم عين عبد المجيد بورا الموظف بإدارة الجمارك نائبا له وهو الذي إستقطب الحكم الدولي السابق مصطفى الزهر، وهما معا من تكلف بالتعيينات منذ الموسم الماضي بداية من الدورة 15، لتحدث ثورة جديدة قادها رئيس الجامعة عندما قرر أن يكون يحيى حدقة هو المسؤول المباشرعن التعيينات. توقيفات بدون إشعار في أول خطوة قامت بها المديرية واللجنة المركزية للتحكيم في إطار الإنفتاح على مكونات الكرة الوطنية بدأت في نشر العقوبات الصادرة في حق حكام كرة القدم الوطنية بالموقع الإلكتروني للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، هذه الخطوة عارضها الحكام لكونها « تشهر «بهم، وتلحق بهم ضررا معنويا وضغطا نفسيا كبيرا في المباريات، وفيما بعد نتج خلاف بين من وافق على هذه المبادرة التي جاءت تنفيذا لقرار صدرعن رئيس اللجنة المركزية فوزي لقجع، ومن عارضها بدعوى أن الإشهار سيزيد من حجم الضغط الممارس على الحكام وقد يفقدهم التركيز بعدالعودة من العقوبة، لتكون الخلاصة فيما بعد سحب العقوبات من موقع الجامعة بعد الملتمس الذي تقدم به الحكام لرئيس الجامعة. 6 الرقم المرعب للحكام يشكل المراقب المحور المهم في معاقبة الحكام وتوقيفهم عن الممارسة لمدد معينة، لكونه هو من يتابع عن قرب أداء الحكم في المباراة التي يتم تعيينه فيها، وهو من يحدد نوعية ومدة العقوبة على حسب الأخطاء التي إرتكبها الحكم، وتظل النقطة التي يتضمنها تقرير المراقب هاجس كل الحكام، وهي النقطة 6 التي تعني الغياب عن لائحة التعيينات في الأسبوع المقبل، في الوقت الذي يرى فيه البعض بأن هذا الرقم فيه نوع من عدم المكافأة، لكن السؤال الذي يطرحه الحكام، هو لماذا لا يتوصلون بتقارير المناديب أو المراقبين للإطلاع عليها؟ هل يستمر النزيف؟ لم تقف أخطاء الحكام عند دورة واحدة أو دورتين بل أصبحنا أمام أخطاء تتكررفي كل دورة، ما يخلق لدى الأندية إرتباكا كبيرا خاصة عندما تتعرض للهزيمة. في الواقع لم يكن غريبا أن يصل التحكيم بعد مرور ثماني دورات دون احتساب الدورة الأربعائية إلى ذات المستوى وذات المشاكل التي أضحى يعاني منها التحكيم، فما كشفت عليه الدورات الأولى في الموسم المنقضي من أخطاء جسيمة وهاوية كان ينذر أن هناك شيئا ما لا يرام وأنه سيأتي اليوم الذي ستضيق منه الأندية ذرعا من أصحاب البذلة السوداء أو ما بات يحملون اليوم من ألوان مزركشة، وسيأتي اليوم الذي ستنتفض فيه الأندية بلاعبيها ومدربيها ومسيريها وجمهورها جراء أخطاء الحكام، إنطلقت البطولة بمجموعة من أخطاء الحكام وتمنينا أن تكون هذه الأخطاء مجرد هفوات عابرة على اعتبار أن الحَكم يبقى في الأخير بشرا والخطأ جزء من الإنسان، وجل من لا يخطئ، بيد أن توالي الدورات أكد أن الأمر أكبر مما نتصور، مشكل بات يهدد التحكيم باعتباره رقما صعبا في معادلة تطور المنتوج الكروي.